عرض مشاركة واحدة
قديم 26 - 9 - 2014, 12:38 AM   #108



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4396يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي أهلا بكم ..
إن لله عباداَ أسكنهم دار السلام , فأخمصوا البطون عن مطاعم الحرام , و أغمضوا الجفون عن مناظر الحرام , قيدوا الجوارح عن فضول الكلام , و طووا الفرش و قاموا في جوف الظلام , طلبوا الحور الحسان من الحي الذي لا ينام , فلم يزالوا في نهارهم صيام , و في ليلهم قيام , حتى أتاهم ملك الموت عليهم السلام,فارقوا الدنيا على أن يكون ملتقاهم الجنة , سموا.. و سعوا إلى دار ليس فيها ما يشينها , دار لا يفني فيها ما يزينها .. دار لا يزول عزها .. و لا يزول تمكينها .. قال الله عن تلك الدار و عن ساكنيها : {إن لك أن لا تجوع فيها و لا تعرى و إنك لا تظمى فيها و لا تضحى } فيا الله ما أتم نعيمهم .. و ما أتم تكريمهم .. و ما أصون حريمهم .. و ما أكرم كريمهم .. و أظرف حديثهم .. منحوا الخلود .. أفترقو في الدنيا على أمل أن يكون اللقاء في الجنة .
دفعني إلى كتابة الموضوع : إلى تشويق النفوس إلى ما أعده الله لأهل الطاعات , و بيان خسارة أولئك الذين آثروا الشهوات ,دفعني إلى الموضوع حتى يزيد الصالح في صلاحه ,و يثبت الثابت على استقامته و على مكانه , فأي فوز أعظم من الفوز بجنات النعيم ..و رؤية الرحمن الرحيم ..قال يحي أبن معاذ ترك الدنيا شديد , و فوان الجنة أشد , و ترك الدنيا هو مهر الجنة )
لي معكم في هذا اللقاء خمس وقفات و خمس تأملات :
الوقفة الأولى : آيات و تفسير .
الوقفة الثانية : من أخبار المشتاقين .
الوقفة الثالثة : الملتقى الجنة .
الوقفة الرابعة : ما أهون ما بذلوا في عظيم ما نالوا .
الوقفة الخامسة : الطريق الجنة .

فهيا ننطلق مع الوقفة الأولى : آيات و تفسير :

جاء من ذكر الجنة في القرآن الكثير الكثير تثبيت للعاملين ,و تشويق للمشتاقين قال سبحانه { وجوه يومئذ ناعمة *لسعيها راضية *في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغيه }
قال المفسرون: معنى قوله {ناعمة } أي في نعمة و كرامة و قوله { لسعيها راضية } أي أنها رضت ثواب عملها الذي كانت تعمله في الدنيا و قوله {في جنة عالية } أي عالية المنازل متفاوتات الدرجات و قوله { لا تسمع فيها لا غيه } أي لا تسمع فيها كلام لغوا أو باطل كما قال سبحانه { لا يسمعوا فيها لغوا و لا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما } .
ثم بين ما في تلك الجنان من نعيم فقال سبحانه :{ فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة *و أكواب موضوعة * و نمارق مصفوفة *و زرابي مبثوثة }
قال أبن عباس رضي الله عنه : في قوله تعالى :{ فيها سرر مرفوعة } قال : ألواحها من ذهب مكللة بالزبردج و الياقوت مرتفعة ما لم يجيء أهلها فإذا جاءوا و أرادوا الجلوس تواضعت لهم حتى يجلسوا عليها فإذا قاموا عادت و ارتفعت إلى مكانها و قوله { و أكواب موضوعة } و هي الأباريق التي لا عري لها موضوعة عندهم و قوله { و نمارق مصفوفة } هي الوسائد مصفوفة ‘إلى جنب بعضها و قوله { و زرابي مبثوثة } هي الطنافس أي البسط و الفرش كثيرة متفرقة , هذا بعض ما فيها أما الحق الذي نعرفه فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر .
و أسمع و أسمعي عن أدناهم منزلة و أعلاهم منزلة في الجنان روى مسلم في صحيحه عن المغيرة أبن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : سئل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة قال الله لموسى : هو رجلا يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له : أدخل الجنة فيقول : أي ربي كيف و قد نزل الناس منازلهم و أخذوا أخذتهم؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا فيقول : رضيت ربي فيقول له : لك ذلك و مثله و مثله و مثله و مثله فقال في الخامسة : رضيت ربي فيقول : و لك هذا و عشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذة عينك فيقول : رضيت ربي – لا إله إلا الله هذا أدناهم منزلة فما أعلاهم منزلة – قال : - أي موسى-: ربي فما أعلاهم منزلة قال الله : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي و ختمت عليها فلم ترى عينا و لم تسمع أذنا و لم يخطر على قلب بشر قال : و مصداقة في كتاب الله عز و جل : { فلا تعلم عينا ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } فماذا كان عملهم حتى جزاهم و نظرا و وجوههم ؟! و قال عنهم { وجوه يومئذ ناظرة * إلى ربها ناظرة } و قال وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة }
فأسمع رعاك الله عن تلك الوجوه .. وجوه طالما غسلتها الدموع .. و جوه طالما أذلها الخشوع .. وجوه ظهر عليها الاصفرار من الجوع .. وجوه إذا ذكرت أذعنت و ذلت .. وجوه ألفت الركوع و السجود فما كلت و ما ملت.. وجوه توجهت إلى ربها و ما نكصت على أعقابها و تولت .. وجوه سارت في الدنيا بين الرجاء و الخوف.. رجاء دخول الجنان و الخوف من النيران .. لسان حالهم في دنياهم كما قال ربهم جلا في علاه :{ إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقهم الله شر ذلك اليوم و لقاهم نظرة و سرورا * و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا و لا زمهريرا * و دانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلا * و يطاف عليهم بانية من فضة و أكواب كانت قوارير * قوارير من فضة قدروها تقديرا * و يسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * و يطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا * و إذا رأيت ثم رأيت نعيما و ملك كبيرا * عليهم ثياب سندس خضر و إستبرق و حلوا أساور من فضة و سقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هذا كان لكم جزاء و كان سعيكم مشكورا } سعيكم مشكورا إذ صبرتم على طاعتي .. سعيكم مشكورا إذ صبرتم عن معصيتي .. سعيكم مشكورا إذ صبرتم على الأذى في سبيلي ..

