الإمام الحسن البصري
نسبه وقبيلته
هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري ، كان أبوه من أهل ميسان ،
وأمُّه (خيرة) مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد وُلِد بالمدينة المنورة سنةَ 21هـ/ 642م ، وعاش في البصرة .
الإمام الحسن البصري طفولته وتربيته
نشأ الحسن البصري وتربَّى في بيت أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛
إذ كانت أمُّه (خيرة) مولاة أم سلمة . وكان للبيئة الحسنة التي نشأ فيها الحسن البصري (رحمه الله)
أكبر الأثر في تكوين شخصيته العظيمة وتكاملها ، فقد نشأ (رحمه الله) بين الصحابة والتابعين ،
وتربى على أيديهم ، ونهل من علمهم ، وصَفَت نفسه برؤيتهم ومجالستهم والسماع منهم .
ملامح شخصية الإمام الحسن البصري
كثرة علم الإمام الحسن البصري وفقهه :
من أهم ما يميّز الحسن البصري (رحمه الله) كثرة علمة وسعة اطلاعه وفقهه ؛
وقد ألّف ابن مُفَرِّج (315- 380هـ/ 927- 990م)
كتابًا سمّاه (فقه الحسن البصري) ويقع في سبع مجلدات .
وفي العصر الحديث ألّف الأستاذ محمد روّاس قلعه جي (موسوعة فقه الحسن البصري) ،
وتقع في جزأين .
فصاحته الإمام الحسن البصري وحسن بيانه :
قال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحَجَّاج بن يوسف الثقفي .
فقيل له : فأيُّهما كان أفصح ؟ قال : الحسن .
الإمام الحسن البصري زهده وخوفه :
مع كون الحسن البصري جيد الملبس والمطعم ، لكنه كان زاهدًا، كان يصوم أيام البيض ،
والاثنين والخميس، وأشهر الحرم . و حكى ابن شوذب عن مطر قال :
" دخلنا على الحسن نعوده ، فما كان في البيت شيء - لا فراش ولا بساط،
ولا وسادة ولا حصير - إلا سريرًا مرمولاً هو عليه ، حَشْوُهُ الرَّمْل " .
والسرير المرمول : الذي نسج وجهه بالسَّعَف ،
ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير، فيسمى مرمولاً .
و قال حمزة الأعمى : ذهبت بي أمي إلى الحسن ، فقالت : يا أبا سعيد ،
ابني هذا قد أحببت أن يلزمك ، فلعل الله أن ينفعه بك . قال : فكنتُ أختلف إليه،
فقال لي يومًا : " يا بُنيَّ ، أدِمَ الحزن على خير الآخرة ؛ لعله أن يوصلك إليه ،
وابكِ في ساعات الليل والنهار في الخلوة ؛ لعل مولاك أن يطَّلع عليك فيرحم عبرتك ،
فتكون من الفائزين " .
قال إبراهيم اليشكري :
" ما رأيت أحدًا أطول حزنًا من الحسن ، ما رأيته إلا حسبته حديث عهدٍ بمصيبة " ،
أي كأنه قبل قليل جرت عليه مصيبة .
وقال يزيد بن حوشب :
" ما رأيت أحزن من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما " .
شيوخ الإمام الحسن البصري
سمع من عثمان (رضي الله عنه) وهو يخطب ، وشهد يوم الدار، ورأى طلحة وعليًّا ،
وروى عن عمران بن حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وأبي بكرة ،
و النعمان بن بشير، وجندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب ، وابن عباس ، وابن عمر،
وعمرو بن ثعلب ، وعبد الله بن عمرو ، ومعقل بن يسار، وأبي هريرة ، والأسود بن سريع،
وأنس بن مالك ، رضى الله عنهم اجمعين
وخلق كثير من الصحابة وكبار التابعين ؛
كالأحنف بن قيس ، و حطان الرقاشي ، وقرأ عليه القرآن .
مؤلفات الإمام الحسن البصري
له كتاب في فضائل مكة .
ثناء العلماء على الإمام الحسن البصري
قال عنه ابن خلّكان :
" كان من سادات التابعين وكبرائهم ، وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة " .
و قال محمد بن سعد :
" كان الحسن رحمه الله جامعًا ، عالمًا ، رفيعًا ، فقيهًا ، ثقةً ، حجةً ، مأمونًا ،
عابدًا ، ناسكًا ، كثيرَ العلم ، فصيحًا ، جميلاً ، وسيمًا ".
وقال الذهبي : " كان رجلاً تامَّ الشكل ، مليحَ الصورة ، بهيًّا ،
وكان من الشجعان الموصوفين " .
وقال عنه الإمام الغزالي : " ولقد كان الحسن البصري رحمه الله أشبه الناس كلامًا
بكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأقربهم هديًا من الصحابة (رضي الله عنهم) ،
اتفقت الكلمة في حقه على ذلك ، وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب ، وفساد الأعمال ،
و وساس النفوس ، والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس " .
من كلمات الإمام الحسن البصري الخالدة
قال الحسن رحمه الله : " إن المؤمن يصبح حزينًا ويمسي حزينًا ولا يسعه غير ذلك ؛
لأنه بين مخافتين : بين ذنبٍ قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه ،
وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من المهالك ".
و قال أيضًا : " ابن آدم ، إنما أنت أيام كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك ،
ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل ، وأنت تعلم فاعملْ " .
وفاة الإمام الحسن البصري
بعد عمرٍ امتدَّ ما يقرب من تسعين سنة رحل الحسن البصري إلى الله تعالى ،
فقد تُوفِّي بالبصرة سنة 110هـ/ 728م ، وغسَّله أيوب وحميد ،
وأخرج حين انصرف الناس وازدحموا عليه، حتى فاتت الناس صلاة العصر؛
لم تصلَّ في جامع البصرة . رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته .
المصادر :
- الأعلام ، الزركلي .
- وفيات الأعيان ، ابن خلّكان .
- الوافي بالوفيات ، الصفدي .
- إحياء علوم الدين ، الغزالي .
- حلية الأولياء، أبو نعيم .