لم أجد طريقة أجدى وأنجع للتحرر من الأحزان كالكتابة . عندما أغضب من نفسي أكتب. عندما أغضب من غيري أكتب . حينما أشعر أنني غير قادر على الكتابة أكتب . ليس مهما ما نوع ما أكتب وجودته . المهم أنني أتخلص من طاقتي السلبية عبر الكتابة . أحس أن كل أوجاعي تخرج من أصابعي . ليس شرطا أن ترى النور . ليس بالضرورة أن أتقاسم هذه الكتابات مع أحد . المهم أنني لا أدعها تلوث دقائقي وتفسد ساعاتي . عندما تتراكم الأحزان في داخلي تصبح حشودا تهدد يومي وتغتال أملي . لا أتذكر قط أنني فرغت من الكتابة حزينا . هذه الحروف التي نسكبها في الأوراق البيضاء أو الشاشات البيضاء تبدو كقطرات مطر متناثرة تبلل صحراء مزاجنا فتزهر . عندما أكتب يتحسن مزاجي بشكل مثير، بشكل كبير . أعود إلى التزاماتي التي هربت منها مبكرا بمعنويات مرتفعة ورغبة جامحة . أكتب أحيانا رسائل نصية لأشخاص فاتني أن أشكرهم على ما قدموه وأسدوه لي . أشخاص وجودهم في حياتي منحها نكهة وقيمة مضافة . أكتب لأصدقاء وغير أصدقاء دون مناسبة وبلا سابق إنذار . أكتب لهم ولا أنتظر منهم ردا . أكتب لهم لأن كتابتي إليهم توصلني إليهم رغم البحار والقفار . أكتب لأحبتي لأن أصابعي هي الجسر الذي يقلني على كتفه إلى قلوبهم وصدورهم . أكتب لأن الكتابة قارب يقودك إلى الأمل الهارب . تقربني الكتابة من الحياة التي أتوق إليها ولم أصل لها . نكتب لأن الحزن أعظم وقود للإبحار والفرار . كتبت الروائية الأمريكية، مارغريت منرلين ميتشل، روايتها الوحيدة ''ذهب مع الريح'' في ظروف صعبة وقاسية وظروف مأسوية وكارثية . انهمكت في كتابة عملها اليتيم وسط آلام فشل زواجها وعملها الصحافي . كانت تكتب لنفسها؛ لتحمي نفسها من الموت الذي يتربص بها ريب المنون . لكن حزنها دون أن تعلم منحها الشفاء والمجد عندما عانقت حروفها الأبصار والأفئدة . كانت كتابتها هي البلسم الذي وهبها الحياة . نكتب لأن الكتابة تشفي دون مراجعة طبيب أو وصفة طبية . نكتب لأن الكلمات تدفعك إلى الأمام ولا تجرك إلى الخلف. نكتب لأننا نستطيع أن نجرب ونعيد .. نمسح ونزيد . بينما الكلام عندما يخرج لا يعود . أحب أن أكتب لأنني أستطيع أن أحتفظ بما أكتب . أعود إليه في لحظات الشوق والحنين . أستعيده وأحتضنه. أذكره وأستذكره . علمتني أمي صغيرا عندما أريد شيئا منها أكتبه . وحينما لا أكتبه صحيحا لا تجلبه . مما رآق لي |
|