صبرت عن اللذات حتى تولت *** و ألزمت نفسي هجرها فاستمرت
و كانت على الأيام نفسي عزيزة *** فلما رأت صبري على الذل ذلت
و ما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن توقت تاقت و إلا تسلت

أسمعي و أسمع بعض من سعيهم كما قال ربهم { قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * و الذين هم عن اللغو معرضون * و الذين هم للزكاة فاعلون * و الذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن أبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * و الذين هم لأمنتهم و عهدهم راعون * و الذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )
اللهم اجعلنا مما يقال لهم يوم العرض الأكبر { أدخلوها بسلام آمنين }

الوقفة الثانية : من أخبار المشتاقين .

روى أبن المبارك عن مولى لأبى ريحانة قال : قفل أبا ريحانة من بعث غزا فيه فلما أنصرف أتى أهله فتعشى من عشائهم ثم دعى بوضوء و توضأ منه ثم قام إلى مسجده – يعني مصلاه في بيته – فقرأ سورة ثم أخرى ولم يزل كذلك مكانه كلما فرغ من سورة أفتتح الأخرى حتى إذا أذن المؤذن من سحر شد عليه ثيابه فأتته امرأته فقالت : يا أبا ريحانة قد غزوت فتعبت فبي غزوتك ثم قدمت فلم يكن لي منك حظ و لا نصيب فقال : بلى و الله ما خطرتِ لي على بال و لو ذكرتكِ لك على لك حق قالت : فما الذي شغلك عنا يا أبا ريحانة ؟ قال : لم يزل قلبي يهيم فيما وصف الله في جنته من لباسها و أزواجها و نعيمها و لذاتها حتى سمت المؤثر , الله أكبر لما سمع القوم قوله تعالى :{ فاستبقوا الخيرات } و قوله : { و سابقوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها كعرض السماء و الأرض } فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة .
قال الحسن : (إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسة أنت في الآخرة ) و قال رحمة الله من نافسك في دينك فنافسة و من نافسك في دنياك فألقها في نحره )
أعلم رعاك الله .. و أعلمي بارك الله فيكِ ..
أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم , و على قدر أهل الكرم تأتي المكارم , قام رجل من الصالحين يصلي من الليل فمر بقوله تعالى :{ و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض } فجعل يرددها و بيكي حتى أصبح ملما أصبح قيل له : أبكتك آيه ما مثلها يبكي إنها جنة عريضة واسعة فقال : يا أبن أخي و ما ينفعني عرضها إن لم يكن لي فيها موضع قدم }

فيا عجباَ كيف ينام طالبها *** و كيف لم يسمح مهرها خاطبها

و كيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها ؟.. و كيف قر دونها أين المشتاقين ؟.. و كيف صبرت عنها أنفس الموقنين ؟.. و كيف صدفت عنها قلوب أكثر العالمين ؟.. و بأي شي تعوضت عنها نفوس المعرضين ؟..

فسل المتيم أين خلف صبره ؟ *** في أي وادي أم بأي مكانٍ ؟
أترى يليق بعاقل بيع الذي يفنى *** و هذا وصفه بالفاني ؟!!

أعلم رعاك الله .. و أعلمي بارك الله فيكِ .. أن من جد وجد .. و من سهر ليس كمن رقد .. و من لم تبكي الدنيا عليه لم تضحك الآخرة له .. لسان حال المشتاقين ..

