عمرو بن الجموح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي
بن أسد بن ساردة بن تزيد ، بن جشم بن الخزرج الأنصاري السلمي الغنمي .
والد معاذ ، ومعوذ ، وخلاد المذكورين ، وعبد الرحمن ، وهند .
[ ص: 253 ] روى ثابت البناني : عن عكرمة ، قال : قدم مصعب بن عمير المدينة يعلم الناس
، فبعث إليه عمرو بن الجموح : ما هذا الذي جئتمونا ؟ قالوا : إن شئت جئناك ، فأسمعناك القرآن . قال : نعم .
فقرأ صدرا من سورة يوسف ، فقال عمرو : إن لنا مؤامرة في قومنا - وكان سيد بني سلمة -
فخرجوا ، ودخل على مناف فقال : يا مناف ، تعلم -
والله - ما يريد القوم غيرك ، فهل عندك من نكير ؟ .
قال : فقلده السيف وخرج ، فقام أهله فأخذوا السيف ، فلما رجع
قال : أين السيف يا مناف ؟ ويحك ! إن العنز لتمنع استها ، والله ما أرى في أبي جعار غدا من خير .
ثم قال لهم : إني ذاهب إلى مالي فاستوصوا بمناف خيرا .
فذهب ، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر ،
فلما جاء قال : كيف أنتم ؟ قالوا : بخير يا سيدنا ، طهر الله بيوتنا من الرجس
. قال : والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف
. قالوا : هو ذاك ، انظر إليه في ذلك البئر . فأشرف فرآه ، فبعث إلى قومه
فجاءوا ، فقال : ألستم على ما أنا عليه ؟ قالوا : بلى ، أنت سيدنا .
قال : فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد .
قال : فلما كان يوم أحد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
: " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين "
. فقام - وهو أعرج - فقال : والله لأقحزن عليها في الجنة . فقاتل حتى قتل .
وعن عاصم بن عمر أن إسلام عمرو بن الجموح تأخر ، وكان له صنم يقال له مناف ،
وكان فتيان بني سلمة قد آمنوا ، فكانوا يمهلون ، حتى إذا ذهب الليل [ ص: 254 ] دخلوا بيت صنمه فيطرحونه
في أنتن حفرة منكسا ، فإذا أصبح عمرو غمه ذلك ، فيأخذه فيغسله ويطيبه
، ثم يعودون لمثل فعلهم ، فأبصر عمرو شأنه وأسلم ، وقال أبياتا منها :
والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن أف لمثواك إلها مستدن
فالآن فتشناك عن شر الغبن
روى محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ( ح ) وفطر بن خليفة ، عن حبيب بن أبي ثابت ( ح ) ،
وابن عيينة ، عن ابن المنكدر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال : " يا بني سلمة ، من سيدكم ؟ قالوا : الجد بن قيس ،
وإنا لنبخله . قال : وأي داء أدوى من البخل ؟ ! بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح " .
قال الواقدي : لم يشهد بدرا - كان أعرج - ولما خرجوا يوم أحد منعه بنوه ،
وقالوا : عذرك الله . فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكوهم ، فقال :
" لا عليكم أن لا تمنعوه ; لعل الله يرزقه الشهادة " . [ ص: 255 ]
قالت امرأته هند أخت عبد الله بن عمرو بن حرام : كأني أنظر إليه قد أخذ درقته
وهو يقول : اللهم لا تردني . فقتل هو وابنه خلاد .
إسرائيل : عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى : أن عمرو بن الجموح قال لبنيه :
أنتم منعتموني الجنة يوم بدر ، والله لإن بقيت لأدخلن الجنة . فلما كان يوم أحد ،
قال عمر : لم يكن لي هم غيره ، فطلبته ، فإذا هو في الرعيل الأول .
قال مالك : كفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام في كفن واحد .
مالك : عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح
وابن حرام كان السيل قد خرب قبرهما ، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما ، فوجدا لم يتغيرا ،
كأنما ماتا بالأمس . وكان أحدهما قد جرح ، فوضع يده على جرحه ، فدفن كذلك ،
فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت ، فرجعت كما كانت .
وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة .