في لوحاته يحاول رينيه ماغريت أن يفتح
للناظر نافذةً يطلّ من خلالها
على الجانب المظلم
من العقل. كان الفنّان ينظر إلى العالم باعتباره
معينا لا ينضب من الأسرار
والرؤى الشفّافة.
ولهذا السبب لم يكن يشعر بحاجة
إلى أن يستمدّ من الكوابيس والسحر
والهلوسات مواضيع لأعماله.
وكان يرى أيضا أن مجرّد النظر إلى
اللوحة يكفي للاستمتاع بها،
دونما حاجة للوقوع في فخّ التنظيرات
الجامحة والتفسيرات المبتسرة.
وبرأي ماغريت أن الحياة ليست سوى
لغز كبير وأن من المتعذّر كسره
أو فكّ طلاسمه. وكان يعتقد أن
طبيعة الإنسان تدفعه لئلا يرى إلا
ما يريد أن يراه أو ما يبحث عنه.
ومن ثم فإن إدراكنا مرتبط إلى
درجة كبيرة بطبيعة توقعاتنا. كانت والدة ماغريت امرأة غير سعيدة
في حياتها، وقد حاولت
الانتحار مرارا. وفي عام 1912، وكان عمر رينيه
لا يتجاوز الثالثة عشرة، غادرت أمّه
منزلهم ليلا وعندما بلغت أحد الجسور
ألقت بنفسها في مياه النهر.
عندما انتشلت جثّتها بعد أيام، كان جسدها
عاريا ووجهها مغطّى بطرف فستانها
الذي كانت ترتديه ليلة خروجها
من المنزل للمرّة الأخيرة.
وقد رأى ماغريت جثّة والدته عند
استعادتها من الماء، ولم تبرح
تلك الصورة المزعجة
ذاكرته حتّى وفاته. وبعد مرور سنوات على الحادثة،
أي في العام 1928، رسم الفنّان
مجموعة من اللوحات التي يظهر
فيها أشخاص ُغطّيت وجوههم ورؤوسهم
بقطع من القماش.
يرى بعض نقّاد الفن في اللوحة أكثر
من كونها تجسيدا بسيطا ومباشرا
للمقولة الشائعة
"الحبّ أعمى".
كان معروفا عن ماغريت براعته
في تقنية مزج الصور، وكان يردّد
دائما أن الكلمات بلا معنى، وأننا نحن
من نخلع عليها المعاني التي
نريد وبطريقة متعسّفة أحيانا. وبعض النقاد ممّن درسوا لوحاته
قالوا بأنها انعكاس لرغبة الفنان
في التعبير عن اعتراضه على
رتابة وعبثية الحياة. والبعض الآخر
رأوا فيها ما يمكن اعتباره حيلة هروبية
ونكوصا عن مواجهة الواقع.