تُعرف اضطرابات الأكل على أنها سلوك قهري تجاه الطعام. ويتجلى هذا السلوك بالتوجه الوسواسي نحو كل ما يتعلق بالأكل سواء بتجنبه أو بفرط استهلاكه، حتى لو كان الثمن تدمير الجسم.
ولا يرتبط هذا السلوك بعامل واحد فقط، انما يشمل عدة عوامل مختلفة، منها العاطفية والنفسية والاجتماعية وغيرها.
تسجل اضطرابات الأكل أعلى معدل وفيات من بين الأمراض النفسية. وتشير الإحصاءات إلى أن واحد من أصل عشرة مرضى فقط يخضعون للعلاج.
وبالرغم من أن النساء وخاصة المراهقات أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الأكل، إلا أن الرجال أيضاً قد يصابون بذلك.
ومع أن عدد الأشخاص الذين يعانون من مشكلة اضطرابات الأكل غير معروف، كشفت دراسة أُجريت في جامعة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام 2012 أنّ 1.8% من أصل 900 فتاة شاركت في الدراسة تعاني من فقدان الشهية المرضي.
وأشارت دراسة أخرى أجراها طلاب جامعيون في الدولة إلى أن 75% من الشابات والشباب الإماراتيين غير راضين عن شكل أجسامهم.
وتزامناً مع شهر التوعية باضطرابات الأكل الذي يصادف في فبراير المقبل، تقدم ماريا أبي حنا، المتخصصة في علاج اضطرابات الأكل لدى مركز "رايت بايت" (Right Bite) لإستشارات التغذية، بعض الوقائع للتوعية بتأثير هذا المرض.
وقالت: "تعد اضطرابات الأكل حالة مرضية معقدة ويمكن أن تكون مدمرة، حيث يمكن أن ينتج عنها عواقب وخيمة على الصحة ومستوى الإنتاجية في العمل والعلاقات الاجتماعية، فهي ليست بدعة أو مرحلة أو نمط حياة نختاره.
وتشمل إشارات التحذير التي يرسلها الجسد: فقدان الوزن السريع وتوقّف الدورة الشهرية لدى الفتيات وعلامات التعب والمرض بسبب القيء مثل تشنّج المفاصل والشعور بالبرد معظم الوقت.
كما تشمل إشارات التحذير السلوكية والنفسية: الانشغال بالأكل والطعام وشكل الجسم والوزن والشعور بالقلق أو "الخروج عن السيطرة" فيما يتعلق بأوقات الوجبات والإفراط بممارسة التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي غير ضروري واستخدام المسهلات والعادات الوسواسية خلال إعداد الطعام والأكل."
وأضافت: "ليس هناك طريقة مباشرة ومحددة لمنع اضطرابات الأكل، لكنّ العلاج المبكر قد يكون أفضل طريقة لمنع تطوّر الحالة.
إن معرفة العلامات المبكرة وطلب العلاج على الفور يساعدك على تجنب المضاعفات الصحية النفسية والجسدية، ويزيد من احتمالات الشفاء."
وعلى الرغم من أن الفئة العمرية الأكثر عرضة للإصابة باضطرابات الأكل تتراوح بين 12 و20 عاماً، إلا أنه يمكن لأي شخص وفي أي سن أن يصاب بهذه الحالة.
وفي هذا الإطار، تعرض أبي حنا أدناه بعض الإرشادات لمساعدتك ومساعدة أحبائك على التمتع بصحة جيدة وحياة سعيدة:
• تعتبر تهيئة بيئة صحية لتطوير الثقة في النفس لدى طفلك أمراً أساسياً وتبدأ من المنزل. فمن المهم أن نشجّع أطفالنا على اتباع عادات الأكل الصحية وأن نكون قدوة إيجابية لهم ونتجنّب اتباع نظام غذائي صارم أمامهم.
وقد تؤثر عادات تناول الطعام مع الأسرة على العلاقة التي تنشأ بين الطفل والطعام. كما يسمح تناول وجبات الطعام معاً للأهل فرصة تعزيز وعي أطفالهم عن الأكل الصحي.
• لا تطلق الأحكام على الأطعمة. تجنب تصنيف الأطعمة بأنها "جيدة/ آمنة" مقابل "سيئة/ خطيرة"، وشدّد دائماً على اتباع أسلوب حياة صحي ونظام غذائي متوازن ومتنوع.
• انتقد كل ما يروج لشكل الجسم الغير واقعي. قم بتعزيز صورة صحيحة عن الجسم لدى أطفالك بشكل رئيسي، وكذلك لدى أسرتك وأصدقائك، مهما كان شكل جسمهم أو حجمه مع طمأنتهم بأن أشكال الجسم يمكن أن تختلف من شخص لآخر.
وتجنّب الاستهزاء بالأشخاص الآخرين الذين يعانون من زيادة الوزن، وشدّد على تقييم نفسك والآخرين على أساس الأهداف والإنجازات والمواهب والطباع.
• استخدم النقد البناء فيما يتعلق بما تشاهده في وسائل الإعلام. على الرغم من أنه لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على وسائل الإعلام، إلا أن الطريقة التي يتم فيها تسليط الضوء على الصور والرسائل المتعلقة بالطعام وأشكال الجسم، غالباً ما تدفع الجميع، وخاصةً الأطفال والمراهقين بما أنّهم الأكثر تأثّراً، إلى الاعتقاد بأن الجسم المثالي يتمثّل في النحافة الشديدة. يُذكر أنه قبل ثلاثين عاماً كان وزن عارضات الأزياء أقل بنسبة 8% من وزن المرأة العادية.
أمّا اليوم، فأصبحت عارضات الأزياء أنحف بنسبة 23% من المرأة العادية! وهنا تأتي أهمية تعزيز السلوكيات الواقعية المرتبطة بالجمال وصورة الجسم والأكل والوزن.
وأخيراً، إذا كنت تعتقد أن أحد أفراد أسرتك يعاني من اضطراب في الأكل، عبّر عن خوفك عليه بلطف من خلال إظهار اهتمامك به ولكن مع الإصرار على ضرورة حصوله على المساعدة من شخص متخصص للتخلص من هذه الحالة.