بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الدين هو الحياة :
أيها الأخوة الكرام ؛ نحن في مناسبة الهجرة ، هناك حقائق يجب أن تكون بين أيدينا الحقيقة الأولى : الدين الإسلامي ليس إعجاباً سلبياً ، أي مسلم يعتز بهذا الدين ، ويعجب به ، لكن هذا الاعتزاز ، وهذا الإعجاب لا يقدم ولا يؤخر إلا إذا اتبع .
(( إنما أنا متبع ولست بمبتدع ))
فالإنسان ما لم يتحرك إلى طاعة الله عز وجل ، إعجابه السلبي بالدين ، يعني في بالأرض الآن مليار وسبعمئة مليون مسلم ، وهؤلاء ليست كلمتهم هي العليا ، هذه حقيقة مرة ، وليس أمرهم بيدهم ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل ، وما ترونه على الشاشات من مآسي في العالم الإسلامي يؤكد هذه الحقيقة ، ليس أمرهم بيدهم ، وليست كلمتهم هي العليا ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل .
لذلك الدين ليس إعجاباً سلبياً ، وليس تراثاً ، وعادات ، وتقاليد ، وفلكلور ، الدين منهج الدين افعل ولا تفعل ، الدين منهج تفصيلي ، يبدأ من الفراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية وقد أبالغ إذا قلت ، قد يكون خمس مئة ألف بند ، كيف تختار زوجتك ، كيف تعاملها ، كيف تنجب كيف تربي أولادك ، كيف تختار حرفتك ، كيف تتعامل مع الآخرين ، منهج تفصيلي ، هؤلاء الذين اختصروه إلى خمس عبادات شعائرية وقعوا في خطأ كبير جداً ، لأن النبي الكريم قال :
(( بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمر ]
الخمس أعمدة ، أما الإسلام شيء آخر ، الإسلام منهج تفصيلي يبدأ من الفراش الزوجية ، وهو من أخص خصوصيات هذا الدين ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، فما لم نفهم الدين هذا الفهم الحقيقي نكون قد ابتعدنا عنه .
لذلك الوعود الإلهية كلها معطلة .
قال تعالى :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
[ سورة النور الآية : 55]
اعتمد الحقيقة المرة ، ولا تعتمد الوهم المريح ، هل نحن مستخلفون في الأرض ؟ لا والله .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
نحن لسنا مستخلفين .
﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
[ سورة النور الآية : 55]
ونحن لسنا ممكنين .
﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
[ سورة النور الآية : 55]
ونحن لسنا آمنين ، وهذه حقيقة مرة ، على مستوى العالم الإسلامي ، لسنا مستخلفين ولسنا ممكنين ، ولسنا آمنين ، أين الخلل ؟ الآية تنتهي بكلمة ، قال :
﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾
[ سورة النور الآية : 55]
فإذا أخل الطرف الآخر بما كلفه الله به من عبادة فالله جل جلاله في حل من وعوده الثلاث ، لذلك الوعود معطلة كلها .
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]
والحديث في الصحاح .
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
المسلمون مليار وسبع مئة مليون ، ومرة ثانية : ليست كلمتهم هي العليا ، وليس أمرهم بيدهم ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل ، بل إن العالم الإسلامي اليوم يواجه حرباً عالمية ثالثة كانت قبل حين تحت الطاولة ، الآن فوق الطاولة جهاراً ونهاراً .
الحقيقة الثانية : أن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، زوال الكون .
لذلك ما إن يستقر الإيمان بالمؤمن حتى يعبر عن ذاته بحركة ، الإسلام ليس سكوناً ليس إعجاباً سلبياً ، هذا شأن جميع المسلمين ، معجب بالدين ، نحن أمة الوحيين ، خير إن شاء الله ، نحن أمة سيد الأنبياء والمرسلين ، نحن أمة خاتم الأنبياء والمرسلين ، نحن أمة القرآن ، هذا إعجاب سلبي .
يعني إذا إنسان زار طبيب ومعه مرض عضال ، لكن قابل للشفاء ، أعطاه الطبيب وصفة ، هذا إذا قرأها قراءة رائعة ، يطيب ؟ إذا قرأها قراءة مجودة ، يطيب ؟ إذا وضعها ببرواز وعلقها بالغرفة ، يطيب ؟ يطيب إذا استعمل الدواء ، وما لم نستخدم الدواء لم نتحرر من مشكلاتنا .
