بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله مقدر الأقدار كيف ما يشاء وعلى من يشاء وفي الوقت الذي يشاء لا يُسئل عن ما يفعل وهم يُسئلون ؛ والصلاة والسلام على الراضي بقضاء ربه القانع بعطاءه محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أما بعد
فسبحان من وقت الأقدار توقيتا لا يتأخر عنه العبد ولا يتقدم قال تعالى
( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ).
أقدار مقدرة بحكمة عظيمة تسوق العبد لها آمال أو آلام مشاغل أو أرزاق ؛ يذهب لمكان معين في ساعة معينة ليقابل قدرا معين.
لو تأخر عنه دقيقة أو تقدم دقيقة لما وقع ذلك القدر ؛ لكن هيهات هيهات أن يتأخر أو يتقدم .
يترك أيام الأسبوع كلها ويذهب في يوم معين ويترك ساعات اليوم كلها ليذهب في ساعة معينة !
ثم يحضر في مكان معين محدد تحديدا دقيقا وبقعة صغيرة وكأنها مرسومة رسم.
هل تدرون لماذا ؟
لأنها الأقدار
( ثم جئت على قدر يا موسى).
من أركان الإيمان الستة أن تؤمن بالقدر خيره وشره .
فعلى ماذا يحملك هذا التدبير الدقيق للأقدار خيرها وشرها ؟
هل يحملك على الحزن والأسى ؟
أم يحمل على الراحة والطمأنينة ؟
لاشك أنه يحمل المؤمن على الراحة والطمأنينة وكل ما وقع له من الأقدار ما يؤلمه تلا قول الله تعالى
( قل لن يصبنا إلا ما كتب الله لنا ).
يقرأ بقلبه قبل أن يقرا بلسانه قول الله تعالى
:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
قال علقمة بن قيس رحمه الله في هذه الآية
( هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضَى ).
فلا مفر من أمر الله !
ليس هذا التدبير الحكيم خاص بالأقدار المؤلمة بل حتى الأقدار المفرحة مفصلة تفصيلا بديعا محددة تحديد دقيقا وكأنك أمام قطعة نصية تملأ فيها فراغات معينة.
إنه الملك التام والتصرف المطلق للملك الحق المبين يقابله الضعف التام والعجز المطلق لنا نحن العبيد !
تأملوا هل منا ممتنع بقوته وقدرته من قدر الله وإرادته ؟
تأملوا هل منا من يستطيع أن يمنع فرح غيره وسعادته ؟
نقولها بعد كل صلاة مكتوبة
( اللهم لا مانع لما أعطيت ؛ ولا معطي لما منعت ؛ ولا ينفع ذا الجد منك الجد ).
فإذا كان الأمر كذلك فعلام الحزن ؟ ومما الخوف ؟
تقع الأقدار المؤلمة على الإنسان أو يراها في غيره ليعيد النظر في سقف طموحاته وآماله وأمنياته وأحلامه ؛ ليستذكر حديثين عظيمين جليلين .
أما الأول : فقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ).
والثاني : عن العباس بن عبد المطلب قال : قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله , قال : ( سل الله العافية) فمكثت أياما ثم جئت فقلت : يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله , فقال لي : ( يا عباس , يا عم رسول الله , سل الله العافية في الدنيا والآخرة ) .
وفي حديث آخر " ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من العافية ".
ومهما يقع لك يا أخي من قدر يؤلمك فأعلم أن لك فيه أجر وخير " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له ".
فاللهم يا مقدر الأقدار ويا مسبب الأسباب اكتب لنا وللمسلمين أقدار الخير والسعادة واصرف عنا وعن المسلمين أقدار الشر والتعاسة .
اللهم آمين