إذا أشتغل اللهون عنك بشغلهم *** جعلت اشتغالي فيكِ يا منتهى شغلي

عن كريب أنه سمع أسامة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إلا هل من مشمر للجنة ؟ فإن الجنة لا خطر لها , و رب الكعبة نور يتلالى , و ريحانة تهتز , و قصر مشيد , و نهر مضطرد , و ثمرة نضيجة , و زوجة حسناء جميلة , و حلل كثيرة , في مقام أبد , في دار سَلِمة , و فاكهة خضراء , و حبرة و نعمة , في مجلة عالية بهية , قالوا : نعم يا رسول لله نحن المشمرون قال : قولوا إن شاء الله فقال القوم : أن شاء الله ) هنيئا لهم سمعوا الأوصاف و الأخبار .. فشمروا .. و صدقوا الأقوال بالأفعال .. علموا أن السلعة غالية.. فقدموا الثمن من الأنفس و الأموال .. لان الله أشترى وهم باعوا و الثمن الجنة .. وعد صادق .. و عهد سابق .. و من أصدق من الله قيلا ..
أسمع خبر من أخبارهم قتل يوم بدر حارثة العابد الزاهد الملازم للمساجد فجاءت أمه أم الربيع إلى الرسول صلى الله عليه و سلم جاءت شاكية باكية قالت يا رسول الله أخبرني عن حارثة أين هو في النار فأبكيه أم في الجنة فأفرح لما هو فيه ؟ قال : يا أم حارثة أمجنونة أنت؟! أهبلتي ؟! إنه ليست جنة و لكنها جنان و إن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) قال الله جلا في علاه :{ إن الذين أمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا } و قال جل في علاه :{ ‘ن الذين أمنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربك بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و أخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين }

لله قوم أخلصوا في حبه *** فأختصهم و رضى بهم خداماَ
قوم إذا هجم الظلام عليهم *** قاموا فكانوا سجدا و قياما
يتلذذون بذكره في ليلهم *** و نهارهم لا يفترون صياما
فسيفرحون بورد حوض محمد *** و سيسكنون من الجنان خياما
و سيغنمون عراسا بعراسِ *** و يبوءون من الجنان مكانا
و تقر أعينهم بما أخفى لهم *** و سيسمعون من الجليل سلاما
هذا طريقم فأين السالكون ؟.. و هذا وصفهم فأين المشمرون ؟..
كان رجلا من الموالي أسمه صهيب و كان يكثر القيام في الليل و البكاء فعوتب على ذلك فقال : إن صهيبا إذا ذكر الجنة طال شوقه و إذا ذكر النار طار نومه .
الوقفة الثالثة : الملتقى الجنة .

عن رافع أبن عبد الله قال : قال لي هشام أبن يحي الكناني : لا أُ حدثنك حديثا رأيته بعيني و شهدته بنفسي قلت : حدثني يا أبا الوليد قال : غزونا أرض الروم سنة ثمان و ثلاثين و كنا رفقة من أهل البصرة و أهل الجزيرة و كنا نتناوب الخدمة و الحراسة و إعداد الطعام و كان معنا رجل يقال له سعيد أبن الحرث ذو حظ من عبادة يصوم النهار و يقوم الليل و كنا نحرص على تخفيف النوبة عليه لطول قيامه و كثرة صيامه فكان يأبى إلا القيام بكل المهمات و ما رأيته في ليلا و لا نهار إلا في حالة جد و اجتهاد , فأدركني و إياه النوبة ذات ليلة في الحراسة و كنا قد حاصرنا حصنا من حصون الروم علينا فرأيت من سعيد في تلك الليلة من الجلد و الصبر على العبادة ما جعلني أحتقر نفسي أنه فضل الله يوتيه من يشاء فلما أصبح الصباح لم ينم فقلت له : خفف على نفسك فلنفسك عليك حق و النبي صلى الله عليه و سلم يقول أكلفوا من العمل ما تطيقون ) فقال لي : يا أخي إنما هي أنفاس تعد و عمر يفنى و أيام تنقضي فأنا رجل ينتظر الموت في أي لحظة فبكيت لجوابه و دعوة الله لي و له بالعون و التثبيت ثم قل : نم قليلا لتستريح فإنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو فنام تحت ظل خيمته و تفرق أصحابنا في أرض المعركة و أقمت موضعي أحرس رحالهم و أصلح طعامهم فبينما أنا كذلك إذ سمعت كلاما يأتي من ناحية الخيمة فتعجبت فليس هنا إلا سعيدا نائما ظننت أن أحد جاءه و لم أره فذهبت إلى جانب الخيمة فلم أرى أحد و سعيدا على حاله نائما إلا أنه كان يتكلم في نومه و يضحك أصغيت إليه و حفظت كلامه ثم مد يده و هو نائم كأنه يأخذ شيئا ثم ردها بلطف و هو يضحك ثم قال: الليل إذا ثم وثب من نومه و أستيقظ و هو يرتعد من نومه خائفا فاحتضنته إلى صدري حتى سكن و هدأ و جعل يهلل و يكبر و يحمد الله فقلت: ما شانك ؟ فقد رأيت منك عجبا و سمعت منك عجبا فحدثني بما رأيت قال : أعفني من ذلك فذكرته حق الصحبة و قلت : لعل الله ينفعني بما تقول فحدثني عما رأى في منامه قال : جاني رجلان لم أرى قط مثل صورتهما كمالا و حسنا فقالا: أبشر يا سعيد فقد غُفر ذنبك , و شُكر سعيك , و قُبل عملك , و أستيجب دعائك , و عجلت لك البشرى في حياتك فأنطلق معنا حتى ترى ما أعد الله لك من النعيم قال : فأتيت على حور, و قصور, و جواري, و غلمان, و أنهار, و أشجار, فأدخلوني في قصري ثم إلى دار فيه حتى انتهيت إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقالت لي : قد طال انتظارنا إياك فقلت لها : أين أنا ؟ قالت : أنت في جنة المأوى قلت : و من أنتي ؟ قالت : أنا روجتك الخالدة , فمددت يدي إليها فردتها بلطف و قالت : أما اليوم فلا إنك راجع إلى الدنيا قلت : لا أريد الرجوع فقالت : لابد من ذلك و ستقيم هناك – يعني في الدنيا- ثلاثا ثم تفطر عندنا
الوقفة الثالثة : الملتقى الجنة .

