ارتبط اسم السلطان العثماني سليم الأول في التاريخ بمسألة التحول في سياسة الدولة العثمانية تجاه الفتوحات؛ حيث اتجه العثمانيون في الدور الأول من دولتهم إلى الميدان الأوروبي، وحققوا فيه انتصارات مذهلة، توجها السلطان محمد الفاتح سنة 857هـ = 1453م بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ودرتها المتلألئة التي ظلت حلما راود الخلفاء المسلمين منذ بداية العصر الأموي، واتخذها عاصمة للدولة ثم اتجه العثمانيون بفتوحاتهم نحو الشرق، وكان هذا هو نقطة التحول في سياستهم، وشاءت الأقدار أن تشهد فترة ولاية سليم الأول هذا التحول، الذي كان من أثره أن امتدت رقعة الدولة العثمانية، وأصبحت دولة آسيوية أوروبية أفريقية. ولاية سليم الأول تولى سليم الأول عرش الدولة العثمانية في (8 من صفر 918هـ = 25 من إبريل 1512م) خلفا لأبيه بايزيد الثاني الذي تنازل له عن السلطة، وكان أول عمل قام به السلطان الجديد قيامه بالقضاء على الفتن الداخلية التي أثارها إخوته ضده تطلعا للحكم وبعد ذلك كان في انتظاره أمران، كان لهما الأثر البالغ في توجيه السياسة العثمانية. أما الأمر الأول فهو ازدياد النمو الشيعي في إيران والعراق، وتهديد الدولة الصفوية الشيعية للدولة العثمانية. وأما الأمر الآخر فهو تصاعد الخطر البرتغالي في الخليج العربي، وتهديدهم للأراضي المقدسة. الصراع العثماني الصفوي ظهر إسماعيل الصفوي في مطلع القرن العاشر الهجري، ونجح في إقامة دولة شيعية في إيران سنة (907هـ = 1502م) وأعلن نفسه ملكا، وأصدر السكة باسمه، وجعل المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي لإيران بعد أن كانت تتبع المذهب السني، وبدأ يتطلع إلى توسيع مساحة دولته، فاستولى على العراق، وأرسل دعاته لنشر المذهب الشيعي في الأناضول مما أثار حفيظة الدولة العثمانية المجاورة لها، وبدأت المناوشات العسكرية بينهما في أواخر عهد السلطان بايزيد خان، ثم تحولت إلى صدام هائل بين الدولتين في عهد سليم الأول. أعلن سليم الأول الحرب على الصفويين، وسار بجيوشه من أدرنة متجها إلى تبريز في (22 من المحرم 902هـ = 14 مارس 1514م) فتقهقرت الجيوش الفارسية أمامه بقصد إنهاك قواه حتى تسنح الفرصة للانقضاض عليه، والتقى الجيشان في وادي جالديران في (2 من رجب 920 هـ = 24 أغسطس 1514م) وكانت معركة هائلة حسمت فيها المدفعية العثمانية النصر للسلطان سليم الأول، وفر الشاه إسماعيل الصفوي، وتمزق جيشه، ودخل السلطان سليم تبريز حاضرة الصفويين، يحمل على رأسه أكاليل النصر في الرابع عشر من رجب، وأثمر هذا النصر عن ضم السلطان سليم كثيرا من بلاد أرمينية الغربية، وما بين النهرين، وتبليس، وديار بكر، والرقة والموصل ثم عاد إلى بلاده ليعد العدة لصراع الجديد ضد أقاليم الشرق العربي. القضاء على دولة المماليك اجتاز السلطان سليم الأول عقبة الدولة الصفوية التي كانت تعوق حركة دولته وتهددها، وبدأ في الاستعداد للخطوة الأخرى |
|
|