فتحت اميرة عينيها وهى مستلقية على سريرها .......شعرت انها تحلم وان كل ما حدث كان امنية تتحقق فى خيالاتها.....اغمضت عيناها ثانية وسرحت بافكارها بعيدا .....بعيدا فى ذكرياتها.....منذ ثمانية عشرة سنة.......
عندما كانت تلعب......تركض وسط الحقول الخضراء بعيدا عن أرض والدها.....تتعثر قليلا ولكن هذا لا يزيدها الا اصرارا......تسير بين الزهور الجميلة وهى تضحك ببراءة طفلة وجدت الافق امامها.....كانت تستند بيدها اليمنى على الاشجار وهى تسير بينما يدها يدها اليسرى تحمل دمية صغيرة شقراء الشعر......كانت تلك اكثر دمية احبتها بين كل الدمى التى اشتراها لها والدها وعلى الرغم انها كانت صغيرة الحجم الا ان قيمتها كبيرة فى قلب تلك الطفلة الصغيرة .....
سارت وسارت حتى وصلت الى جحر ارنب صغير فجلست بهدوء تناجيه وتداعبه ولكنه كان يحدق بها خائفا من جحره وفجأة ظهر ظلان امامها وما ان استدرت حتى رات ولدان شقيان بدأا يصيحان بها ويدفعانها ولكنها رفضت ان تشاركهما اللعب ولمح أحدهماالدميةفي يدها فاخذها منها بالقوة حتى انفجرت باكية ووقفا بعيدا عنها بقليل يلعبان بتلكالدميةوهى تراقبهما ويزداد صراخها شدة حتى اقترب منها فتى اخر...... كان يختلف عن شكلها كليا فهى بيضاء وشعرها فاتح اللون وعيناها عسلية .....اما هو فكان اسمر البشرة اسودالشعرويبدو عليه الفقر.....سألها بحنان عما يزعجها فاشارت الى دميتها فاتجه بقوة ناحية الولدان واوسعهما ضربا واخذالدميةمنهما وهرب الوالدان بعيدا.....واقترب منها بهدوء بعد ان توقف بكاءها واعطاهاالدمية
ضحكت اميرة وهى تتذكر هذا فلقد كانت بداية صداقتها الحميمة مع هذا الفتى الصغير الذى لم تكن تعرف اسمه .....فلقد كانت تقابله فى هذا المكان دائما ويلعبان سويا بعض الوقت ثم ترحل هى......ولكنها كانت تحبه كثيرا جدا لدرجة انها قالت انها سوف تتزوجه عندما تكبر على الرغم انها صغيرة لا تدرك معانى هذه الاشياء .......وكان هو يحميها دائما ويحن عليها...... وذات ليلة اضطرت الى السفر بعيدا وكان احتمال عودتها ضئيل فبكت لفراق صديقها ولكنه لم يفعل بل واعطاها ورودا لكى تتذكره بها ووعدها الا يلعب مع احد غيرها حتى تعود ففرحت ثم فكرت قليلا واعطتهالدميةالشقراء وقالت له ان يحتظ بها الى ان يلتقيامجددا ليعيدها لها وهو فرح لذلك واستقرتالدميةاخيرا بين كفيه ....... قالت فى بالها حزينة انها كانت اخر مرة ترى فيها بطلها الصغير وان تمنت ان تراه طوال السنين التى فرقتهما وشعرت دائما انه لها وانها له وان حاملالدميةهو الشخص الوحيد الذى ستتزوجه فى هذا العالم ....
كان حلما بالنسبة لها ان يخبرها والدها انهما عائدان الى تلك البقعة من الاراضى ثانية.....شعرت ان كل احلامها تحققت ولكنها خافت الاتتعرف عليه او ان يكون قد اضاع دميتها او الا يتذكرها التبة.....وعندما وصلت هناك كانت تتجه كل يوم الى ذلك المكان الذى كان يلعبا فيه سويا......كانت تبحث عنه فى كل مكان ولكنها لم تجده...وعندما سألت عن اذا كان هناك اسرة تعيش فى هذا المكان فاخبروها ان تلك الاسرة رحلت منذ سنوات فحزنت حزنا كبيرا ولم يعد لها رغبة فى البقاء وذهبت الى العاصمة وقررت ان تعمل هناك وحاولت ان تنسى كل الحكاية ..... كل احلامها القديمة....احلامها الطفولية الصغيرة بان تتزوج من الصغير الذى كان يحميها ويلاعبها ولكن جزءا منها لم يستطع ابدا
كانت تسيروحيدة ذات مرة فى اح الشوارع الرئيسية وهى سارحة بافكارها بعيدا.....حتى اصطدم بها شخص فسقط شىء كان مربوط بطرف بنطاله العلوى من الخلف وسقط بين قدميها ولا يبدو على الشاب انه لاحظ هذا فهبطت تمسك بذلك الشىء وهى تنادى الشاب ان يتوقف ثم وقعت عيناها..... على لعبتها القديمة الصغيرة التى كانت بحجم كف اليد ونظرت اليها كمن فقد جوهرة فى قديم الزمان وعادت اليه وفرحت كثيرا انها عادت مجددا بين يديها ثم رفعت عيناها ببطء الى ذلك الشاب الذى يحدق بها ......كان اسمرا عيناه قويتان ......انه هو.......
