بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعلن سيّدنا هود عليه السّلام لقومه مبدأ المفاصلة
فبيّن لهم أنّ موقفه منهم موقف المتبرّئ من شركهم والمتحدّي لطغيانهم، والمعتمد على اللّه في الانتصار عليهم وهذا ما عبّر عنه بقوله:
{إنِّيَ أُشْهِدُ اللّه وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونَ إِنِّي تَوَكَّلْتُ
عَلَى اللّه رَبِّي وَرَبِّكُمْ} هود:54-56.
ثمّ هو بعدُ يذكر قومه أنّه لا يريد
على دعوته جزاء ولا شكورًا
{وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللّه} هود:29
فهو عليه السّلام- كغيره من الرّسل والدّعاة الصّادقين- يلتمس أجره من اللّ.
ليس هذا فحسب، بل إنّ هودًا يذهب في دعوته أبعد من ذلك، فيُبيِّن لقومه أنّهم إن تركوا ما هم فيه من الضّلال والغي، والتزموا شرع اللّه، فإنّ اللّه سوف يفتح عليهم من خزائن رحمته، ويمدّهُم من فضله
ويزيدهم قوّة إلى قوّتهم، وغنًى إلى غناهم
{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} هود:52.
وأردف ذلك بتذكير قومه بما أنعم اللّه عليهم
من نعم، وما مَنَّ عليهم من مِنَن
{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ
وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} الأعراف:69
وتخبرنا بعض الآيات الواردة، أنّه عليه السّلام بذل أقصى جهده في تذكير قومه بنعم اللّه عليهم، وتحذيره إيّاهم من كفرانها، وختم إرشاده لهم بأن بيَّن لهم أنّه حريص على مصلحتهم، وأنّه يخشى عليهم إذا لم يستجيبوا لدعوته أن ينزل بهم عذاب عظيم
{أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} الشّعراء:133-135.