عندما يموت الحوار المنزلي نتيجة متاعب العمل
الصمت الزوجي الطلاق الخفي
متاعب العمل مسكن للزوج والزوجة
الدمام
ترتفع باستمرار الشكوى من اتساع مساحة الصمت في الحياة الزوجية.الزوجات يطالبن بالحوار الدائم، والأزواج يبحثون في البيوت الزوجية عن الاستراحة والهدوء. وغالباً تعاني الزوجة هذا الصمت، وأحياناً يعاني الزوج هذا الجانب، وفي كل الحالات يسهم الصمت في إرباك الحياة وإثارة الشكوك حول أمور عديدة تتوقع الزوجة أنها تحدث مع زوجها مما يجعله يهرب إلى عالمه الخاص وهو داخل منزله المحتاج إلى حوار ونقاش وبحث دائم في تفاصيل كل وقائع الحياة. أزواج وزوجات يكشفون عن معاناتهم من هذا الجانب الذي أصبح سائداً في الحياة المعاصرة والمتعبة، والبعض حدد عدداً من الاقتراحات لتفادي ضرر الصمت الزوجي"اليوم"سلطت الضوء على الظاهرة التي باتت متفشية لايجاد حلول جذرية..فالى المحصلة. بداية ترى عائشة العتيبي أن الصمت في الحياة الزوجية تفرضه الظروف ومستجدات الواقع، وفي الفترة القديمة كان الأزواج يتحاورون مع الزوجات في شتى الأمور، وتتحدث الزوجة بانطلاق واسترسال عن تفاصيل يومها حتى تكاد تصل إلى أبسط الأمور سواء ما يجري معها أو ما يحدث مع الأقرباء أو الجيران. وكان الزوج يصغي بسرور لأن الحياة كانت خالية من متطلبات الفترة المعاصرة الحالية. الاستراحة والاسترخاء وتضيف: ربما يكون عمل المرأة خارج المنزل، وعمل الزوج أيضاً، وعودتهما إلى المنزل والتعب الذي يحيط بهما، من أهم أسباب انعدام الحوار بين الزوجين، بالإضافة إلى وجود التلفزيون الذي يدفع بالزوج إلى عدم مفارقته لكي يحقق الاستراحة والاسترخاء، وهذا يقلل إمكانية جلوس الزوجين مع بعضهما البعض ليبحثا أمورهما. واليوم نجد أن البحث عن عمل آخر لتأمين متطلبات المنزل والوصول إلى حياة كريمة تخلو من النقص هو ما يدفع الصمت نحو المقدمة في علاقات البيت الزوجي. وأسوأ ما يمكن أن نعانيه هو عدم الحوار والنقاش بسبب التعب والتوتر الخارجي، وليس بسبب خلافات أو عدم توافق فكري مثلاً. مسؤولية الأب ويقول حبيب الحسن: ان مسؤولية الأب تجاه أسرته تجعله يبذل جهوداً مضنية خارج المنزل مما يجبره على الصمت داخل المنزل، لأنه بحاجة إلى هدوء وصفاء بعد أن واجه الحياة بكل توتراتها ومفاجآتها. والصمت في البيت الزوجي لا يعني الانفصال الروحي أو العاطفي مع الزوجة ولكنه يشكّل حالة تأمل، أو يحدث بسبب الرغبة بالتسلية من خلال المشاهدة التلفزيونية مثلاً. ويضيف: عملي لفترات طويلة خارج المنزل يخفف من فرص الاجتماع المتواصل مع زوجتي وأولادي مما يبعدني عنهم وعن أمورهم الخاصة ومشكلاتهم، وهذا يزعج زوجتي ويؤدي إلى ايجاد مشكلات حول أبسط الأمور بسبب انعدام الحوار. وعندما أدخل المنزل مرهقاً لدرجة انني لا استطيع أن أحتمل أية كلمة أو حوارا، أكون بحاجة إلى الراحة والاسترخاء، وتكون زوجتي منشغلة بأمور البيت والأولاد واهتماماتهم، وهنا يعم الصمت حياتنا، ولكن يجب ألا نفسّر هذا الأمر بشكل سلبي ونعطيه الأبعاد الخاطئة لأنه