لذلك والكلمة دقيقة جداً : ما إن تستقر حقيقة الإيمان في نفس المؤمن إلا وتعبر عن ذاتها بحركة ، المؤمن في عنده حركة ، يحضر درس علم هذه حركة ، يضبط بيته ، يضبط خروج بناته وزوجته ، ثياب زوجته ، يعني المرأة كل سانتي متر بثيابها متعلق بدينها ، كيف الشباب عندهم جهاد ، والجهاد ذروة سنام الإسلام .
(( ذروة سنام الإسلام الجهاد ))
[ رواه الطبراني عن أبو أمامة الباهلي ]
في جهاد النفس والهوى ، في الجهاد البنائي ، في الجهاد الدعوي ، في الجهاد القتالي لكن مشكلة المسلمين ما إن تذكر كلمة الجهاد إلا ويقفز ذهنه إلى الجهاد القتالي .
رجعنا من الجهاد الأصغر ـ الحرب ـ إلى الجهاد الأكبر جهاد النفس والهوى ، هذا أول جهاد ، في جهاد بنائي ، أن تبني أمتك ، إنشاء السدود ، استصلاح الأراضي ، توفير فرص عمل للناس ، قانون تأمين الصحي للناس ، في عنا جهاد نفسي ، وفي عنا جهاد بنائي ، وعنا جهاد دعوي .
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
[ سور الفرقان الآية : 52]
وفي عنا بالنهاية جهاد قتالي ، هذا آخر واحد ، أما في ثلاثة قبله ، النفس والهوى هو الأصل ، الجهاد البنائي ، والجهاد الدعوي .
فلذلك الله عز وجل يقول ، والكلام دقيق جداً ، بالأنفال الآية 72 :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا ﴾
[ سور الأنفال الآية : 72]
يعني ما تحركوا ، إعجاب سلبي ، تعظيم للدين ، لكن تعظيم فارغ ، لا يقدم ولا يؤخر .
يعني مثلاً : أب عالم كبير ، له ابن أمي ، هذا الابن مهما تحدث عن أبيه ، أبي عالم كبير أبي من فلتات الزمان ، أبي متفوق ، أبي يحمل شهادات عليا ، قد ما مدحه الأب عالم والابن جاهل ، وجهله سبب تخلفه ، فالمديح لا يقدم ولا يؤخر .
والله مرة في دمشق جمعت أخواني الأساسيين ، قلت لهم : لا أحد يمدح ولا بكلمة انظر أين الخلل ، لك نقد قوله لي ، بهذه الطريقة نرقى نحن ، المديح سهل ، والمديح يدغدغ مشاعر المتكلم ، ترتاح ، وأكثر الجماعات قد ما بيمدحو هالشيخ ألهوه ، والفرق الضالة كلها لها صفات مشتركة ، الفرق الضالة تأليه الأشخاص ، وتخفيف التكاليف واعتماد نزعة عدوانية ، لن تجد فرقة ضالة في العالم الإسلامي إلا وهذه خصائصها ، تأليه الأشخاص ، وتخفيف التكاليف واعتماد نزعة عدوانية .
الولاء والبراء .
فلذلك :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
هذا اسمه الولاء والبراء ، وهذا عند بعض العلماء الفريضة السادسة ، في عنا خمس فرائض وهذه السادسة ، الولاء والبراء ، أن توالي المؤمنين ولو كانوا ضعافاً وفقراء ، وأن تتبرأ من المشركين ولو كانوا أقوياء وأغنياء ، إذاً :
﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا ﴾
يعني ما تحركوا ، تعظيم ، تعظيم ، تعظيم ، كلامه طيب ، بالجلسة يسترسل بالكلام يتحدث عن هذا الدين لكن لك يطبقه ، لذلك الله عز وجل لا يتعامل بالتمنيات .
﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾
[ سورة النساء الآية : 123]
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾
ثم يقول الله عز وجل وهذه الآية الحاسمة :
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنفال الآية : 73]
يخططوا ، ويسهرون ، ويسعون جاهدين ، لإفقار المسلمين ، وإضلالهم ولإفسادهم ولإبادتهم .
روسيا أرسلت إلى الفضاء الخارجي كلبة ، اسمها لايكا ، وقتها بالخمسينات العالم قام ولم يقعد ، حرصا على هذه الكلبة ، كيف يضحوا بها ، كلبة ، لايكا ، أرسلت بمركبة فضائية ، وأما أربعمئة وخمسين ألف مقتول ، وأربعمئة ألف مفقود ، وأربعمئة ألف معاق ، وأربعمئة ألف مهاجر وفي عشر ملايين بلا مأوى ، ولا كلمة ، ولا حركة ، ولا تنديد ، ولا أبداً ، هذا العالم .
