أحمد عبدالرحمن
أخي المسلم، احرِصْ على أداء الصلاة، وإذا كنتَ مُتَكاسلاً عن أدائها فهذه فُرصَةٌ عظيمةٌ أنْ تَعقِدَ العزْم على أدائِها جماعةً في المسجد، وتستمر عليها طوال العام.
ولا شكَّ أنَّ الشيطان يُزيِّن لفئةٍ من الناس تَرْكَ الصلاة، والبعض يَراها عِبئًا ثقيلاً، والبعض يعتَذِرُ بالانشِغال بالعمل، أو أنَّه يكون على غير طَهارة، وأنَّه سوف يُصلِّي إذا عاد إلى البيت، وهناك مَن يُجاهِر بالعصيان فيُردِّد : "الله يهدينا"، ثم يَزعُم هؤلاء أنهم مسلمون؛ ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾ [المدثر: 49 - 51].
فتعالَ أخي المسلم نُعالِج مواقفَ هؤلاء لترْك الصلاة، هل الصلاةُ غرامة يُؤدِّيها الإنسان، أو هي مبدأ إلزامي يُكرَه عليه الإنسان، أو هي تقييدٌ للحريَّة، أو هي مَضيَعة للوقت ؟! وهل الله - عزَّ وجلَّ - بحاجةٍ إلى صلاتنا ؟!
أولاً : الصلاة ليست غرامةً تُؤدَّى، بل هي أمانةٌ يُؤدِّيها المسلم كلَّ يوم خمسَ مرَّات جماعةً، فيشهد له بالوفاء والصِّدق والإخلاص.
فهي دليلٌ على صَفاء النَّفس، والإفْصاح عمَّا ينطَوِي عليه القلبُ من محبَّةٍ لله - تعالى - وتقديرٍ، فهي اعترافٌ بحقٍّ وشكرٌ، أرأيتَ أيها الإنسان لو قدَّم لك أحدٌ قطعةَ حَلوى أو هديَّة أو أسْدى لك معروفًا ألا تحترمه؟ ألا تتمنَّى أنْ تُكافِئَه؟ فكيف بالخالق المُنعِم عليك بالعقل والحواس والرِّزق والصحَّة والعافية، ألا يستحقُّ الشُّكر على هذه النِّعَمِ، ويكونُ ذلك بوضْع الجبهة على الأرض إقرارًا بالربوبيَّة والألوهيَّة.
ثانيًا : الصلاة ليست مَضيَعة للوقت، فعندما ينسل الإنسان من ضَوْضاء العمَل وصَخب الرائحين والغادِين فيقف في مُصلاَّه فسوفَ تهدَأُ نفسُه ويطمئنُّ قلبُه ويستريحُ جسمه وينطَفِئ غضبه؛ ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
فلذلك كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا عادَ منهكَ القوَّة من قِتال الأعداء قال : ((يا بلال، أرِحْنا بها))؛ أي : بالصلاة.
ثالثًا : ليست الصلاة أمرًا مُباحًا كأمور المعيشة أو اختيارًا، بل هي أمرٌ جازم لها وقت محدَّد وهيئةٌ خاصَّة.
رابعًا : الصلاة حاجةٌ ضروريَّة تستَدعِيها الحياةُ كالطعام والشراب قوامُ الجسم، والصلاة قوامُ الروح ومادَّة الطمأنينة تَرفَعُ صاحبَها عند ربِّه بعيدًا عن سَفاسِف الأمور، فيستقيم في شُؤون حَياته، وهي الحدُّ الفاصِل بين الكُفر والإيمان؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بين العبدِ وبين الكُفرِ والإيمانِ الصلاةُ، فإذا ترَكَها فقد أشرَكَ))؛ (رواه الطبراني، انظر: "صحيح الترغيب"؛ للألباني 1/ 227 رقم 565)، وفي رواية : ((بين الرجل وبين الكُفر تركُ الصلاة))؛ (رواه أحمد، "صحيح الترغيب" 1/ 226 رقم 563).
فالصلاة تُهذِّب أخلاقَه، وتَحُول بينه وبين الفَساد والزَّيْغِ والفحشاء والمنكر.
وكيف يرتكبُ المنكر وهو يعلَمُ أنَّه سوف يقفُ بين يدي ربِّه، وليعلم أنَّ الله ليس بحاجةٍ إلى صَلاتنا، بل نحنُ بحاجةٍ إلى الصلاة؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
لقد خلَق الله عبادَه عُراةً ضِعاف الجسم، فغَذاهم وقوَّاهم وأمدَّهم بالصحَّة والعقل والجسم، وبيده ملكوت السَّماوات والأرض، فهل هو بحاجةٍ إلى صَلاتنا - جلَّ وعلا ؟
أخي المسلم، صَلِّ تُرضِ الرحمن وتُسخِط الشيطان، الصلاة نورٌ يُزِيلُ ظَلام الزَّيْغِ والباطل، واعلَمْ أنَّ الصلاة هي أكبَرُ عاملٍ في صدِّك عن المعاصي لتنجو بنَفْسِك من العَذاب الأليم.
بتصرُّف واختصار من رسالة "لماذا نصلي؟"؛ لعبدالرؤوف الحناوي.