نتيجة للحياة الاستهلاكية حتماً. أما حصة الماجد فتؤكد أن الصمت الزوجي مشكلة يجب أن يحلها الزوجان مهما كانا متعبين أو متوترين خارج المنزل. ولابد من الحوار حتى لو اضطر الزوجان إلى إلغاء هوايات مهمة أو التوقف عن متابعة برامج تلفزيونية جذابة ما دامت الحياة الزوجية تحتاج للتوافق الفكري بين الزوجين. ولا يحقق هذا الجانب سوى الحوار وتجاذب الأحاديث العامة. وتضيف: عملي خارج المنزل يوجد جواً من الابتعاد الذهني عن زوجي ويحدث انعدام الحوار، وهذا يسيء إلى تلك العلاقة المقدسة بين الزوجين، والتي تقوم أساساً على الحوار والنقاش، وقلة الحوار تجعلنا بعيدين تماماً عن الأولاد. وبعد عودتي من عملي أتجه إلى العمل داخل المنزل، وتعليم الأولاد، والاهتمام بشؤون منزلية عديدة، بينما يحرص زوجي على مشاهدة آخر الأخبار على شاشة التلفزيون فيعم الصمت حياتنا، وهذا أحاول تفاديه الآن بكل جهودي. تغيير الوقائع يرى فؤاد العبدالغني أن الحياة العصرية أصبحت تتطلب من الإنسان تغيير وقائع يومه وإملء الوقت بشيء من التسلية، أو بالوجود ضمن أجواء مختلفة دائماً، لكي يتمكن من متابعة عمله وتأمين مستلزمات حياته. ويقول: بعد عودتي من عملي أكون مرهقاً تماماً، وأستريح قليلاً في وقت القيلولة، وبعدها أجتمع بأصدقائي أو أشاهد التلفزيون وأتابع مستجدات الأخبار أو بعض البرامج المهمة، لكن زوجتي تعلن دائماً رفضها لهذا الواقع، فهي تريدني أن أجلس معها ونفتح حواراً حول أمور المنزل والأولاد، وأنا أترك لها هذه الناحية كي تقوم هي بمعالجتها وذلك لوجودها إلى جانب الأولاد أكثر مني. وثانياً، لأنني لا أكون دائماً مرتاحاً وجاهزاً للاستماع بسبب عملي الوظيفي المرهق، فأحياناً أكتفي بالإصغاء، وأحياناً أخرى لا أستطيع أن أصغي كثيراً لأن تفكيري يكون مملوءاً بأمور كثيرة ومشكلات متعددة. وهنا يصبح الصمت موجوداً في حياتي الزوجية، لكنني أعتبره أفضل من الكلام المرهق، فالصمت حالة تؤدي للهدوء والصفاء كما تؤهل الإنسان العامل والباحث عن مستوى أفضل في حياته المهنية لتجديد قواه ويوفر جهوده الذهنية لما يحتاجه عمله. وترى نوال المرزوق أن الزوجة قادرة على إلغاء الصمت من حياتها الزوجية حينما تعرف كيف تشارك زوجها في ميوله وهواياته والأحاديث التي تهمه ولكن دون أن تتنازل عن الحوار في هواياتها وما يهمها. وهنا يحدث اللقاء الدائم بين الزوجين، وتتأسس الحياة على مشاركة فعلية سواء كان الحديث خاصاً أم عاماً، أم كان الزوجان أمام شاشة التلفزيون يتابعان ما يراه أحدهما مناسباً له، ليشارك الآخر في هذه المشاهدة. وتضيف موضحة: أنا أرى أن أهم الضرورات التي يجب أن يتحلى بها المنزل الزوجي، لتسهم في تقويم مشكلاته وتقوي أركانه، هو الحوار والتفاهم بين الزوجين. الحوار يبدأ بالضعف والوهن بعد الانغماس في العمل لتأمين متطلبات المنزل واحتياجاته، وهنا يظهر الانشقاق في العلاقة بين الزوجين لتقع عليهما مسؤولية ترميم العلاقة بذكاء ومحبة. وأنا لا أعاني الصمت الزوجي في حياتي بل على العكس