عـذراء كنيسـة سيسـتـين
للفنان الإيطالي رافـائيــل، 1514
تعتبر لوحة "عذراء كنيسة سيستين" واحدة من
اعظم الأعمال الفنية في العالم ومن
أكثرها نقاشا واحتفاء.
وقد ظلت هذه اللوحة على الدوام رمزا مميزا
للتطوّر الذي شهدته الفنون بعامة خلال عصر
النهضة الإيطالي.
بل إن شعبيتها الكاسحة دفعت بعض
النقاد إلى تشبيهها بلوحة
الموناليزا لدافنشي.
وأحد عناصر اللوحة التي كانت مثارا
للكثير من النقاش هو التعابير الغامضة
التي رسمها رافائيل على وجه
العذراء وطفلها وحاول النقاد ودارسو
الفن فكّها ومعرفة كنهها.
وقد حاول الكثير من المؤرخين والفلاسفة
عبر العصور تفسير المعاني والدلالات
التي أراد الفنان تضمينها في
هذه اللوحة، ومن بين هؤلاء غوته
وشوبنهاور وشرودر.
شوبنهاور، مثلا، تحدّث عن ملامح الخوف
التي ترتسم على وجه وعيني الصبي،
بينما تساءل آخرون عن مغزى
إظهار العذراء في حالة
حيرة وارتباك.
في اللوحة تقف الشخصيات
(العذراء وطفلها والقدّيس والقديسة والملاكان
الصغيران إلى أسفل) على مقعد
من الغيم تؤطّره ستارتان
منفتحتان إلى أعلى.
وتبدو العذراء كما لو أنها هابطة من
السماء فيما يتوجه القدّيس (إلى اليسار)
بنظره إلى المسيح الصغير،
بينما توجّه القديسة (إلى اليمين) نظراتها الحانية
إلى الملاكين الصغيرين الظاهرين
في اسفل الصورة.
ومما لا شك فيه أن أشهر جزء في هذه
اللوحة الفريدة هو صورة الملاكين الصغيرين
إلى الأسفل، إذ ُطبعت صورتهما على ملايين
البوسترات والصور التذكارية.
لوحة "عذراء سيستين"
كان مقدّرا لها على الأرجح أن تزيّن قبر
البابا يوليوس الثاني،
وقد ُعثر عليها في ما بعد في أحد
الأديرة لتجد طريقها بعد ذلك إلى
موسكو بعد الحرب العالمية الثانية،
قبل أن تنقل إلى متحف مدينة
درسدن الألمانية حيث ظلت
هناك حتى اليوم.
ُيذكر أن هذه اللوحة أصبحت رمزا
للأمومة المثالية. كما أن
خطوطها المنحنية والعريضة نزولا وصعودا،
وتوازن الكتل فيها وتوزيع الألوان
الدقيق ما بين الذهبي والأخضر،
والبني والأزرق، كل ذلك يعطي
الناظر إليها شعورا
بالسلام والطمأنينة.
تلقى رافائيل تعليمه على يد أبيه،
الفنان هو الآخر، والذي لمس في ابنه الاهتمام
والموهبة. وفي زمن قياسي اصبح فنانا
موهوبا وتجلت عبقريته وهو ما يزال
في سن السابعة عشرة.
انتقل الفنان بعد ذلك إلى فلورنسا حيث درس
أعمال دافنشي ومايكل انجيلو
وبارتولوميو.
لوحات رافائيل بشكل عام تجسّد فكرة الجمال
المثالي وعظمة الإنسان، و "عذراء سيستين"
تمثل ذروة عبقريته وتفرّده الفني،
ولهذا اعتبر واحدا من اعظم الرسامين
الذين جاد بهم عصر
النهضة في إيطاليا.