هو من انتظرته طوال هذه السنين
ابتسم لها بامتنان وقال شاكرا :
" انها تخص شخصا عزيزا على "
فتاثرت لتلك الكلمات ولكنها قررت الا تصارحه بحقيقتها ليس فى الوقت الحاضر .....
تقلبت اميرة فى فراشها وهى تبتسم فى خجلة بعدا ان تذكرت تفاصيل علاقة الحب القوية التى جمعتها بذلك الشاب منذ تلك الليلة وكانهما احبا بعضهما من النظرة الاولى......وكانهما يعرفان بعضهما منذ سنوات......طبعا كان طباعه مختلفة كليا ولكن قلبه الحنون لم يتغير وشعرت انها تحبه بكل جوارحها كرجل وليس الطفل الذى فى ذاكرتها ..... فلقد نسيته بعد ان قابلت ذلك الرجل الفاتن الذى احبها حتى انها لم تكترث اذا غضب والدها عندما علم بزواجها من رجل اقل من مستواها ولكنه ما لبث ان رضخ للامر الواقع بعد ان راى حبهما الكبير الذى كان واضحا ان لا شىء يمكن ان يوقفه.....وتزوجا فى حفل كبير ملىء بالفرح والضحك ولم يترك يدها من اول الحفل الى اخره .....كان هذا الليلة الماضية.
شعرت انها ربما فعلا تحلم .....وتذكرت وهى تبتسم انها لم تخبره بعد انها صاحبةالدمية
ثم قالت هامسة :
" ساخبرك بشىء يا حبيبى .....انا هى صاحبةالدمية"
فشعرت بجسمه يتصلب وهى تضحك عالمة انه قد ذهل بشدة ولكن النظرة التى اعتلت وجهه عندما ارتد اليها كانت تساؤل لا ذهول وقال :
" اى دمية ؟؟!! ....."
فقالت :
"الدميةالتى تحملها معك دائما .....الدمية الشقراء .....انا الفتاه التى كنت تلعب معها دائما وانت صغير .....والتى اعتطك تلكالدمية......لابد انك مذهول !!!...."
فحدق فيها بعدم فهم وقال متلعثما :
" تلعبين معى؟؟!!....."
فشعرت انه لم يفهم وقالت :
" الا تتذكر انك قلت لى ان صاحبالدميةشخص عزيز عليك ....انا من اعطتك اياها منذ ثمانية عشر عاما "
فازدادت نظرة التساؤل عنده وقال :
" معذرة حبيبتى .....ما عنيته بالشخص العزيز على هو صديقى طارق وهو صاحب الدمية.....لقد كنا اصدقاء بشدة ونحن صغار وبعد عشر سنوات مات بمرض فى رئتيه وعندما ذهبت لازور بيته اخذت تلكالدميةكتذكار منه لانه كان يحملها طوال الوقت ويعلقها فى ثيابه دون سبب واضح !!!!"
وهنا ذهلت اميرة بشدة وعلمت ان ذلك الشخص حاملالدميةلم يكن نفسه الطفل الذى صادقته منذ زمن طويل كما فهم هو سر اعجابها به بعد ان رأتالدميةمعه وسر احتفاظ صديقه بتلكالدميةفقال مشككا والحزن بادٍ عليه :
" احببتنى لهذا السبب ؟!... لقد ظننت انه انا ذلك الفتى ..... الهذا تزوجتنى ؟..."
وهنا رفعت عيناها اليه بعد تفكير طويل وقالت مبتسمة :
" يالاقدار !!... لقد اعتقدت دائما ان حاملالدميةسيكون الشخص الذى ساتزوجه ....ولم افكر لحظة انك مختلف عن ذلك الفتى ولكن ما حصل حصل لكى نلتقى ببعضنا البعض ..... اليس القدر رائعا؟!.......لقد اعطيتالدمية
فقال
" اتعنين انك......لست نادمة ؟؟!!"
فدفعته فى صدره قائلة :
" ايها الاحمق .....كيف تفكر ان سببا كهذا سيهدم حبنا .....انا لا احب الفتى الذى فى ذاكرتى .....انا احب الرجل الواقف امامى !!!!"
وتعانقا بصدق ونظرا لبعضهما نظرة ملؤها الحب والامل ثم انفجرا ضاحكان لكل تلك الاحداث....