كتب أحد المفكرين البريطانيين كتاباً يُضرب به المثل في النجاح، وأوصى الشباب في كتابه بالتفكير، وقال: "فكِّر، ثم فكِّر، حتى يؤلمك التفكير".
وقد تسأل: في أي شيء أفكر؟
والجواب: أن تفكر في نفسك، وفي محيطك، وفي عملك، وفي نقاط ضعفك، وفي نقاط قوتك، وفي إمكانية تطوير مواهبك، وفي السبل الكفيلة لنجاحك، وفي تطوير أعمالك وترميم إنجازاتك.
والحق إنه لا يكفي أن يكون هدفنا مقدساً لكي يتحقق، بل لابدّ أن يكون طريقنا سالكاً إليه. وهذا الأمر يتطلب تنظيم الأعمال، والتفكير المستمر فيها، وتطويرها.
وليس التقدم الذي حققه اليابانيون يعود إلى شيء كما يعود إلى تفكيرهم المستمر، ووضع البدائل المختلفة التي يهتمون بها، واختيار الأفضل في كل مشروع.
لقد كتب مؤسس شركة "سوني" اليابانية والتي يُضرب بها المثال للنجاح، كتب يقول: كنت أفكر في صنع جهاز تسجيل ينطق فقط ولا يسجل. أي لا يمكن تسجيل أي شيء فيه، وإنما يمكن فقط الاستماع إلى الأشرطة المسجلة مسبقاً.
فجمعت عدداً من المخططين وقلت لهم: "أريد جهاز تسجيل، لا يسجل".
فضحكوا من كلامي، وقالوا: "إن فلسفة جهاز التسجيل قائمة على التسجيل والحفظ، وليس على القراءة وحدها".
ثم بعد شهر جاء الخبراء بأربعمائة مخطط مختلف، فاخترت منها أربعة، وقد تم تصنيعها.
وفي العام الأول لم يُجنِ أي جهاز منها أرباحاً، لكنني ربحت في العام الثاني ثمانية ملايين دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
لقد كان هذا الجهاز نتاج لحظة من التفكير. وهذا يعني أن شيئاً يبدو في الظاهر أنه فاشل قد يكون ناجحاً، إذا أضفنا بعض التفكير إليه.
وحتى في الأشياء التي نؤمن بنجاحها تماماً، فإن التفكير قادر على أن يوصلنا إلى ما هو أفضل مننها.
من هنا فإن إلغاء التفكير يعني إلغاء التطور.
ألا ترى، كيف أن الفرق بين الشعوب المتقدمة والمتخلّفة يكمن في أن الشعوب المتقدمة تعتمد على التفكير المستمر، بينما ا لشعوب المتخلّفة تلغي التفكير؟
إن الصناعات الناجحة تدخل في سوق المنافسة، وأصحابها يعلمون أن التطور أمر يومي وأن هنالك في كل يوم بضاعة جديدة، وتحسينات جديدة على البضاعات القديمة.
وهكذا فإنه لابد من تجديد كل فكرة، وتحسين كل بضاعة، ولن يحدث ذلك إلا من خلال التفكير.
بل أستطيع القول إن علينا أن نجدد التفكير في تفكيرنا. وأن نطور أسلوبنا في كل مجالات الحياة، بما فيها مجالات التفكير ذاتها.
بالإضافة إلى أنه لابد أن نستفيد من خبرات الآخرين وأفكارهم، فالتفكير قادر حتى على تحويل الفشل إلى نجاح، وذلك من خلال أن نعتبر مما حدث، وأن نأخذ الدرس من نتاج فكر الآخرين، ونضعه موضع التنفيذ فيما بعد.
لقد زوّد الله الإنسان بالعقل لينطلق في الحياة، وينجز فيها، ويحل المشاكل ويفتح الطريق، وكل ذلك ممكن من خلال ما يمكن تسميته بتفعيل العقل، أي من خلال التفكير.