فعلاقتي مع زوجي أساسها الحوار والحديث والنقاش، ومن دون هذا الجانب المهم لن نستطيع أن نستمر في حياة مستقرة. ويعترض ابراهيم الناصر على أساليب بعض الزوجات في فرض الكلام في بعض الأوقات المخصصة للراحة أو للهوايات العامة، كما تتسع المطالبة ببقاء الزوج داخل المنزل بينما هو محتاج للوجود مع أصدقائه، أو الجلوس في المقهى مثلاً. ويقول: الزوجة تطالب دائماً بأن يكون زوجها معها داخل المنزل وخارجه أيضاً، لذلك نجدها مزاجية غالباً وعصبية تجاه أبسط الأمور، وتبحث دائماً عن وسائل لكي تجعل زوجها مشاركاً معها في مختلف شؤون الأسرة، بينما يكون تعبه في عمله مانعاً لهذه المشاركة في شؤون تخص الزوجة فقط. ولكن المشكلة تكبر حينما تظن الزوجة أن صمت زوجها يحدث لأسباب خارجية تتعلق بوجود امرأة أخرى في حياته، أو بسبب موقف خاص تجاهها، فتعتقد بأنه يدّعي الإرهاق والتعب ليهرب من الحوار وجلسات النقاش. وهنا تسهم الشكوك في هدم الحياة الزوجية، والمطلوب أن تعي الزوجة رغبة زوجها بالصمت لأنه محتاج لهذه الحالة غالباً. أمور خطيرة تؤكد ام محمد الدوسري أن الصمت يؤدي إلى ايجاد الشك في الحياة الزوجية، فيبدو الرجل غامضاً أو يخفي أموراً خطيرة، لذلك يكون المطلوب أن ترتفع دائماً وتيرة الحوار والمناقشة، ولا يتذمر الزوج من أسئلة زوجته، ويجاريها في أحاديثها العامة مثلما يكون المطلوب منها أن تعامله بذات الأسلوب، ليحدث التوافق باستمرار. وتقول: مرت فترة تعرضت فيها لمشكلة صمت زوجي الدائم وعدم حديثه أو سؤاله عن أمور المنزل إلا بطريقة عابرة. وفي هذه الفترة كنت أعاني كثيراً لشعوري أن زوجي يعاني من مشكلة ما، ولا يريد أن يصيبني بالقلق إذا أفضى لي بما يدور في حياته الخارجية. لكن بعد الحوار معه، وامتصاصي لغضبي، استطعت التعايش مع الوضع فترة ثم التخلص منه، ليبدأ الحوار والنقاش والجدل حول الأمور من جديد، ونبدأ بمعالجة مشكلاتنا بجهود مشتركة، وهذا يساعد على متابعة الحياة الزوجية بمنتهى التفاهم والسعادة، فالصمت ليس مفيداً في الحياة الزوجية إطلاقاً. وترى أم فهد أن الزوجة هي المسؤولة عن إشاعة حيوية الحوار في بيتها لكي تلغي الصمت القاتل للعلاقة بين الزوجين. ودائماً تكون الصراحة ضرورية في كل الحالات. وتضيف: تستطيع الزوجة أن تتجاوز الكثير من المشكلات التي تعترضها، من خلال تفهمها للأمور واستيعابها لحجم الضغط الذي يتعرض له زوجها خارج البيت، وهي بذلك تحمي منزلها من الانهيار، وتخلق مساحة للحوار. وكثيراً ما يأتي زوجي إلى المنزل منهكاً ومرهقاً، لا يتحدث إطلاقاً ويستلقي وينام أو يشاهد التلفزيون. وصمته هذا يزعجني بالطبع، ولكن مع ذلك أحاول أن أحدّثه بعد أن يرتاح قليلاً، وأخبره بأن صمته يشعرني بتعبه وإرهاقه في عمله، ويجب أن نعالج أي أمر بالحوار لا بالصمت، وأؤكد له أن صمته يزعجه أيضاً لأنه يخفي وراءه حالات خاصة بحاجة للشرح والبوح بينما الكلام الصريح يجعله يرتاح كثيراً ويجد شريكاً له في كل ما يقلقه، ولا يوجد بالطبع أكثر وفاء وإخلاصاً من الزوجة.