السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعروف أن الاعجاز لا يكون كاملا الا اذا ثبت
العجز أمامه لذلك لننقل محاولة نصراني عامي يحاول بذل المجهود واستخدام التدليس للتغلب على
اعجاز القرآن في اخباره عن
نزول الحديد للأرض
يقول النصراني المشكك
"يتصور المسلمون بأن قرآنهم يحوي معجزات علمية حديثة، وهم في محاولتهم تلك يلوون عنق اللغة العربية ويجعلون القرآن ينطق بما لم يخطر على بال كاتبه، في مثالنا هذا حول المعجزة المزعومة في القرآن بأن
الحديد أتى إلينا من الفضاء الخارجي نجد المحاولة الخائبة من المسلمين مفضوحة تماماً بلا ستر أو أستار، لأن القرآن نفسه ينقضها نقضاً واضحاً، تقول سورة الحديد: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾ [الحديد: 25]"، ويحاول مسلم هذا العصر أن يقول لنا بأن مقصد القرآن بأن
الحديد أنزل من السماء ولم يتكون على الأرض، ولكني يجب أن أتوقف عند آية مشابهة وأفحصها هي الأخرى، تقول سورة الزمر الآية 6: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾، يقول ابن كثير في تفسير الآية: وقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: 6] أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام، ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام: 143].
إذاً من الواضح لنا تماماً بأن هذه الأنعام ليست إلا حيوانات: إبلاً، بقراً، ضأناً، ومعزاً. إذًا لا أؤمن أن {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} تعني نزوله من الفضاء الخارجي إلى
الأرض أو يجب علي أن أؤمن بأن الإبل، والبقر، والضأن، والمعز كلهم قد هبطوا إلى أرضنا من الفضاء الخارجي أيضاً؛ لأن القرآن يقول: {وَأَنزَلَ لَكُم}.
الرد العلمي
الحمد لله وبعد
اذا جاءك مستقبلا نصراني و قال لك " اليوم جرحت عيني" فقل له "لا.... لم تجرح عينك" بل "لقد جرحت جاسوسك "
و هاهو الدليل القاطع " أرسل الملك عيونه الى المدينة" فمادام معنى العين في هاته الجملة هو الجاسوس اذن فقد جرح النصراني " جاسوسه"
كما لا يمكن استبعاد أن النصراني جرح صنبور الماء
وهنا الدليل القاطع " انفجرت العين بالماء".
وبهذا يتضح التدليس الذي لجأ اليه النصراني الملحد فهو أحضر معنى آخر لكلمة "أنزلنا" من
سياق لغوي آخر ويحاول فرضه على آية
الحديد ليصرف اللفظ القرآني عن معناه في السياق الذي ورد فيه.
ولذلك إذا أخذنا كلمة (أنزلنا) فيجب أن نحكم على معناها
من سياق الآية التي وردت فيها ولا نقارنها بآية أخرى وردت فيها نفس الكلمة لأن سياق الآية الأخرى قد يكون مختلف فتختلف معه كلمة (أنزلنا) .قال تعالى ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيد﴾ [الحديد: 25] من أين جاءت الكتب السماوية؟ ألم تنزل من السماء على أنبياء الله إلى
الأرض ألم ينزل الزبور وألواح التوراة على داوود وموسى إلى
الأرض إذن كلمة ﴿أَنزَلْنَا مَعَهُمُ﴾ معناها أنها نزلت من السماء إلى
الأرض وبالتالي فإن سياق الآية يتجه إلى بيان بعض ما انزله الله على عباده من السماء وجاءت ﴿أَنزَلْنَا مَعَهُمُ﴾ معطوفة على ما قبلها لتبين استمرارية الآية في عرض صورة أخرى من صور الإنزال من السماء على
الأرض بعد إنزال الكتاب والميزان...إذن أنزلنا
الحديد معناه هبوطه من السماء.
أما سورة الزمر فالآية تتحدث عن خلق الإنسان ثم جاء ذكر الأنعام: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: 6] إذن سياق الآية تتحدث عن الخلق لذلك (أنزلنا) معناها هنا الخلق.