عن رافع أبن عبد الله قال : قال لي هشام أبن يحي الكناني : لا أُ حدثنك حديثا رأيته بعيني و شهدته بنفسي قلت : حدثني يا أبا الوليد قال : غزونا أرض الروم سنة ثمان و ثلاثين و كنا رفقة من أهل البصرة و أهل الجزيرة و كنا نتناوب الخدمة و الحراسة و إعداد الطعام و كان معنا رجل يقال له سعيد أبن الحرث ذو حظ من عبادة يصوم النهار و يقوم الليل و كنا نحرص على تخفيف النوبة عليه لطول قيامه و كثرة صيامه فكان يأبى إلا القيام بكل المهمات و ما رأيته في ليلا و لا نهار إلا في حالة جد و اجتهاد , فأدركني و إياه النوبة ذات ليلة في الحراسة و كنا قد حاصرنا حصنا من حصون الروم علينا فرأيت من سعيد في تلك الليلة من الجلد و الصبر على العبادة ما جعلني أحتقر نفسي أنه فضل الله يوتيه من يشاء فلما أصبح الصباح لم ينم فقلت له : خفف على نفسك فلنفسك عليك حق و النبي صلى الله عليه و سلم يقول أكلفوا من العمل ما تطيقون ) فقال لي : يا أخي إنما هي أنفاس تعد و عمر يفنى و أيام تنقضي فأنا رجل ينتظر الموت في أي لحظة فبكيت لجوابه و دعوة الله لي و له بالعون و التثبيت ثم قل : نم قليلا لتستريح فإنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو فنام تحت ظل خيمته و تفرق أصحابنا في أرض المعركة و أقمت موضعي أحرس رحالهم و أصلح طعامهم فبينما أنا كذلك إذ سمعت كلاما يأتي من ناحية الخيمة فتعجبت فليس هنا إلا سعيدا نائما ظننت أن أحد جاءه و لم أره فذهبت إلى جانب الخيمة فلم أرى أحد و سعيدا على حاله نائما إلا أنه كان يتكلم في نومه و يضحك أصغيت إليه و حفظت كلامه ثم مد يده و هو نائم كأنه يأخذ شيئا ثم ردها بلطف و هو يضحك ثم قال: الليل إذا ثم وثب من نومه و أستيقظ و هو يرتعد من نومه خائفا فاحتضنته إلى صدري حتى سكن و هدأ و جعل يهلل و يكبر و يحمد الله فقلت: ما شانك ؟ فقد رأيت منك عجبا و سمعت منك عجبا فحدثني بما رأيت قال : أعفني من ذلك فذكرته حق الصحبة و قلت : لعل الله ينفعني بما تقول فحدثني عما رأى في منامه قال : جاني رجلان لم أرى قط مثل صورتهما كمالا و حسنا فقالا: أبشر يا سعيد فقد غُفر ذنبك , و شُكر سعيك , و قُبل عملك , و أستيجب دعائك , و عجلت لك البشرى في حياتك فأنطلق معنا حتى ترى ما أعد الله لك من النعيم قال : فأتيت على حور, و قصور, و جواري, و غلمان, و أنهار, و أشجار, فأدخلوني في قصري ثم إلى دار فيه حتى انتهيت إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقالت لي : قد طال انتظارنا إياك فقلت لها : أين أنا ؟ قالت : أنت في جنة المأوى قلت : و من أنتي ؟ قالت : أنا روجتك الخالدة , فمددت يدي إليها فردتها بلطف و قالت : أما اليوم فلا إنك راجع إلى الدنيا قلت : لا أريد الرجوع فقالت : لابد من ذلك و ستقيم هناك – يعني في الدنيا- ثلاثا ثم تفطر عندنا
الوقفة الثالثة : الملتقى الجنة .

