قال شخص لصديقه.. بكم بعت صاحبك ؟ فرد عليه الصديق، بعته بتسعين زلة (خطأ) بعد أن نفذ صبري، فقال ذلك الشخص قد (أرخصته) أي بعته بثمن زهيد.
تأملت هذا الحوار القصير كثيرا ووقفت عند معانيه فذهلت من ذلك الصاحب الذي غفر لصاحبه تسعا وثمانين زلة ثم بعد زلته التسعين لم يتحمل وتخلى عنه، وعجبت أكثر من ذلك الصديق الذي لامه على بيع صاحبه بتسعين زلة وكأنه يقول له.. تحمل أكثر يا صديقي فالتسعون زلة ليست ثمنا مناسبا لصاحبك، لقد أرخصت قيمته وبعته بثمن بخس، وبتسعين زلة فقط.
فترى كم يساوي صاحبي أو صاحبك من الزلات، بل كم يساوي إذا كان قريبا أو صهرا أو كان أخا.
إن من يتأمل واقعنا اليوم ويعرف إلى أين وصلت أحوال الناس في المجتمع، وإلى حجم القطيعة التي دبت في أوساطهم سيصاب قطعا بالذهول، فسيجد من قد باع صاحبه أو قريبه أو حتى أحد والديه بزلة واحدة أو بربعها أو أقل، بل سيجد من قد باعهم بلا سبب ولا ذنب سوى أنه أطاع نماماً أو كذاباً ولم يتأكد من صدقه، أو نفسا أمارة بالسوء، أو شيطانا خبيثا من شياطين الإنس أو الجن.
فهل ترى سنراجع مبيعاتنا الماضية من الأصدقاء والأقارب والأهل وننظر بكم بعناهم ؟ وما هو ثمنهم ؟ لكي نعلم اننا بخسناهم أثمانهم، وارخصنا الغالي، وبعنا الثمين بلا ثمن.
وهل ترى سنرفع سقف أسعار من لا زالوا قريبين منا فنتحمل زلاتهم وأخطائهم مهما كبرت او تكررت أم لا ؟
وهل ترى سنعيد أو نحاول استعادة ود الذين خسرناهم سابقا ؟
وهل ترى سنفعل ذلك أم نستمر في العمل بعكس ما نعلم ؟
إن القيمة الحقيقية لاي شخص تربطك به علاقة لن تظهر إلا في حال فقدانك النهائي له.
فلا تبع علاقاتك ومن كان عزيزا عندك ذات يوم بأي عدد من الزلات مهما عظمت، وتذكر أن الله يحب العافين عن الناس، ولا تتردد في أن تكون أنت واحدا منهم.