مرسيدس cw311 هي النجمة الألمانية التي لم تسمع عنها من قبل شركة مرسيدس تأخذ تاريخها واسمها بشكل جدي. لذلك، لن تجد أي سيارة في العالم تحمل شعار النجمة الثلاثية الشهير، إلا إذا كانت فعلا سيارة مرسيدس-بنز. ولكن هذه السيارة هي الاستثناء لهذه القاعدة. إذ أنها لم تصنع في شتوتغارت، ولا حتى تم تطويرها من قبل مرسيدس. بل إنها حتى في قلبها سيارة بورشه بقدر ما هي مرسيدس! إنها مرسيدس CW311، سيارة مرسيدس الفريدة التي لم نسمع عنها من قبل! القصة تبدأ مع مهندس اسمه إيبرهارد شولتز. في الستينيات من القرن الماضي، قام شولتز ببناء سيارة اختبارية، أطلق عليها اسم “إيراتور جي تي”، وكانت عبارة عن تعديل لسيارة فورد جي تي مع أبواب مجنحة، محرك بقوة تجاوزت 400 حصان وسرعة قصوى تعدت حاجز 300 كلم/س. بفضل هذه السيارة، حصل على وظيفة لدى بورشه، بعد أن كان قد تقدم بطلب للعمل لدى مرسيدس، حيث عمل هناك بعد ذلك كمهندس لمدة خمس سنوات. في أواخر الستينيات، قدمت مرسيدس سيارتها الاختبارية الشهيرة، C111. ولكنها ظلت مجرد نموذج اختباري لم ير النور كسيارة مخصصة للإنتاج التجاري. ولكن شولتز على ما يبدو لم يعجبه هذا الأمر. فبدأ يعمل على تطوير سيارة مشابهة، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون سيارة قابلة للإنتاج وبتقنيات تقليدية، إذ أن مرسيدس اعتمدت في سلسلة طرازات C111 المتعددة على محركات “وانكل” ومحركات التيربو ديزل وغيرها كسيارات للبحوث والتطوير. ولكن وكما كانت مرسيدس C111، كانت رؤية شولتز تتمحور حول سيارة مستوحاة من طراز 300SL العريق، في صورة حديثة. ولتحقيق ذلك، تعاون مع راينر بوخمان، صاحب شركة “B+B” للتعديل، (والتي عرفت بتعديلاتها الغريبة، إنما المتقنة للسيارات). النتيجة كانت سيارة رياضية منخفضة، مع أبواب مجنحة وبمحرك وسطي، تماما مثل طراز C111، ولكن لتحمل السيارة اسم مرسيدس C311. خلف الاسم وقفت حقيقة أن معدل نسبة الجر الانسيابية للسيارة كانت… Cw311، ولكن أيضا كصلة بين طرازي 300SL من جهة، وطراز C111 من جهة أخرى. تطوير مرسيدس cw311 استغرق ست سنوات، وتم الكشف عن السيارة لأول مرة عام 1978، لتذهل عالم السيارات بشكلها الفريد والمميز، وتجهيزاتها المميزة. فقد أصر شولتز على أن تستخدم السيارة أفضل التقنيات الحديثة المتوفرة، وكان له ما أراد. فبنيت مرسيدس cw311 على قاعدة من الأنابيب المعدنية مثل سيارات السباقات الشهيرة من بورشه كطراز 917 الأسطورية، مع جسم خترجي خفيف من “الفايبر جلاس” الخفيف. في وسطها محرك مرسيدس V8، ولكنها بورشه بقدر ما هي مرسيدس. إذ أن أن نظام المقود كان من بورشه 911، فيما التعليق مستعار من بورشه 928. حتى عدادات السيارة ومفتاح التشغيل كانا من بورشه. “كنت دوما رجل بورشه، ولكن مرسيدس هي الأعظم”، هكذا كان يقول شولتز، وهو ما تجلى في تصميم السيارة الفريد، والذي استوحى خطوطه من سيارات مرسيدس المختلفة، بدءا من الأبواب المجنحة من طراز 300SL، مرورا بالعادم الجانبي المستوحى