ولست أدري لماذا ترك النصراني كلمة "أنزلنا" التي
تعني الهبوط الى الأرض التي وردت في نفس الآية فهو سياقها وذهب يبحث عن آية بعيدة ولماذا ترك أكثر من ثلاثمئة آية في القرآن الكريم ورد فيها لفظ " أنزلنا " بمعنى الهبوط
ولم يستشهد بها أم هاته الآيات غير موجودة في القرآن الكريم
قوله تعالى " وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا"
قوله تعالى : " وَلَوْ أَنَّنَا نَـزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى"
قوله تعالى "ولو أنزلنا هذا القرآن على جبل"
وقال تعالى "وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به"
وقوله تعالى" وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ"
.....الخ
الخلاصة
و اذا أردنا التلخيص والاختصار العلمي -الشرح أوردناه للتبسيط بالنسبة للعوام- فاننا نقول
في اللغة : معنى اللفظ يؤخذ من السياق الذي ورد فيه ولا يمكن أخذ معنى للفظ من سياق محدد ورد فيه وفرضه على باقي السياقات الأخرى وهذا معروف لأبسط طالب لغة.
في التفسير: أهم قواعد التفسير في القرآن الكريم أن اللفظ القرآني لا يتم صرفه واستبعاده عن معناه الحقيقي والمباشر الا بقرائن صارفة وبما أنه ثبت لدينا في عصرنا أن
نزول الحديد هو
نزول حقيقي فقد زالت علة صرفه عن معناه الحقيقي الى معنى بعيد لأن بعض المفسرين القدامى لم يصرفوا اللفظ عن معناه الا لعدم استقامة المعنى المباشر ولو علموا أن
نزول الحديد هو
نزول حقيقي ما صرفوا اللفظ عن ظاهره الى معنى بعيد.
ولهذا السبب لم يصرف بعض المفسرين القدامى اللفظ على ظاهره فقالوا: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ..﴾ بمعنى أن الله أنزل
الحديد كما أنزل آدم من السماء إلى الأرض، وهو قول ابن عباس وعكرمة وإليه ذهب الطبري والقرطبي والواحدي.استنادا الى الحديث الشريف أن آدم عليه السلام عند نزل الى
الأرض أنزل معه بعض الأدوات الحديدية فما بالك لو علم المفسرون أن
الحديد كله لا بعضه نزل الى الأرض.
القرآن الكريم...... معجزة المعجزات
لقد أخبرنا القرآن الكريم بإنزال
الحديد وهو من أثقل مكونات
الأرض في مقابل بيان إخراج المواد الأخف من
الأرض نحو السطح في قوله تعالى: ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: 30-32].
القرآن الكريم كتاب الله عز وجل هو آخر رسالة بعثها الله عز وجل لهداية البشرية لا يأتيه الباطل من بين أيديه ولا من خلفه...وقد انتهج القرآن الكريم منهجا فريدا في مخاطبة العقل وهدايته وهي الانطلاق من تدبر بعض المظاهر الكونية والتاريخية وعناصرالكون من جبال وريح وسحاب وبحار وعوالم النبات والحيوان والحشرات لبناء عقيدة التوحيد الصلبة وهذا المنهج الفريد في مخاطبة العقل والوجدان جعل الاشارات العلمية في القرآن الكريم غزيرة ومتنوعة وتشمل جميع المجالات.
والقرآن كلام الله عز وجل معجز في بناءه اللغوي واللغة ليست سوى قالب المعلومات والأخبار فهو معجز في كل شيء أخبرنا به حول تاريخ الأمم وانباء الغيب وعناصر الكون والطبيعة وتشكل السحب والأمطار والبرد ومراحل تخلق الجنين البشري التي وصفها في الآيات الكريمة.
وبهذا الأسلوب المتميز المرضي للعقل والوجدان غزى الاسلام قارات العالم الخمس وأصبح هو العدو الوحيد للمادية والالحاد في الشرق والغرب.