الاستخارة برهان لكل مقتضيات التوحيد !!
الاستخارة برهان لكل مقتضيات التوحيد !!
بسم الله الرحمن الرحيم
التمهيد :
إن لكل حقيقة براهين تدل عليها ليطمئن قلب العبد في رحلته إلى الآخرة ، والاستخارة برهان لكل مقتضيات التوحيد والعبودية .
أولا : خطأ شائع
هناك خطأ شائع قد يكون أسهم إلى حد كبير في العزوف والزهد عن الاستخارة وإتقانها ، وهو تصنيف الاستخارة ضمن الرقائق والمواعظ والأدعية ، والاستخارة غير ذلك تماما ؛ لأن الكتاب والسنة ،قد اشتملا على كل معاني ومقتضيات التوحيد والعبودية وتسليم المسلم لقلبه وعقــله القاصر لله.
قال سبحانه :
(( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )) "النساء : 125".
وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ إِسْلَامَ الْوَجْهِ، وَتُرِيدُ بِهِ الْإِذْعَانَ وَالِانْقِيَادَ التَّامَّ "[1]" .
وهنا يبرز سؤال مهم
(( كم منا مَن أسلم وجهه لله عن إحسان ؟))
ثانيا : الاستخارة برهان
الكتاب والسنة قد اشتملا على كل معاني ومقتضيات التوحيد والعبودية وتسليم المسلم لقلبه وعقــله القاصر لله ؛ ومعظم المسلمين يجهلون أن الاستخارة قد اشتملت على كل ذلك ، فهي برهان لكل ذلك ، وفيها ما فيها من أصول الصلة مع الله "[2]" ، وأقرب مثال على ذلك قد يصعب على أي مسلم أن يعلم مدى توكله إلا إذا كان مكثراً منها، لأنها مبنية عليه . والتوكل شطر الدين .
ثالثا : أمثلة تبين العلاقة بين الاستخارة ومقتضيات الوحيد
1) إذا استخار العبد ربه في مسألة تتعلق بالكفاية استحضر أن ربه الوكيل .
2) وإذا استخار في مسألة تتعلق بالرزق استحضر أن ربه الرازق والرزاق .
3) وإذا استخار في مسألة تتعلق بالغيب – استحضر أن ربه علام الغيوب .
4) وإذا استخار وحصل ما لا يعجبه ، استحضر أن الرضا بعد انقضاء الأمر واجب ، وإلا لا يعد مستخيرا لربه ، بل لهواه .
5) وإذا أراد الإقدام على أمر يظنه قطعا أنه من الخير ، أو أراد الإحجام عن أمر يكرهه أو يخاف منه . تذكّر :
أ) قوله سبحانه :
(( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة .
والشاهد :
تنبيه الخالق للخلق إلى أن الخير والشر حسب عرفهم وعلمهم قاصر ؛ لأنهم لا يعلمون الغيب والله يعلمه .
ب) قوله سبحانه :
(( أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) . " سورة النور "
والشاهد :
من الناس لا يثق إلا بعقله وعلمه وتخطيطه المنيع لبعده عن خالقه ، ويخاف أن يستخير ربه في كثير من الأمور ؛ لأن في قلبه مرض أو هوى ، ويخشى أن يحيف الله عليه وييسر له أمرا يكرهه . وهذه من سمات المنافقين وتنافي توحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات ، مع أنه شرعها لهم ليمنحهم لا ليمحنهم .
وإضافة إلى ذلك نجد الرسول صلى عليه وسلم أمر أمته بالاستخارة عند مجرد (( الهم ))، أي قوله : " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ".
والهم مرتبة من مراتب عمل القلب.وهي أدنى مرتبة من الإرادة والعزم ، وليس معنى كلمة (( الهم )) هنا ، الحزن أو التردد .فلينتبه لذلك ، والاستخارة عند مجرد الهم صورة من صور الْإِذْعَان وَالِانْقِيَاد التَّامّ .
وهكذا تجعل الاستخارة من العبد أن يستحضر صفات العبد والمعبود ، والركون إلى ربه ، وهذا الذي يجب لمن أراد أن يتقنها وينال ثمارها ، ويسلم وجه لله عن إحسان .
وفي الختام أسأل المولى أن يوفقنا جميعا لكل خير .
والى استباق الخيرات واجتناب المنكرات ..
اللهم آمين .