الفرق بين الرجاء و التمني (ابن القيم رحمه الله)
فمثله مثل رجل خطب امرأة كريمة في منصب شرف إلى أهلها فلما آن وقت العقد واجتماع الأشراف والأكابر وإتيان الرجل إلى الحضور علم عشية ذلك اليوم ليتأهب الحضور فتراه المرأة وأكابر الناس فاخذ في التأهب والتزيين والتجميل فأخذ من فضول شعره وتنظيف وتطيب ولبس أجمل ثيابه وأتى إلى تلك الدار متقيا في طريقه كل وسخ ودنس واثر يصيبه اشد تقوى حتى الغبار والدخان وما هو دون ذلك فلما وصل إلى الباب رحب به ربها ومكن له في صدر الدار على الفرش والوسائد ورمقته العيون وقصد بالكرامة من كل ناحية فلو أنه ذهب بعد أخذ هذه الزينة فجلس في المزابل وتمرغ عليها وتمعك بها وتلطخ في بدنه وثيابه بما عليها من عذرة وقذر ودخل ذلك في شعره وبشره وثيابه فجاء على ذلك الحال إلى تلك الدار وقصد دخولها للوعد الذي سبق له لقام إليه البواب بالضرب والطرد والصياح عليه والإبعاد له من بابها وطريقها فرجع متحيزا خاسئا فالأول حال الراجي وهذا حال المتمني.