௬
♦
أملٌ ويؤوس
♦
كانت الساعة تقريباً
الثالثة فجراً
استيقظت حينها بعد ساعات نومٍ كافية من هجوع الليل
فإذا الروح قد عادت لجسدي
وبدأ النشاط يدب في أطرافي كدب الدم في العروق
نهضت
ومكثت أستأنس بسكون الهزيع
إذا بي اسمع طرق باب بيتي
فخرجت في عجالة وحالي يتساءل من الطارق في هذه السويعة المتأخرة ؟
فتحت الباب
فإذا بفتاتين
الأولى جميلة ويافعة غضة الآهاب في بواكير صباها
مزهرة العمر
ساحرة المبسم
مشرقة المحيا
تخالها الصبح حين بزوغه ॑॑॑
ربطت على رأسها عصابة صفراء وتلحفت بمعطفٍ وردي
والثانية
ضئيلة الجسم تخالها وقبٌ في حلكة الغسق ढ़
تغشاها سحكٌ من غياهب الدجى
على رأسها عصابة سوداء من تحته وجهاً لاقرار به ولا حياة
يحسد المبصر الأعمى بنعمة إن نسفت عيناه ان ترى مثلها
رحبت بالفاتنة الأولى بصدرٍ شريح ووجهٍ مليح وقلت أركني إلي ياريانة الصبا وأنا مفتون برونقها البهيج
ورحبت بالأخرى وانا عبوسٌ قنوطٌ مسدلاً رأٍسي وفؤادي تثبطه الهلع
فقلت من انتن وما تريدان
فقالتا نريد أن نرافقك يومك هذا كله
من بزوغ صباحك حتى كنانة ليلك فماذا قلت ؟
فقلت حللتم بي اهلاً وفؤادي بكن سهلاً
فعدت إلى داري بهن
لبست و تجهزت
وأخذت كأسا من الماء مملوء نصفه لكي اشربة
فإذا بي انظر للجميلة صاحبة العصابة الصفراء وهي تنظر لنصف الكأس المملوء
وإذا بالقبيحة تنظر للنصف الفارغ
فلم أبالي
فمكثنا حتى قرابة الساعة السادسه والنصف صباحاً ثم قررنا الخروج
ركبت سيارتي وهن معي
رأت الشمس الجميلة فقالت هاهو قد أشرق يوماً جميلا
فتذكر
ما أخطأت به بالأمس اليوم تصححه
ومافاتك البارحه اليوم ستدركه
وقالت القبيحة
عادت الشمس من جديد
فهموم الأمس هاهي تلاحقك
لتناوشك
ومافشلت به في ألأمس فيكفي
وإياك ان تصنع شيئأ فتفشل أخرى فضربتين برأس الجرم تميت
كل هذا وأنا شديد الإنصات لهن
ثم سرنا وإذا الشوارع مكتظه بزحام الطلاب والعاملين
قالت الجميلة
انظر هاهي اية الله ترى بالعين أمامك الم يقل وجعلنا النهار معاشا
هذا يبحث عن علمٍ يتعلمه
وذاك يبحث عن قوت يقتات به وابنائه
وكلنا شبكة واحده
فذاك معلم وذاك متعلم
وهذا مفيد والأخر مستفيد
رجلٌ ينظم السير لكي تصل الى عملك بكل راحه فهو يتعب
فهو يريد للطبيب أن يصل عيادته
وغداً هو رجل المرور سيذهب لذلك الطبيب ليستطب والطبيب يعالجه لكي يعود هذا الرجل وينظم لنا السير
هذه هي الحياة
بل انظر للبراري وكم من الحيوانات الآن استيقظت وتفسحت البيداء بحثاً عما تقتاته
وانظر الى السماء كم هي الطيور
صافاتٍ ويقبضن
مايمسكهن الى الرحمن
واستمرت الجميلة تجمل الحياة بنظري
وتبعث الأمل في مهجتي
وهي ترى الحياة من جانبها الجميل
وأما القبيحة فقالت
ماهذه الزحمه وماهذا البشر واين التنظيم عن هؤلاء
ماهذه الفوضى التي نعيشها
ومالذي يجبرنا على الخروج في هذا الوقت
اليس بإمكاننا ان نستكن مساكننا أجمل
وباتت تصب حروفها على أذني وكأنها كيرٌ خلط به رجسٌ من فكر الشيطان
ماأن يذود بسمعك حتى تشعر فؤادك مفؤوداً من خفقان رؤيتها ونظرتها السلبية لكل ماتراه