عن رافع أبن عبد الله قال : قال لي هشام أبن يحي الكناني : لا أُ حدثنك حديثا رأيته بعيني و شهدته بنفسي قلت : حدثني يا أبا الوليد قال : غزونا أرض الروم سنة ثمان و ثلاثين و كنا رفقة من أهل البصرة و أهل الجزيرة و كنا نتناوب الخدمة و الحراسة و إعداد الطعام و كان معنا رجل يقال له سعيد أبن الحرث ذو حظ من عبادة يصوم النهار و يقوم الليل و كنا نحرص على تخفيف النوبة عليه لطول قيامه و كثرة صيامه فكان يأبى إلا القيام بكل المهمات و ما رأيته في ليلا و لا نهار إلا في حالة جد و اجتهاد , فأدركني و إياه النوبة ذات ليلة في الحراسة و كنا قد حاصرنا حصنا من حصون الروم علينا فرأيت من سعيد في تلك الليلة من الجلد و الصبر على العبادة ما جعلني أحتقر نفسي أنه فضل الله يوتيه من يشاء فلما أصبح الصباح لم ينم فقلت له : خفف على نفسك فلنفسك عليك حق و النبي صلى الله عليه و سلم يقول أكلفوا من العمل ما تطيقون ) فقال لي : يا أخي إنما هي أنفاس تعد و عمر يفنى و أيام تنقضي فأنا رجل ينتظر الموت في أي لحظة فبكيت لجوابه و دعوة الله لي و له بالعون و التثبيت ثم قل : نم قليلا لتستريح فإنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو فنام تحت ظل خيمته و تفرق أصحابنا في أرض المعركة و أقمت موضعي أحرس رحالهم و أصلح طعامهم فبينما أنا كذلك إذ سمعت كلاما يأتي من ناحية الخيمة فتعجبت فليس هنا إلا سعيدا نائما ظننت أن أحد جاءه و لم أره فذهبت إلى جانب الخيمة فلم أرى أحد و سعيدا على حاله نائما إلا أنه كان يتكلم في نومه و يضحك أصغيت إليه و حفظت كلامه ثم مد يده و هو نائم كأنه يأخذ شيئا ثم ردها بلطف و هو يضحك ثم قال: الليل إذا ثم وثب من نومه و أستيقظ و هو يرتعد من نومه خائفا فاحتضنته إلى صدري حتى سكن و هدأ و جعل يهلل و يكبر و يحمد الله فقلت: ما شانك ؟ فقد رأيت منك عجبا و سمعت منك عجبا فحدثني بما رأيت قال : أعفني من ذلك فذكرته حق الصحبة و قلت : لعل الله ينفعني بما تقول فحدثني عما رأى في منامه قال : جاني رجلان لم أرى قط مثل صورتهما كمالا و حسنا فقالا: أبشر يا سعيد فقد غُفر ذنبك , و شُكر سعيك , و قُبل عملك , و أستيجب دعائك , و عجلت لك البشرى في حياتك فأنطلق معنا حتى ترى ما أعد الله لك من النعيم قال : فأتيت على حور, و قصور, و جواري, و غلمان, و أنهار, و أشجار, فأدخلوني في قصري ثم إلى دار فيه حتى انتهيت إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقالت لي : قد طال انتظارنا إياك فقلت لها : أين أنا ؟ قالت : أنت في جنة المأوى قلت : و من أنتي ؟ قالت : أنا روجتك الخالدة , فمددت يدي إليها فردتها بلطف و قالت : أما اليوم فلا إنك راجع إلى الدنيا قلت : لا أريد الرجوع فقالت : لابد من ذلك و ستقيم هناك – يعني في الدنيا- ثلاثا ثم تفطر عندنا
فأدخلوني في قصري ثم إلى دار فيه حتى انتهيت إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقالت لي : قد طال انتظارنا إياك فقلت لها : أين أنا ؟ قالت : أنت في جنة المأوى قلت : و من أنتي ؟ قالت : أنا روجتك الخالدة , فمددت يدي إليها فردتها بلطف و قالت : أما اليوم فلا إنك راجع إلى الدنيا قلت : لا أريد الرجوع فقالت : لابد من ذلك و ستقيم هناك – يعني في الدنيا- ثلاثا ثم تفطر عندنا فقلت : بل الليلة فقالت : إنها أمرا كان مقضيا ثم قامت من مجلسها فوثبت لقيامها فإذا أنا قد استيقظت و أنا أسألك بالله لا تحدث بحديثي هذا و استرني ما حييت قلت : أبشر فلقد كشف الله لك ثواب عملكِ ثم قاما و تطهر و أغتسل و مسا طيبا ثم حمل سلاحه و نزل إلى أرض القتال و هو صائم و ظل يقاتل حتى الليل فلما أنصرف أصحابه و هو فيهم قالوا : يا أبا الوليد لقد رأينا من هذا الرجل عجبا حرصا على الشهادة و طرحا نفسه تحت السهام و الرماح و كل ذلك يصرف عنه قلت في نفسي: لو تعلمون خبره لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا قال : فأفطر على قليلا من الطعام و بات ليله قائما فلما أصبح صنعا كصنيعه بالأمس و بأخر النهار عاد هو و أصحابه و ذكروا عنه مثل ما ذكروا بالأمس حتى إذا كان اليوم الثالث انطلقت معه و قلت : لابد أن أشهد أمره و أرى ما يكون فلم يزل يقاتل و يكبد الأعداء الخسائر و ينكل فيهم و يصنع الأعاجيب و هو يبحث عن القتل و الموت مضانه و أنا أراه و أرعاه بعيني و لا أستطيع الدنو منه حتى إذا نزلت الشمس للغروب و هو أنشط ما كان فإذا رجل من أعلى الحصن قد تعمده بسهم فخرا صريعا و أنا أنظر إليه فصحت بالناس فحملوه و به رمق من حياة و جاءوا به يحملونه فلما رأيته قلت له : هنيئا لك ما تفطر به الليلة يا ليتني كنت معك فأفوز فوزا عظيما فعضا شفته السفلى و أومأ لي ببصره و هو يضحك و قال : أكتم أمري و الملتقى الحنة ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده فوالله ما تكلم بشي بعدها ثم فاضت روحه و آيات الله تناديه { و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم و لا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله و فضله و أن الله لا يضيع أجر المحسنين }

