عـــلــى ثــراك يــا حبــيــبــي يا رســـول الله كدت أكتب خاطرتي هذه ، عن الحب والعشق وأحوال المحبين والعاشقين ، تحت عنوان ( الحب ، بين العذوبة والعذاب )
، لولا أن هتف بي هاتف قائلاً : يا هذا ، كيف تكتب عن العشق والهيام ، وما أنت من أهله ولا أربابه ، وقد لا تفرق بين خطأه وصوابه ، ثم مالك لا تكتب عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وأيهما أحق بالكتابة ، مجانين الحب والغرام أم رسول الهداية والسلام
صدقت أيها الهاتف ، ولكن أما ترى أن الواحد منا إن وقف أمام عظيم أو ملك ، انعقد لسانه واضطربت أركانه ، فكيف إن كان لهذا العظيم كل الفضل عليه ، وكيف إن كان بعد ذلك الفضل كله ، قد عصاه وأعرض عن هداه وسنته ، فماذا له أن يقول وبماذا يتكلم
يا حبيبي يا رسول الله ، ماذا أكتب وأنا أكتب عنك ، ويكفيني ذلك فخراً وشرفاً
ماذا أكتب ؟ أأكتب عنك وعن صفاتك ، أم عن سيرتك وأخبارك ، أم عن رحمتك وعطفك ، أم عن صبرك وتحملك ، أم عن شوقي إليك ، أم أعتذر لك ، أم أبرر لك إعراضي عن سنتك ، لم تسعفني كلماتي فماذا أكتب
يا حبيبي يا رسول الله ، قلوبنا قد امتلأت حباً لك ، وقد ذابت شوقاً إليك ، وإننا لنود أن نفديك بأموالنا وأرواحنا ومهجنا وبالناس أجمعين ، وكيف لا نشتاق وقد اشتقت إلينا ، كيف لا نشتاق وقد قلت :
(( اشتقت لإخواني )) ،
قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله
قال : (( لا أنتم أصحابي، أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني )) ، فصلوات الله عليك يا رسول الله ، وكيف لا نحن وقد حن إليك جذعٌ جمادٌ لا يعقل ، أفلا تحن قلوب قد أشربت بحبك وهامت شوقاً إليك
يا حبيبي ، أي قلب لمن لا يحبك ولا يشتاق إليك ولا يحن إلى رؤيتك وصحبتك ؟ ولا يتحسر على فوات شرف الصحبة والرفقة وأي قلب لمن لا يتأثر وينفطر قلبه عند سماع سيرتك ، ثم أي حب يزعمه المحب وهو معرض عن سنتك ، غير مقتدي بأثرك ، ولا يحب سماع سيرتك ، وقد يبخل حتى بالصلاة عليك ، فبأس ذلك الرجل ، ويا ويلاً له
يا حبيبي يا رسول الله ، حبك ليس يوماً نحتفل فيه بمولدك ، نطبل ونزمر ثم نعود ، بل هو واقع نعيشه ، وسبيل نسير فيه ، ونور نهتدي به
عذراً يا رسول الله ، عذراً منك على ما آل إليه حالنا ، وعلى ما يصيبنا من تقصير وضعف وهوان ،
هل ستعذرنا وأنت الرحيم بأمتك ، وأنت أرحم بالواحد منا من أمه ، نعم قصرنا في تطبيق سنتك ، وفي اتباع سيرتك ، وفي الاقتداء بنهجك ، عصيناك في ما أمرت ، وفعلنا ما نهيت ، اتبعنا اليهود والنصارى حتى دخلنا وراءهم جحر الضب ، ادعينا حبك واتبعنا غيرك ، قصرنا في الدفاع عنك وقد شتمك البقر وقصرنا في الذب عن عرضك ، ولكن لتعذرنا يا رسول الله ، فإننا نعتذر ونتوب من كل إعراض وتقصير
ابشر يا رسول الله ، فبرغم ما نعيش به من ضعف ، ما يزال فينا الخير ، تصديقاً لقولك : (( الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة )) ، فعددنا يقارب المليارين ، والمئات يدخلون في الإسلام كل يوم ، وقد عاد كثير من المسلمين إلى دينهم ، وقد عادوا إلى سنتك ونهجك ، ويتمنون لو بذلوا للدفاع عنك المهج والأرواح ، ويود أحدهم لو رآك بأهله وماله وولده
يا حبيبي يا رسول الله ، قد فاتنا شرف صحبتك ورؤيتك في الدنيا ، فهل سنراك في الآخرة ونصاحبك ، أم سنحرم من ذلك وتقصر بنا آمالنا وأعمالنا
يا رسول الله قد ذبنا شوقاً إليك اليوم ، فهل سنشرف بك غداً ، هل سنشرب من يديك شربة لا نظمأ بعدها أبدا ً ؟ هل سنحدثك ونساررك ؟ هل سنمازحك ونضاحكك ، هل سنشرف بجلسة معك ؟ أو حتى نظرة إليك ؟ ذلك أملنا وظننا بالله ، ونعدك أن نعد لذلك اليوم ، يا حبيبنا يا رسول الله
بأبي وأمي أنت يا خير الورى وصلاةُ ربي والسلامُ معطرا |
|
|