فهي لاترى من الالوان إلا المظلم
ولاتشرب من الماء إلا الراكد المخمور
فلم اجب وكنت فقط مستمع
وتوجهت الى الصحراء
حيث انشراح الصدر في فيافي مترامية الأرجاء وكأن أركانها متغاضبات
فكنت اريد صعود تلة مرتفعة ولكن سيارتي عجزت عن ذلك
فقررنا ان نسير مشياً على الأقدام
قالت الجميلة
هنيئاً لنا
كتب لنا هذا اليوم شيئأ من الرياضه فالمشي للجسم مفيد وللدم بالعروق معيد
وبدأت تسرد لنا فوائد المشي خصوصا تحت شمس الصباح
وعن عدد الفيتامينات التي سننالها بسيرنا ذلك تحت تلك الأشعه
وكم من السعرات والدهون سنفقد في مشينا هذا
أما القبيحة
فقد نهرت وتزجرت فزداد ديمها من جزعها شرخا
وقالت
ماهذا التعب المكتوب علينا هذا الصباح
صحراء قاحلة
وشمسٌ تلظى
وتلة كالعقبة نسير لها
وما الفائده من كل هذا اليس
الكنون بالمكنوف لنا أستر
فصعدنا جميعا تلك التلة
فأبصرنا من دوننا بستانٌ ساقط الخريف اورق أشجاره
قالت القبيحة
نحن نهايتنا كهذا الورق لكل شي نهاية فسنموت فلماذا نتعب اذا ؟
وقالت الجميلة
انظرهل ترى هذا الورق ؟
انه يدل على تجدد حياة هذا الورق لهذه الاشجار
كالماضي فقد تخلصت منه وهي الأن تستعد لولادة ورق جديد
اي حياة جديده فلنكن مثلها يا فتى
والحزن يا فتى كالورق له يومٌ به يذبل ويسقط لا محاله
وهكذا استمر يومنا
واستمرت رحلتنا ونحن من مكانٍ لمكان
والحسناء ذات العصبة الصفراء
تحسن وتقول:
انظر لجمال بسمة الاطفال
والقبيحة تقول
كم هو متعب هم الصغار
ومكلف الصرف عليهم
والحسناء تقول
اذا فشلت اليوم فهنيئاً لك من اساسيات النجاح التعلم من الفشل
وها أنت قد اكتسبت اليوم احدى مقومات النجاح
والقبيحة تقول
اذا فشلت مره فأنت فاشل وقد فشلت فكفى مغامرة
والحسناء تقول
الماضي فات فقطرة المطر تسقط من اعلى لأسفل وهكذا الزمان يمضي للأمام
فلن تعود القطرة لسحابتها
ولن تعكس الرياح تيارها بعد الهبوب
فلا تشرق شماً قد غربت
ولا ترجع ماءً جرى الى منبعه
والقبيحة تقول
نحن جزء من الماضي فهو بحياتنا ونحن منه وصعب تجاوزه فمن يفشل ويحزن فليعلم انه مكتوب عليه الفشل والحزن ولن يهرب منه
والحسناء تقول
ليس هناك من ليس محظوظ بل ليس له حظ في حدث ماء
والقبيحة تقول عديم الحظ مهما حاول فلن يتحسن حظه
والحسناء تقول
اذا كان لديك حلم فثق بهدفك وبقدراتك
والقبيحة تقول
الدنيا صدف وحظوظ والمحظوظ سيأتيه حظه
والتعيس مهما جرى لن يجد سوا التعاسة
فمضى يومنا هكذا
الحسناء تجمل
والقبيحة تعكر
حتى انتهى يومنا
وعدنا الي بيتي
وقد حان الفراق الفراق
وقبل وداعهن سئلت من انتن
فأجابوا
وقلن
نحن أفكارك
نحن أفكارك
نحن أفكارك
قالت الحسناء
انا اسمي أمل
من عائلة التفاؤل متى ماستدعيتني فسآتي
وقالت القبيحة
انا يؤوس من عائلة اليأس متى تريدني اعكر حياتك نادني
ونحن جميعاً نعيش بأفكارك فختر منا من تشاء
أحبتي
كلٌ منا معه أملٌ ويؤوس
ونحن دوماً من يختار أياً منهن رفيقته
فاركن الى املٍ واجعلها مهوى فؤادك
وصب العشق لها فهي خير نديمة
واسأل من جرب
♦♦♦♦♦
آخر تعديل الجوادي يوم
17 - 1 - 2015 في 04:31 AM.