لذلك إن لم تكفر بالطاغوت لم تؤمن بالله ، قال تعالى :
﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾
[ سورة البقرة الآية : 256]
أنا أذكر مرة زارنا في دمشق كارتر رئيس أمريكي ، برنامج زيارته قرأته لفت نظري أول بند في زيارة رام الله ، وتل أبيب ، ودمشق ، وزيارة أسرة الأسير الوحيد جلعاد شاليط ، بند مستقل وقتها كان لنا عند اليهود 11800 أسير ، لا يستحقون أن تختار أسرة واحدة لأسير منهم وتزورها بالتوازي مع جلعاد شاليط ، فلذلك :
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران الآية : 119]
نحن ما صدقنا الله عز وجل ، والأحداث التي نراها كل يوم تؤكد هذه الحقيقة .
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾
وما لم نكفر بالطاغوت لن نؤمن بالله .
﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾
حقيقة الهجرة:
لذلك الحقيقة الخطيرة الدقيقة الخطيرة ، تؤكد أن الإيمان ، بل إن الهجرة تعلمنا أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
أنت عندك سفرة للعقبة مثلاً أنت كمؤمن ما الموقف الإيماني الكامل أن تراجع المركبة مراجعة تامة ، العجلات ، الشرط ، جمع شريط ، المحرك ، الزيت ، أن تراجع المركبة مراجعة تامة وبعد هذه المراجعة التامة أخذاً بالأسباب تقول : يا رب أنت المسلم ، وأنت الحافظ ، القضية ليست سهلة ، الذي يأخذ بالأسباب تزل قدمه ويعتمد عليها ، وينسى الله ، والذي لا يأخذ بها أصلاً يتوهم أنه متوكل ، وهو بالحقيقة ليس متوكلاً .
رأى سيدنا عمر جماعة يتكففون الناس ، قال : من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله .
رأى جملاً أجرب فقال لصاحبه : يا أخ العرب ، ما تفعل بهذا الجمل ؟ قال : أدعو الله أن يشفيه ، قال له : ألا جعلت مع الدعاء قطراناً .
نحن فقط ندعو ، اللهم دمرهم ، شتت شملهم ، إلى آخره ، دعاء نصف ساعة ، لكن ما تحركنا حركة وفق المنهج ، فالدعاء لا يقدم ولا يؤخر .
يرون طرفة ، أن واحد استأجر حمارة ، بريطاني ، القصة قديمة ، فصاحب الحمارة يمشي معه يسبه ، إنكليزي بريطاني ، سباب مفزع ، مر شخص يعرف الشخصين ، قال له : عم يسبك ، قال له : أسمعه ، لكن الحمارة تمشي .
هذا الغرب قد ما بدك سبه ، قول استعمار وصهيونية قد ما بدك احكي ، بس الحمارة ماشية ، نحنا متل ما قال البدوي : أوسعتهم سباً ، شو سبهم مسبات ، نادرة ، وأولوا بالإبل ، بس أخذوا الإبل أوسعتهم سباً وألوا بالإبل .
فيا أيها الأخوة الكرام ؛ الهجرة تعلمنا ، اللهم صلِ عليه ، استأجر دليل مشرك ، إذاً ممكن أن تستعين بخبرة الطرف الآخر ، استأجر دليل للهجرة مشرك ، الآن سار مساحلاً ، ليموه على المطاردين ، وكان معه الصديق ، وكان يأتيه شخص بالأخبار وخص يمحو الآثار ، لو درست الهجرة بدقة بالغة لترى هذا النبي أخذ بالأسباب بالتفاصيل ، ثم توكل على رب الأرباب ، أخذ بالأسباب وتوكل على رب الأرباب ، فنحن كمسلين فيجب أن نأخذ بالأسباب ، وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليس بشيء .