من طراز 300SLR الشهير الذي حقق الفوز في سباق الألف ميل (والذي عادت مرسيدس واستوحت اسمه في طراز SLR مكلارين). ولكن شولتز أراد للسيارة أن تكون صالحة أيضا للاستخدام اليومي، وأن تكون سيارة يمكن صيانتها بسهولة لدى أي من ورشات مرسيدس أو بورشه. لذلك ركز على مرونة الاستخدام، مع مساحة تخزين واسعة، مجال رؤية كبير في كافة الاتجاهات، وحتى تزويد السيارة بنظام تكييف، وهو أمر اقتصر على السيارات الفارهة في السبعينيات. وشكل مرسيدس cw311 هو ربما ما أعطاها هذه المميزات. الأبواب المجنحة (Gullwing) ربما مستمدة من طراز 300SL، ولكنها أيضا عملية من حيث تسهيل الدخول والخروج إلى السيارة، وضرورة تقنية بسبب وجود خزانات الوقود في أسفلها، مثل الطراز الكلاسيكي لتوزيع أفضل للوزن وخفض مركز الثقل. شكل السيارة الانسيابي أعطاها مظهرا مميزا وساهم في رفع أدائها. ويبرز هنا أمران اثنان. أولهما الأضوية الأمامية المغطاة بغلاف قابل للنزع للكشف عنها دون أن ترتفع وبذلك لا تؤثر على انسيابية السيارة. والأمر الثاني هو المرآة الخلفية المثبتة في أعلى السقف، والتي يمكن النظر إليها عبر السقف الزجاجي. حل عبقري لرؤية أفضل إلى الخلف! حتى لون السيارة الأبيض اللؤلؤي كان مميزا. إذ أن شركة MERCK لم تقدم هذا اللون الخاص إلا بعد سنوات، فكانت مرسيدس cw311 أول سيارة تطلى به. ولكن سيارة كهذه ينبغي لها أن توفر أداء يتناسب مع مظهرها. لذلك اعتمد شولتز على محرك V8 من مرسيدس، وتحديدا محرك M100 الشهير من طراز 450SEL 6.9، وبتعديل من AMG، ليوفر قوة بلغت 375 حصانا عند 5200 د/د، وعزم دوران وصل إلى 580 نيوتن متر عند 5000 د/د. اتصل المحرك بعلبة تروس من صنع ZF بخمس نسب أمامية، ووفر للسيارة أداء لم يكن معهودا أبدا في ذلك الوقت. إذ وصلت مرسيدس cw311 إلى سرعة 100 كلم/س في 4.8 ثانية فقط، وإلى سرعة 200 كلم/س في 12.7 ثانية. أما سرعتها القصوى فبلغت 319 كلم/س. للمقارنة، أسرع سيارات فيراري في ذلك الوقت، طراز 512 BB كان يحتاج إلى 5.4 ثانية للوصول إلى 100 كلم/س، وسرعته لم تتعدى 288 كلم/س. أما لامبورجيني كونتاش LP400S، فاحتاجت إلى 5.9 ثانية، وسرعتها لم تتعد 254 كلم/س! شولتز وبوخمان قدما السيارة مع نجمة مرسيدس الثلاثية على مقدمتها، بدون الرجوع إلى مرسيدس، والتي فكرت بمقاضاتهما. ولكن مرسيدس cw311 جلبت الكثير من التغطية الإعلامية في ذلك الوقت، إذ كانت نجمة مجلات السيارات، بل وحتى نجمة فيلم (Car Napping)، حيث لم يكن السائق خلف المقود خلال التصوير في الحلبات سوى بطل العالم للفورميولا واحد نيكي لاودا! لذلك قررت مرسيدس السماح لشولتز باستخدام اسمها، ولتكون مرسيدس cw311 السيارة الوحيدة حتى اليوم التي حملت اسم مرسيدس، دون أن يشرف عليها المصنع الألماني. مسيرة مرسيدس cw311 لم تطل. إذ بقيت مجرد سيارة اختبارية. ولكنها شكلت الأساس الذي اعتمد عليه شولتز لإطلاق سيارته الخاصة، والتي حملت اسم إزديرا إمبيراتور… ولكن تلك قصة أخرى سنأتي إليها لاحقا!