{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} تلك لقطة من الأخلاق الإسلامية العالية التي تقدمها سورة الإسراء والتي توضح مكانة الأخلاق في الإسلام، وتبرز صورة الحياة الهانئة التي ينشدها الدين الإسلامي حين يقرر شرائعه ويقدم للناس أحكامه، والإسلام يحفظ على المسلم دمه وعرضه وماله على وجه العموم ، ولكنه يشدد في مال اليتيم ويؤكد في النهي عن مجرد قربه إلا بالتي هي أحسن، ذلك أن اليتيم ضعيف عن تدبير ماله، ضعيف عن الذود عنه، والجماعة مكلفة برعاية اليتيم وماله حتى يبلغ أشده ويرشد ويستطيع أن يدبر ماله وأن يدافع عنه. ومما يلاحظ في هذه الأوامر والنواهي أن الأمور التي يكلف بها كل فرد بصفته الفردية جاء الأمر أو النهي فيها بصيغة المفرد ؛ أما الأمور التي تناط بالجماعة فقد جاء الأمر أو النهي فيها بصيغة الجمع، ومن ثم جاء النهي عن قرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن في صيغة الجمع؛ لتكون الجماعة كلها مسؤولة عن اليتيم وماله، فهذا عهد عليها بوصفها جماعة، ولأن رعاية مال اليتيم عهد على الجماعة ألحق به الأمر بالوفاء بالعهد إطلاقا فقال: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} حيث يسأل الله جل جلاله عن الوفاء به، ويحاسب من ينكث به وينقضه، وقد أكد الإسلام على الوفاء بالعهد وشدد، لأن هذا الوفاء مناط الاستقامة والثقة والنظافة في ضمير الفرد وفي حياة الجماعة. |