*ﻻ ندري إنْ كان من اﻷفضلِ، أم هو من اﻷسوأ أنْ يعيشَ اﻹنسانُ ويموتَ في الظلِّ، حيث ﻻ يعلمُ بحياتِه أحدٌ، وﻻ يدري بموتِه أحد* *هكذا ببساطة أتى ومشى واغتذى وارتوى وفعلَ في الحياةِ ما فعل، ثمَّ رحل* *لَم يأخذْ شيئًا من الحياةِ، ولم يضفْ شيئًا إليها شيئا حسناً !* / *ﻻ تَمُتْ في الظِّل !** *هنا يدرك المرءُ أنَّ ما قدَّمه لنفسِه من خيرٍ هو كلُّ ما سيرحلُ به : {مَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}* *لكنَّ اللهَ -تعالى- ﻻ يريدنا أن نرحلَ هكذا دون أثرٍ، وإﻻ لَمَا استحثَّنا النَّبيُّ -**صلَّى الله عليه وسلَّم- لترك عملٍ ﻻ ينقطعُ بالموتِ* *«إذا مات اﻹنسان انقطع عنه عمله إﻻ من ثﻼثةٍ : إﻻ من صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له»* *[رواه مسلم 1631].* / *ﻻ تَمُتْ في الظِّل !** *لذا؛ ﻻ تدعْ نفسَك في الظِّل ، بينما ينيرُ غيرُك الحياةَ بعلمهم وعملهم، بل سابقْ وسارعْ وأضف لرصيدِك شيئًا يبقى* *ولو مجرد كلمةِ حقٍّ تُقرأُ فتُنقل فتؤثر فتؤجر، لو خرج كلُّ المتقاعسين من الظلِّ، وحملوا بأيديهم قناديلَ الهدى** *والدَّعوةِ إلى الخيرِ واﻹصﻼح والعودةِ إلى الله ، لتغيرتْ أحوالُنا كثيرًا، ولتراجعتْ موجةُ اﻹضﻼل واﻹفساد الَّتي تسعى ﻹغراق العقولِ *واﻷجساد في الوَحْل المسمَّى تحضرًا، وما هو إﻻ تقهقرٌ للعقلِ والفكر والدِّين والرُّشد، ولكلِّ ما هو حميد* *عندما انزوينا في الظِّﻼل انطلقَ دعاةُ الضَّﻼل للضَّوء وعلى مرأًى منَّا ومسمعٍ؛ عاثوا في البﻼد فأغرقوا العبادَ *وأكثروا الفسادَ* *وما جَعَلَنا نقفُ مُلْجَمي اﻷفواهِ إﻻ خشيتنا أنْ يُقال بأننا رجعيون إذا لم نسايرْهم** *نعم نحن رجعيون فعلًا منذُ زمنٍ طويلٍ، منذُ أنْ تراختِ الهممُ، وتراجعْنا عن القِمم وتركناها لهم !* / *ﻻ تَمُتْ في الظِّل !** *لقد ترك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحياةِ أعظمَ أثرٍ،وترك صحابتُه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان** *آثارًا بقيت إلى يومنا تُذكر لكن ولﻸسف خَلَفَ من بعدِهم خلْفٌ لم يتركوا سوى خيباتِهم وحسراتهم على ماضي أسﻼفهم *ـ*إﻻ من رحم ربي*ـ.* / **ﻻ تَمُتْ في الظِّل !*** *فلينظرْ كلٌّ منَّا لنفسِه، ولْيسألْها : ما الَّذي تركتُه لمن خلفي؟! إنْ لم تجد شيئًا يستحقُّ فاعملْ على إيجادِ شيءٍ ذي قيمةٍ *ﻻ تحقرنَّ شيئًا من اﻷعمال، فلربما كانتْ* هي اﻷعظمَ أثرًا، إنَّ كلمةً مؤثرة تكتبها، أو نصيحةً هينة تُسديها،* *أو بطاقةً لطيفة تهديها، أو ابتسامةً صغيرة تُبديها قد تكون ذات أثرٍ كبيرٍ فاعلٍ على من حولَك !* / *ﻻ تَمُتْ في الظِّل !** *ﻻ تعجبْ فالبسمةُ صدقةٌ ولها وقعها في القلوبِ الَّتي تذكرك بالخير وتدعو لك حتَّى بعد رحيلِك *وعليها قِسْ كلَّ أعمالِك، واحسب أيًّا منها يستحقُّ أنْ تبقيه، وأيًّا منها يجبُ أن تتخلَّصَ منه.* / *ﻻ تَمُتْ في الظِّل !* *ﻻ تدعِ اﻷيامَ تنسابُ من بين يديك دون أن تضعَ لمسةً لك بها، ولو في محيطِك لصَّغير؛ عائلتك، أصحابك، جيرانك *اغتنم الفرصَ فهي ﻻ تتكرَّرُ كثيرًا، ﻻ تمتْ دونَ أن تضيءَ شمعةً لمن سيأتي بعدَك، أو تبذرَ بذرةً لشجرةٍ يستظلُّ بها من يخلُفُك *ازرع زهرةً صغيرة، وإن لم تستطعْ زرعَها فارسمها، ولوِّن بألوانِها المشرقة حياةَ أناسٍ لم يرَوْا في الحياةِ إﻻ جانبَها المظلم* *كُنْ ذا أثرٍ في حياتِك ، كن ذا أثرٍ.*
|
|
|