هذه الجنان تزينت فتنفحت أبوابها فعجبت للعشاقٍ
أينام من عشق الجنان و حورها و كرام الجنات للسباقٍ
بل كيف يغفل موقنا بعظيم سلعة ربه و بذا النعيم الباقي

عن أب هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي منادي إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا , و إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا , أن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا , , أن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدا ) فذاك قول الله جلا في علاه { و نودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون }

فيا بائعا هذا ببخسا معجلا *** كأنك لا تدري بلا سوف تعلموا
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** و إن كنت تدري فالمصيبة أعظمٌ

اللهم لا تحرمنا خير ما عندك .. بأسوا ما عندنا يا أرحم الراحمين ..

الوقفة الرابعة : أهون ما بذلوا في عظيم ما نالوا

قال صلى الله عليه و سلم : ( لو أن امرأة من نساء الجنة أطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما , و لملئت ما بينهم ريحا , و لنصيف على رأسها خيرا من الدنيا و ما فيها ) الله أكبر .. إذا كان النصيف خير من الدنيا و ما فيها .. فما بلك بربة النصيف ؟!! و صاحبة الخباء .. أخرج مسلم عن أبي هريرة قال : ( إن في الجنة حورا يقال لها العيناء إذا مشت مشا حولها سبعون ألف وصيف عن يمينها و عن يسارها كذلك تنادي و تقول : أين الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر ؟ ) فابشروا يا رجال الحسبة .. و أبشر يا من تغار على هذا الدين .. و هذه همسة أهمسها في أذنيكِ أيتها الغالية .. هل تأملتي في أوصاف الحور العين و ما ذكر من حسنهن و جمالهن أقول: فأنتي أفضل من ذلك في الجنة فضلتي على الحور العين بالصلاة و القيام فكل صفة للحوراء أنتي أولاء بها فأعملي مع العاملين .. قال عطاء السلمي لمالك أبن دينار : يا أبا يحي شوقنا قال يا عطاء : إن في الجنة حوراء يتباه أهل الجنة بحسنها لولا أن الله كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا من حسنها و جمالها فلم يزل عطاء كمد حزين من قول مالك , عن يزيد الرقاش قال : بلغني أن نورا سطع في الجنة لم يبقى موضع في الجنة إلا دخل من ذلك النور فيه فقيلا : ما هذا ؟ قيل : حوراء ضحكت في زوجها قال صالح المري : فشهق رجلا من ناحية المسجد فلم يزل يشهق حتى مات في مكانه ..

و لقد روينا أن برقا ساطعا *** يبدو فيسأل عنه من في جنانٍ
فيقال هذا ضوء ثغرا ضاحكا *** في الجنة العليا كما ترياني

فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت من ضحكها ؟!.. و إذا انتقلت من قصرا إلى قصر قلت : هذه الشمس متنقلة في بروجها ؟!.. و إذا حاضرت زوجها فيحسن تلك المحاضرة .. و إن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة المخاصرة ..

و حديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجني قتل المؤمن المتحيزا
إن طال لم يملل و إن هي حدثت *** ود المحدث أنها لم توخزا

و إن غنت فيا لذة الأبصار و الأسماع .. و إن أنست و أمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة و الإمتاع .. و إن قبلت فلا شيئا أشهى من ذلك التقبيل .. هذا و إن سألت عن يوم المجيء .. و زيارة العزيز الحميد .. و رأيت وجهه المنزه عن التمثيل و التشبيه ..كما تُرى الشمس في الظهيرة .. و القمر ليلة البدر ..فذلك موجود في الصحاح و السنن و المسانيد من رواية جرير, و صهيب, و أنس, و أبي هريرة, و أبي موسى, و أبي سعيد, فأستمع يوما ينادي المنادي : يا أهل الجنة إن ربكم تعالى يستزيركم فحيا على زيارته فيقولون : سمعا و طاعة و ينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا بالنجاب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين حتى إذا أتوا إلى الوادي الافيح الذي جعل لهم موعدا و جمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدا أمر الرب تبارك و تعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور , و منابر من لؤلؤ , و منابر من زبرجد , و منابر من ذهب , و منابر من فضة و جلس أدناهم - و حاشاهم أن يكون فيهم دني - جلس أدناهم على كثبان المسك ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا, حتى إذا أستقرت بهم مجالسهم , و أطمئنت بهم أماكنهم , ناد المنادي : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون : ما هو ؟ ألم يبيض وجوهنا , و يثقل موازيننا , و يدخلنا الجنة , و يزحزحنا عن النار , فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور , أشرقت لهم الجنة , فإذا الجبار جلا جلاله , و تقدست أسمائه , قد أشرق عليهم من فوقهم ,و قال : يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم : اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى يضحك إليهم , و يقول: يا أهل الجنة و يكون أول ما يسمعون منه تعالى : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب و لم يروني ؟ هذا يوم المزيد سلوني فهذا يوم المزيد ..فيجتمعون على كلمة واحدة : أن قد رضينا فأرضا عنا فيقول : لو لم أرضا عنكم لم أسكنكم جنتي , سلوني فهذا يوم المزيد ..فيجتمعون على كلمة واحدة : أن ربنا أرنا وجهك ننظر إليه , فيكشف لهم الرب جلا جلاله الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لم أنه تعالى قد قضى أن لا يحترقوا لحترقوا فلا يبقى في ذلك المجلس أحدا إلا حاضرة الله تعالى محاضرة و ناظره مناظرة ,حتى أنه يقول له : يا فلان أتذكر يوما فعلن كذا و كذا – يذكره ببعض غدراته في الدنيا – فيقول : يا ربي ألم تغفر لي ؟ فيقول : لو لم أغفر لك لما بلغت منزلتكِ هذه , فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة .. و يا لذة الأنظار بتلك المناظرة .. و يا قرة عيون الأبرار في الدار الآخرة .. و يا ذله الراجعين بالصفقة الخاسرة .. قال سبحانه : { وجوه يومئذ ناظرة * إلى ربها ناظرة } .
قال يزيد الرقاش لحبيب العجمي : ما أعلم شيئا من نعيم الجنة و سرورها ألذ عند العابدين و لا أقر لعيونهم من النظر إلى ذي الكبرياء العظيم , إذا رفعت الحجب و تجلى لهم الكريم , فصاح حبيبا عند ذلك و خر مغشيا عليه.. أقول لمثل هذا فليعمل العاملون ..
اللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك .. و الشوق إلى لقاءك .. في غير ضراء مضرة .. و لا فتنة مضلة .. اللهم زينا بزينة الإيمان .. و اجعلنا هداة مهتدين يا رب العالمين .. أسمع و قل و في ذلك فليتنافس المتنافسون ..
أخرجا مسلم روى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم , كما تتراءون الكوكب الدري في السماء , قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال : بلى و الذي نفسي بيده رجالا أمنوا بالله و صدقوا المرسلين قال الله : { لكن الذين أتقو ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد } اللهم إنا نسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل .

الوقفة الخامسة و الأخير ..

