الأقرع بن حابس الدرامي
اسمه ولقبه
هو الأقرع بن حابس بن عقال التميمي المجاشعي الدارمي ،
اسمه فراس بن حابس ؛ ولقب الأقرع لقرع كان به في رأسه .
وهو عم الشاعر المشهور الفرزدق .
حاله في الجاهلية
كان من سادات العرب في الجاهلية ، إذ كان من وجوه قومه بني تميم .
وهو أحد حكام العرب في الجاهلية ،
كان يحكم في كل موسم ، وهو أول من حرَّم القمار .
قصة إسلامه
لما قدم وفد تميم كان معهم ، فلما قدموا المدينة قال الأقرع بن حابس حين نادى: يا محمد ،
إِنَّ مدحي زَيْنٌ ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ .
فقال رسول الله : ( ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) .
و قيل : بل الوفد كلهم نادوا بذلك ،
فخرج إليهم رسول الله وقال :
( ذلكم الله ، فما تريدون ) ؟
قالوا : نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك و نفاخرك .
فقال النبي :
( ما بالشعر بعثنا ، ولا بالفخار أمرنا ، ولكن هاتوا ) .
فقال الأقرع بن حابس لشاب منهم : قم يا فلان ، فاذكر فضلك وقومك . فقال : الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء ، فنحن خير من أهل الأرض ، أكثرهم عددًا ، وأكثرهم سلاحًا،
فمن أنكر علينا قولنا فليأتِ بقول هو أحسن من قولنا ، وبفعال هو أفضل من فعالنا ".
فقال رسول الله لثابت بن قيس بن شماس الأنصاري - وكان خطيب النبي - :
( قم فأجبه ) .
فقام ثابت فقال : الحمد لله أحمده و أستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوهًا ، وأعظم الناس أحلامًا، فأجابوه . والحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزًّا لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها مُنع منا نفسه وماله ، ومن أباها قاتلناه ، و كان رغمُه في الله تعالى علينا هيّنًا . أقول قولي هذا ، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات . فقال الزبرقان بن بدر لرجل منهم : يا فلان ، قم فقُلْ أبياتًا تذكر فيها فضلك وفضل قومك . فقال :
نحن الكرام فلا حي يعادلنـا *** نحن الرءوس وفينا يقسم الربـع
ونطعم الناس عند المحل كلهم *** من السديف إذا لم يؤنس القزع
إذا أبيـنا فلا يأبى لنا أحـد *** إنا كذلك عند الفـخر نرتفـع
فقال رسول الله :
( عليَّ بحسان بن ثابت ) .
فحضر، وقال : قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العود [1].
فقال له رسول الله :
( ثَمَّ، فأجبه )
فقال : أسمعني ما قلت . فأسمعه ، فقال حسان :
نصرنا رسـول الله والدين عنـوة *** على رغم عات من معد وحاضر
بضرب كإبزاغ المخاض مشاشـة *** وطعن كأفواه اللقـاح الصـوادر
ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى *** إذا طاب ورد الموت بين العساكر
فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى *** وأمـواتنا من خير أهل المقـابر
فلولا حيـاء الله قلنـا تكرمـًا *** على الناس بالخَيْفين هل من منافـر
فقام الأقرع بن حابس فقال : إني والله يا محمد ، لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء ،
قد قلت شعرًا فاسمعه . قال : " هات " . فقال :
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا *** إذا خالفونا عند ذكـر المكـارم
وأنَّا رءوس الناس من كل معسر *** وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
فقال رسول الله : " قم يا حسان ، فأجبه ". فقال :
بني دارم لا تفخروا إن فخركم *** يعود وبالاً عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتـم *** لنا خول من بين ظئـر وخادم
فقال رسول الله:
( لقد كنت غنيًّا يا أخا بني دارم أن يذكر منك ما كنت ترى أن الناس قد نسوه )
فكان رسول الله أشد عليهما من قول حسان .
فقام الأقرع بن حابس فقال : يا هؤلاء ، ما أدري ما هذا الأمر، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتًا،
وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتًا ، وأحسن قولاً .
ثم دنا إلى النبي فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .
فقال رسول الله :
( لا يضرّك ما كان قبل هذا )
وفي وفد بني تميم نزل قوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }
[الحجرات: 4] .
ثم أسلم القوم وبقوا بالمدينة مدةً يتعلمون القرآن والدين ، ثم أرادوا الخروج إلى قومهم ، فأعطاهم النبي وكساهم .
بعض المواقف من حياته مع الرسول
شهد مع رسول الله فتح مكة وحنينًا والطائف . ومن مواقفه مع النبي :
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْر: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ . قَالَ عُمَرُ : بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ . قَالَ أَبُو بَكْر ٍ: مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي . قَالَ عُمَرُ : مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ . فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا }
حَتَّى انْقَضَتْ .
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا ، فَقَالَ الأَقْرَعُ : إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ
ثُمَّ قَالَ:
( مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ ).
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ ، قَال َ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ فَقَالَ:
( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَ ّ)
. فَقَالَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ : كُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ :
( لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ،
ثُمَّ إِذًا لاَ تَسْمَعُونَ وَلاَ تُطِيعُونَ ،
وَلَكِنَّهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ .)
وكان من المؤلفة قلوبهم ؛ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كانت المؤلفة قلوبهم خمسة عشر رجلاً ، منهم : أبو سفيان بن حرب ، والأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وسهيل بن عمرو العامري ( رضي الله عنهم أجمعين ) .
بعض المواقف من حياته مع الصحابة
شهد الأقرع بن حابس مع خالد بن الوليد حروب العراق ، وأبلى فيها بلاءً حسنًا ، وكان على مقدمة خالد بن الوليد . واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيَّره إلى خراسان ، فأصيب بالجوزجان هو والجيش ، وذلك في زمن عثمان . ويُروى أن عيينة والأقرع استقطعا أبا بكر أرضًا ، فقال لهما عمر: إنما كان النبي يتألفكما على الإسلام ، فأما الآن فأجهدا جهدكما ؛ وقطع الكتاب .
وفاته
استشهد بجوزجان سنة 31هـ .