لذلك الأخذ بالأسباب إيمان ، وعدم الأخذ بها شرك ، الآن نحن بالإسراء في موضوع ثاني :
﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 1]
بثانية من مكة إلى بيت المقدس ، ثم عرج به إلى السماء ، كان ممكن أن ينتقل النبي الكريم من مكة للمدينة بهذه الطريقة ، الأولى :
﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 1]
أما الثانية : لنيرهم ، الأسلوب الصحيح بالتعامل مع الأشياء ، فالهجرة تعلمنا الأخذ بالأسباب ، ماده ترك ثغرة ، أولاً رجل يمحو الآثار بع، رجل يأتيه بالأخبار ، رجل ثالث يأتيه بالزاد سار مساحلاً ، واختبأ بغار ثور ، أما في ملمح بالسيرة ، أو ملمحان ، أول ملمح وصلوا المطاردون وصلوا إلى الغار ، سيدنا الصديق يقول : يا رسول الله ، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا وفي رواية ثانية : لقد رأونا ، قال له :
(( يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك ]
فمعنى ذلك أخذ بالأسباب تعبداً لكن اعتماده لا على هذه الأسباب على الله ، ملمح دقيق ، أخذ بالأسباب تعبداً واعتماده على الله ، فلذلك لم يتأثر .
الآن في طريق الهجرة تبعه سراقة ، نحن أحياناً نقرأ السيرة بسطحية ، تبعه سراقة ، لأن قريش وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، فإنسان مطارد ، إنسان مهدور دمه ، لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، له مئة ناقة ، قتله مئة ناقة ، إنسان مهدور دمه ، إنسان مطارد ، يقول لسراقة : يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى ، مطارد ، مهدور دمه ، ملاحق ، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ويا سراقة أنا سوف أصل للمدينة ، وسوف أنشئ دولة ، وسوف أسس جيش ، وسوف أقاتل أكبر دولة بالعالم ، وسوف أنتصر ، وسوف أعطيك يا سراقة سواري كسرى ، وسيدنا عمر قال : أين سراقة ؟ ألبسه سواري كسرى ، وقال : أعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى تحققت .
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، ما قولك بأشخاص ليسوا دولة ، أشخاص ، مقاومين ، أن يغلب على ظني أنهم مؤمنون ، يصنعوا طائرة ، وتحلق فوق تل أبيب ، وتقصف أماكن حساسة ، وتأتي بإصابة مذهلة ، هذا تأكيد لكلام القرآن الكريم ، هذا الذي حصل ، شيء لا يصدق ، صدق ولا أبالغ ، اضطربت موازين القوى في الأرض ، بهذه المشكلة بالأرض وليس عندنا فقط ، منظمة ، لا دولة ، ولا جيش ، ولا جيش نظامي ، أبداً ، أشخاص يصنعوا طائرة ، فوق تل أبيب تقصف أماكن بدقة بالغة .
فلذلك الله عز وجل كأنه يقول لنا لا تقلقوا ، أنا موجود ، والأمر بيدي ، لذلك تتالي النكسات على الأمة الإسلامية أنشأت ثقافة أنا أسميها ثقافة اليأس والإحباط ، والطريق المسدود هذه الثقافة خطيرة جداً ، هذه الثقافة تشل الأمة ، تنتهي الأمة فيها ، حتى أن النصر الحقيقي لا يصدق تمثيلية ، كذابين ، ما عاد المواطن يصدق شغلة إيجابية إطلاقاً ، من ثقافة اليأس والإحباط والطريق المسدود ، لكن الله تفضل علينا بمنعشات ، كيف في واحد مغمى عليه يعطوه منعش ، أحد هذه المنعشات علماني كافر عدو للدين ، صار بلد علماني هذه واحدة ، منعش هذا ، يعني جماعة ينتصرون مرتين 2006 ـ و2012 على رابع جيش بالعالم ، أول جيش بالمنطقة بفلسطين ، هذا منعش ثاني انهيار العالم الربوي ، منعش ثالث ، فكأن الله يقول لنا لا تقلقوا إنه موجود .
فلذلك أخوانا الكرام ؛ البطولة الثقة بالله عز وجل ، والأخذ بالأسباب .
شيء آخر : الاستعانة بالمشرك وارد ، يعني أن نأخذ ما عندهم ، سألوا أديب كبير بمصر : ماذا نأخذ ، وماذا ندع من حضارة الغربيين ؟ فقال : نأخذ ما في رؤوسهم ، وندع ما في نفوسهم ، في علم برؤوسهم نأخذه ، وفي فسق ، وفجور ، وانحراف ، وزنى ، بنفوسهم نتركه ، فإذا كان العكس أخذنا ما في نفوسهم ، وتركنا ما في رؤوسهم ، هذه مصيبة المصائب .
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الخير .
والحمد لله رب العالمين