عن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه قال : أول ما قد رسول صلى الله عليه و سلم إلى المدينة أنجفل الناس إليه و كنت فيمن جاه فتأملت وجهه و عرفت إن وجهه ليس بوجه كذاب قال : فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال : يا أيها الناس أفشوا السلام , و أطعموا الطعام , و صلوا الأرحام , و صلوا بالليل و الناس نيام , تدخلوا الجنة بسلام) و عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قلت : (يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة و يباعدني عن النار فقال صلى الله عليه و سلم : لقد سألتني عن عظيم , و إنه ليسير على من يسره الله عليه , - الطريق أسمع – تعبد الله و لا تشرك به شيئا , و تقيم الصلاة المكتوبة , و تؤتي الزكاة المفروضة , و تصوم رمضان , و تحج البيت , ثم قال صلى الله عليه و سلم : إلا أدلك على أبواب الخير , الصوم جنة , و الصدقة تطفأ الخطيئة كما تطفأ الماء النار , و صلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون } ألا أخبرك برأس الأمر و عموده و سنامه , رأس الأمر الإسلام من أسلم سلم , و عموده الصلاة , و ذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ,ألا أخبرك بملاك ذلك كله- كفى عليك هذا و أشار إلى لسانه –
_ اسمع و أسمعي _ كفى عليك هذا , قال : يا نبي الله و إنا لمواخذون بما نتكلم به قال : ثكلتك أمك يا معاذ , و هل يكب الناس على وجوههم إلا حصاد ألسنتهم ) حديث صحيح .

هذا هو الطريق .. لكن في الطريق عقبات .. نعم عقبات .. فتن و شهوات لان الجنة حفت بالمكارة , و حفت النار بالشهوات قال الله : { زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة والأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و الله عنده حسن المآب } هل يتجاوزونها ؟؟ نعم يتجاوزونها إذا عرفوا ثمن الثبات قال الله : { قل أئباكم خير من ذلكم للذين أتقو عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و أزواج مطهره و رضوان من الله و الله بصير بالعباد } من هم أصحاب هذه المنازل و أصحاب هذه الدرجات ؟؟ الذين يقولون { ربنا إننا أمنا فأغفر لنا ذنوبنا و قنا عذاب النار } صفاتهم .. الصابرين بقلوبهم .. و الصادقين بأرواحهم .. و القانتين بنفوسهم .. و المنفقين بأموالهم .. و المستغفرين بألسنتهم ..اللهم اجعلنا منهم و معهم ..
أسمع الطريق : ( إن الصدق يهدي إلى البر إن البر يهدي إلى الجنة و لا يزال الرجل يصدق و يتحرأ الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) ..

إليك و إلا لا تشد الركاب *** و منك و إلا فلمؤمل خابٌ
و فيك و إلا فالغرام مضيعا *** و عنك و إلا فلمحدث كاذبٌ

أعلم أنه إذا عرف الثمن هانت العقبات .. أخرج البخاري و مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أن الله يقول : لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا و سعديك فيقول لهم : هل رضيتهم ؟ فيقولون و ما لنا لا نرضى ؟! و قد أعطينتا ما لم تعطي أحدا من خلقك فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا : يا ربنا فأي شيئا أفضل من ذلك ؟! أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ..

هنيئا لمن أضحى و أنت حبيبه *** و لو أن لوعات الغرام تذيبه

أيها المشتاق للقاء في جنات النعيم .. ليكن بيت الخلوة , و طعامك الجوع , و حديثك المناجاة فإما أن تموت بداك , و إما أن تصل إلى دواءك ..

أخيرا أحبتي ..

ها نحن في بيت الله التقينا .. و أوشك اللقاء على النهاية .. سنفترق في دروب الحياة و كلنا أمل و رجاء و حسن ظن بالله أن يكون الملتقى الجنة ..

لئن لم نلتقي في الأرض يوما *** و فرق بيننا كأس المنونٍ
فموعدنا غدا في دار خلدٍ *** بها يحيا الحنون مع الحنونٍ

يا من أحل الصادقين دار الكرامة .. و أورث البطالين منازل الندامة .. اجعلني و من حضر من أفضل أوليائك زلفى .. و أعظمهم منزلة و قربتة تفضلا منك علي , و على أخواني و أخواتي ..يوما تجزي الصادقين بصدقهم .. يا أكرم من رجي .. و يا أحق من دعي .. و يا خير من أتقي .. أمنن علينا بغفرانك .. و عاملنا بفضلك و إحسانك .. و هب لنا نورا من أنوارك .. و ذكرا من أذكارك .. و لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين و لا أقل من ذلك .. أجعل لنا لسان صدق في الآخرين .. و اجعلنا من ورثة جنة النعيم .. و نجنا من عذابك و نيرانك .. و أغفر لنا و لوالدينا و لجميع المسلمين الأحياء منهم و الميتين .. و الحاضرين منهم و الغائبين .. اللهم أجعل ملتقنا بعد تفرقنا في دنيانا في جناتك ..أجعل خير عمرنا أخره .. و خير عملنا خواتيمه .. و خير أيامنا يوم نلقاك .. اللهم أجمع شملنا و وحد صفنا .. و أصلح ولاة أمورنا .. و أغفر لنا و ارحمنا .. و انصرنا يا قوي يا عزيز على القوم الكافرين .. أستغفر الله العظيم .. و صلى الله على محمد و صحبه أجمعين ..

سبحان ربك رب العزة عما يصفون , و سلام على المرسلين , و الحمد لله رب العالمين .


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس