كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصوم العاشر من المحرم،
وهو يوم كبير عظيم عند اليهود والنصارى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محافظًا على صيامه طوال الفترة المدنية من السيرة النبوية،
ومع ذلك ففي آخر أعوام عمره أظهر بعض الصحابة حرجهم من مشابهة ما يفعله المسلمون بصيام اليوم العاشر من المحرم وما يقوم به اليهود والنصارى من صيام اليوم نفسه، فكان هذا الموقف الذي رواه مسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،
قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ".
قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فصارت هذه سُنَّة نبوية مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَعِشْ حتى يفعلها؛
لكنه كان ينوي فعلها، وكان الهدف منها مخالفة اليهود والنصارى،
وإظهار الهويَّة الإسلامية، وهو في النهاية يومُ صيامٍ في سبيل الله،
وأجره كبير عظيم؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:
"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
د. راغب السرجاني