نورا على نور
كما زيّن السماء الدنيا بمصابيح وجعلها رجوما للشياطين،
فقد زيّن قلب عبده بمصباح يشعّ بالنور،
المصباح في زجاجة، الزجاجة في صفائها وفي شفافيتها،
في رقتها وفي صلابتها، من شأنها أن تحفظ هذا النور
وتحميه من كلّ من يريد أن يطفئ نور الله في قلب المؤمن،
الزجاجة في لمعانها كأنها كوكب دريّ،
نور سماوي يحضى بحماية ربانية، حماية الكمال والجمال والجلال. لكنّ هذا النّور الذي له شعاع دريّ، يستمد وقوده من الأرض،
من شجرة، من عمارة الأٍرض، من حرث وزرع وسقي،
من طاقة، من جهد وكدّ وجدّ، من عمل صالح،
من كلمة طيّبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها
كوكب دريّ في السماء، هذا هو وقود المصباح،
عمل صالح ينير لك قلبك ويضيء لك قبرك، يبارك لك الله فيه
كما بارك في الزيتونة فجعلها كلها خير نافع، خشبها،
ورقها ونواتها فلا يرمى منها شيء، كذلك عمل المؤمن عميم النفع،
لأنه موافق للشرع، لا شرقي ولا غربي لا إفراط فيه ولا تفريط. هذا الزيت، هذا الوقود يكاد يضيء ولولم تمسسه نار، مثل وجه المؤمن، مسفر، ناضر، يضيء من تلقاء نفسه
من غير عملية تجميل ولا "مكياج"، اجتمع فيه نور
الفطرة ونور الوحي، فصار نورا على نور |
|
|