رافع بن خديج
نسب رافع بن خديج و قبيلته :
رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد الأنصاري النجاري الخزرجي [1] . أصاب رافعًا سهمٌ يوم أحد ،
فقال له رسول الله :
( إن شئت نزعت السهم وتركت القطيفة ، وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد )
فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان انتقض به ذلك الجرح ، فمات منه [2] .
من مواقف رافع بن خديج مع الصحابة :
لما حصر عثمان بن عفان يوم الدار عطش فقال : و اعطشاه ! فقام رافع بن خديج هو وابناه عبد الله وعبيد الله وغلمان أصابهم بأصفهان حين فتحوها ، فتسلح وتسلحوا فقال : والله لا أرجع حتى أصل إليه .
إنه لموقف رائع يحسب لهذا الصحابي الجليل في وقوفه مع الحق والعدل ونصرة خليفة رسول الله .
وفي غزوة أحد لما خرج رسول الله إلى أحد وعرض أصحابه ، فردَّ من استصغر رد سمرة بن جندب وأجاز رافع بن خديج ، فقال سمرة بن جندب لربيبه مري بن سنان : يا أبت ، أجاز رسول الله رافع بن خديج وردني ، وأنا أصرع رافع بن خديج . فقال مري بن سنان : يا رسول الله ، رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه . فقال النبي لرافع وسمرة : " تصارعا " . فصرع سمرة رافعًا ، فأجازه رسول الله فشهدها مع المسلمين [3].
وهذا يدل على تسابق الصحابة - رضوان الله عليهم - للشهادة في سبيل الله ، حتى الفتيان منهم ، فليت المسلمون يتعلمون من هؤلاء الصحابة الأخيار الأفاضل .
وله موقف مع زوجته أم عميس بنت محمد بن أسلم ، وهو الموقف الذي نزل فيه
قوله تعالى :
{ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ }
[النساء : 128] .
فقد كانت عند رافع امرأة حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة ، وآثر عليها الشابة ، فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها ، ثم عاد فآثر عليها الشابة فناشدته الطلاق , فقال لها : ما شئت ، إنما بقيت لك تطليقة واحدة ، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة ، وإن شئت فارقتك . فقالت : لا ، بل أستقر على الأثرة . فأمسكها على ذلك، فكان ذلك صلحهما [4].
من الأحاديث التي رواها رافع بن خديج عن الرسول :
عن رافع بن خديج قال :
قال رسول الله :
( إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها ؛
و اللابة هي الحرة والمدينة المنورة بين حرتين شرقية وغربية تكتنفانها ،
والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود [5]. )
وعن رافع بن خديج قال : قدم نبي الله المدينة وهم يأبرون النخل يقولون يلقحون النخل ،
فقال : ( ما تصنعون ؟ )
" قالوا : كنا نصنعه . قال :
( لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا ).
فتركوه فنفضت أو فنقصت ، قال : فذكروا ذلك له .
فقال :
( إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به ،
وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . )
قال عكرمة : أو نحو هذا ، قال المعقري : فنفضت ولم يشك . ويقال : أبر يأبر و يأبر كبذر يبذر ويبذر، ويقال : أبر يؤبر تأبيرًا . (فنفضت أو فنقصت) فنفضت , أي : أسقطت ثمرها [6] .
وعن رافع بن خديج قال : قيل : يا رسول الله ، أي الكسب أطيب ؟
قال :
( عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور ) [7].
وفاة رافع بن خديج :
أصابه يوم أحد سهم، فقال له رسول الله:
( أنا أشهد لك يوم القيامة . )
وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان , فمات قبل ابن عمر بيسير سنة أربع وسبعين ، وهو ابن ست وثمانين سنة[8] .
وخرجت جنازة رافع بن خديج وفي القوم ابن عمر، فخرج نسوة يصرخن، فقال ابن عمر: اسكتن ؛ فإنه شيخ كبير لا طاقة له بعذاب الله [9].
المصادر :
[1] ابن الأثير : أسد الغابة 2/232 ، ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 2/436.
[2] ابن الأثير : أسد الغابة 2/224 ، ابن عبد البر: الاستيعاب 2/480.
[3] تاريخ الطبري 2/61.
[4] ابن كثير : تفسير القرآن العظيم 2/429.
[5] رواه مسلم : باب فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَدُعَاءِ النَّبي فِيهَا بِالْبَرَكَةِ وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا (3383) ، 4/113.
[6] رواه مسلم : باب وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا دُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الرَّأْي (6276) ، 7/95.
[7] الهيثمي : مجمع الزوائد (6210) ، 4/101.
[8] ابن الأثير : أسد الغابة 2/224، ابن عبد البر: الاستيعاب 2/480.
[9] ابن حجر : الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 436.