السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في اللغة العربية هناك فرق بين كلمتي ( الحية ) و( الثعبان) .. الحية تطلق
على الصغير ... بينما يطلق الثعبان على الكبير المخيف...
انظروا كيف كانت دقة القرآن التى أعجزت العرب حينما استخدم الكلمتين الموقف الأول : عندما كان موسى سائراً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها فناداه الله أن يلقي عصاه. ( قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) هذا مناسب لسيدنا موسى عليه السلام لأن المطلوب أن يرى معجزة وليس المطلوب أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية صغيرة الموقف الثانى : عندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه ( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ) فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق موسى فتحولت هنا إلى ثعبان الموقف الثالث : عندما اجتمع السَّحَرة و ألقوا حبالهم و عصيّهم و سحروا أعين الناس فألقى موسى عصاه ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ) لا نجد أي حديث في هذا الموقف عن ثعبان أو حية فلماذا ؟ إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى، كما قال تعالى: ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) و هنا ليس المطلوب أن يخاف الناس من الثعبان، و ليس المطلوب أن تتحول العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا و تلتهم جميع الحبال و العصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة و الناس بأن حبالهم ليست إلا سحر باطل، و عصا موسى تمثل الحق و الصدق و لذلك يقول تعالى : ( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) - سبحان الله العظيم على الدقة المعجزة، حقاً لا يمكن إحلال كلمة مكان أخرى فى القرآن في سورة الشعراء "فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين\",و في سورة طه "فألقاها فإذا هي حية تسعى\" فهل هي ثعبان أم حية, أي هل هي ذكر أم أنثى؟ لا تعارض بين الآيتين، فإن الحية تطلق على الذكر والأنثى معا، وأما الثعبان فهو الذكر، كما قال ابن عباس، فقد ذكر البخاري في الصحيح أن ابن عباس قال: الثعبان الحية الذكر منها. وذكرابن حجر في الفتح قولا آخر في الثعبان، وهو أنه يطلق على الكبير من الحيات ذكرا كان أو أنثى. وبمثل ما قال ابن حجر في القولين يقول الزرقاني والعيني وصاحب اللسان. وإذا ثبت القولان بقي احتمال الذكورة والأنوثة فيها موجودا، مع أنه ليس هناك كبير فائدة من معرفة كونها ذكرا أو أنثى. وقد ذكر بعض أهل العلم أنها كانت في أول الأمر حية صغيرة على قدر العصا، ثم تضخمت فأصبحت ثعبانا عظيما. والله أعلم.