سليمان الجوسقى
الثائر المصرى الكفيف الذى صفع بونابرت على وجهه 1798..
ولد الفتى "سليمان الجوسقى" في القرن الثامن عشر في قرية "جَوْسَق" التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية، نشأ محروما من نعمة البصر، التحق بكتّاب القرية وحفظ بعضا من القرآن الكريم، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر، وكان حلم أهله أن يتخرج فيه ليكون أحد مشايخه، لم تقف الإعاقة حائلا أمام طموح الفتى، امتلك عقلا قد لا تجد مثيلا له لدى المبصرين، ينظر إلى المستقبل كأنه يراه أمامه، لا يفكر في مصلحة نفسه فحسب، وإنما جعل همه إنقاذ مصر من الجبروت الذي تتعرض له من قبل المماليك مصاصي خيرات مصر.
استطاع بشخصيته الودودة أن يكسب محبة زملائه من المكفوفين. تخرج الفتى سليمان الجوسقي من الأزهر، وانطلق لتحقيق طموحاته، تمكن من تنظيم أمور المكفوفين في جميع البلدان المصرية، جمع منهم ما فاض من الأموال، أنشأ لهم مشروعات تكفل لهم المعيشة الكريمة، أدار دولة العميان بحكمة وبراعة، أقام لهم تجارة عظيمة وأنشأ لهم المطاحن والمخابز .
يقول الجبرتي عن تعامل الجوسقي مع العميان: "وسار فيهم بشهامة وصرامة وجبروت وجمع بجاههم أموالًا عظيمة وعقارات".
عندما اشتعلت ثورة القاهرة الاولى 1798 ضد الفرنسيين لجأ اليه العامة خوفاً من بطش العساكر الفرنسيين فخطب فيهم مشجعاً ومحفزاً على الصمود ودعا الناس الى قتال المحتلين حتي النهاية وقال في خطبة بليغة سجلتها كتب التاريخ: «انكم بشر مثلكم مثلهم، فاخرجوا اليهم فإما أن تبيدوهم أو يبيدوكم» ، وقرر "الجوسقي" استخدام جيشه من العميان في مقاومة الحملة الفرنسية ، فجهز جيشه لمواجهتهم، وأمر باستخدام جميع الأسلحة الممكنة للمقاومة ،و طلب من المصريين "أن يتحصّنوا ويتسلّحوا بكل ما يقع تحت أيديهم من أنواع السلاح، من الحجارة والعصيّ والسكاكين والفؤوس، وما إلى ذلك من أنواع السلاح"، و كان يرسل أتباعه من جيش العميان إلى الوجهاء والمشايخ وزعماء المدن والقرى ووطنه ، وجعل العميان يتسولون امام حانات الخمور التي كانت للفرنسيين وبحجة التسول كانو يصيحون لله يامحسنين فياتي الجندي الفرنسي سكران ويعطيه المال فعندما يمسك بيد الفرنسي يشدها اليه ويعطيه طعنة ويلوذ بالفرار.
عندما توصل نابليون إلى أن "الجوسقي" وراء هذه الاغتيالات أمر بالقبض عليه، وحاول استمالة الشيخ، قدم له العديد من العروض التي رفضها وقابلها بالاستهزاء، إلى أن قدم له العرض الأكبر، وهو أن يجعله سلطانا على مصر، فأظهر الشيخ قبولا للعرض، ومد نابليون يده إليه متنفسا الصعداء، ومد الشيخ يده اليمنى مصافحا إياه، وكانت المفاجأة أن رفع يده اليسري ليصفع الأوروبي العظيم صفعة قوية على وجهه لا ينساها، وسجل الأديب الكبير علي أحمد باكثير هذا الموقف في مسرحيته "الدودة والثعبان"، وأورد على لسان هذا البطل قوله: " معذرة يا بونابرتة هذه ليست يدي .. هذه يد الشعب"، فجن جنون نابليون وأمر بقتل الرجل وإلقاء جثته في النيل.
تم اقتياده بواسطة عساكر الفرنسيين الى سجن القلعة لاستجوابه ومحاكمته وإعدامه، ورغم إدانته لم يتم اعدامه مع قادة الثورة الذين اعدمهم الفرنسيون لكونه كفيفاً وظل في السجن عدة شهور حتي لقي ربه. |
|
|