أسدل الليل عباءته واستيقظ ذلك المارد ينهش ذلك السكون الجميل والسواد أصبح كالمجنون يمزق رداء النور والألم ينهش ملامح الضوء البهي والصمت أصبح كغول يجثم فوق صدر القمر والصقيع يغرس أنيابه ويحدث ثقباً بطبقة الأزون تناثرت أضواء مصابيح الشوارع والشموع غيوم الأماني تتثاءب خيبات الأمل رذاذ المطر يتساقط على شرفات الوجع وأحلام بني آدم بدأت تنساق إلى أعماق المستحيل تشتد حِلكة سواد الليل ويشتد الصقيع وتتجمد أطراف الطموح ونتيهُ في مجرات اليأس ونتخبط بمدارات التشرد والضياع على هوامش الحياة نتسكع .. نرسم خطوطاً عرجاء عجباً لنا كيف حشونا أفواهنا بتراب الأنصياع كيف قبلنا أن نُقيد بسلاسل وأغلال الفراغ ..؟! أصبحت أيامنا مجرد فوضوية ألوان وبعثرة أوراق أنا و أنت نتقاتل وعلى فتات خبز نتهارش في دائرة الوجود جُردنا من أحاسيسنا انسلخنا عن انسانيتنا وأصبحنا وحوش وأعداء لم نعد نعلم من نحن ولا نعترف بتاريخ آباء .. ولا أجداد حقد .. وكره .. خيم على كل مساحات البياض بحاضرنا ولا ندري عن مُستقبلنا ..؟! ضربنا بعرض الحائط شموخ ماضينا وشوهنا جمال مبادئنا تداخلت القبيحة والمفاهيم الجميلة ببعضها فلم نعد ندرك معنى : ( أنا وأخي على ابن عمي ) والمرعب أننا نجهل معنى : ( أنا وابن عمي على الغريب ) أصبحنا نضع شريط لاصق على تلك المقولة لنوهم أنفسنا أننا أكثر تمشياً ومنطقية مع الواقع وتحت عباءة الليل نكرر كل يوم مأساة قابيل مع أخيه هابيل وعجزنا أن نكون مثل ذاك الغراب ونواري سوآءاتنا يازمن أصبحنا نعبأ الضمير بزجاجات فارغة ونبيعها على الأرصفة وقلوب مرتجفة من برودة الصقيع تتسول قليلاً من الدفء بزمان العولمة الأنسانية وئدت بيد هذا المسمى إنسان مع الأسف الآنسانية أصبحت بلا وطن وعنوان الآنسانية أصبحت سلعة تُباع وتُشترى |
|
[/QUOTE]