مولده:
شهد حي «الوسط» وهو من احياء الكويت القديمة عام ميلاده وهو عام 1928 أي في عهد الأمير الشيخ أحمد الجابر الصباح الحاكم العاشر لإمارة الكويت.. فقد «فرحان» حنان الأبوة عندما رحل أبوه عن الدنيا ولم يتجاوز الطفل الرضيع الشهر السادس من عمره فذاق طعم اليتم منذ الصغر.
نشأته:
نشأ «فرحان» على غرار ما ينشأ عليه أولاد الأغنياء إذ كان أبوه من «الطواويش»(٭) وبعد أن توفي الأب انتقل إلى كفالة جده لأمه «السيد عمر عاصم» الذي كان يعمل مديراً للمدرسة المباركية آنذاك.
وهذه المدرسة هي أولى المدارس النظامية في الكويت ويرجع الفضل في انشائها [كما ذكر الأستاذ الرشيد في تاريخ الكويت] إلى ثلاثة من الفضلاء في الكويت هم الأستاذ «يوسف بن عيسى القناعي» والشيخ «ناصر المبارك» والسيد «ياسين الطبطبائي» فهم أول من حث على تأسيسها وأول من رغّب الجمهور في الإنفاق في سبيلها وقد كان لآل خالد الكرام أيضا أياد بيضاء عليها لا تقل عن أيادي من سواهم.. وسميت بالمباركية تيمنا باسم حاكم الكويت المشهور الشيخ «مبارك الصباح».
٭٭٭
لما درج «فرحان» في طفولته وبدأت تتفتح أمام عينيه ومن حواليه معاني الحياة ألحقه جده بـ«المباركية» فعاصر أول بعثة تعليمية جاءت للتدريس من فلسطين عام 1936… واستمر يتلقى العلوم على أيدي هؤلاء إلى أن وصل الصف الخامس بيد أنه ترك المدرسة وهو في هذا الصف الذي نطلق عليه حسب نظم التعليم اليوم بالصف الأول المتوسط.
٭٭٭
الاحساس بالفراغ مقبض ومملّ وذاك ما حسّ به فرحان بعد تركه المدرسة ولم تكن ظروف العمل ميسّرة لملء ذاك الفراغ فماذا فعل فرحان؟.. شغفته حرفة حياكة الملابس فتعلّمها على يد اثنين كانا من أمهر الذين احترفوا هذه الحرفة وهما «عبدالمحسن وعبدالوهاب العصفور» اللذان لم يبخلا على فرحان بدقائق هذه المهنة مما ساعده على إتقانها والتفنن فيها فشجعه ذلك على أن يستقل بنفسه فافتتح محلاً لحياكة الملابس بسوق «ابن دعيج».
٭٭٭
رزق فرحان موهبة الخط الجميل فأسند إليه جده «السيد عمر» ما كلّف به من تفصيل الأعلام الكويتية والكتابة عليها ولاسيما بعد استبدال العلم الكويتي بالعلم العثماني وظل فرحان بعد ذلك فترة زمنية يعمل في تفصيل وحياكة الرايات الكبيرة والصغيرة والكتابة عليها ثم انتقل بعد ذلك للعمل في مكتب المرحوم «سلطان السالم» وكيل سمو الأمير الراحل المغفور له «عبدالله السالم الصباح»، وأخيه المرحوم الشيخ «فهد السالم الصباح» واستمر في ذلك العمل لمدة عامين ثم استقال منه لأسباب صحية.
وظل لا يعمل حتى أواخر عام 1951 ثم التحق بوظيفة كاتب «عمّال» في (دائرة الكهرباء والماء) واستمر في ذلك العمل حتى أوائل عام 1960 ولظروف طارئة أيضا استقال ولكنه عاد إلى نفس العمل في عام 1961 واستمر فيه حتى عام 1962 ثم انتقل بعد ذلك إلى وزارة الداخلية وظل يعمل بها إلى أن توفاه الله بـ«لندن» في يوم 1975/1/7 رحمه الله.
٭٭٭
ثقافته:
لم يلتزم فرحان منهاجا معينا لتثقيف ذاته، بل كان يلتهم كل ما تقع عليه عيناه من فروع المعرفة التهاما عشوائياً.. وهذا النوع من القراءات رغم ما يتيح للقارىء حقولا متباينة من التثقيف إلا أنه لا يحدد له اتجاها خاصا لكن فرحان قيض الله له اثنين من اعلام الوقت هما الشاعران «فهد العسكر» وخال فرحان الاستاذ «أحمد السيد عمر» استطاع عن طريقهما أن يجد ذاته المبعثرة على صفحات الكتب المتباينة ولم شتاتها ويوجهها إلى حقول الفن القصصي.
قال عنه الأستاذ «سليمان الشطي» في مقدمة مجموعته القصصية «الصوت الخافت»: قرأ كاتبنا القصص المشهورة في ذلك العهد مثل «في سبيل التاج» و«ماجدولين» للمنفلوطي.. وبعدها اتجه لكتابة القصص والمقالات حيث اخذ ينشر في مجلة «البعثة» ومجلة «الكويت» و«الفكاهة».. وإلى هذه الفترة يعود انتاجه القصصي حيث أخذ يواصل الكتابة.
وقد كان أول كتاب يطبع في هذا الموضوع قصته «آلام صديق» بيد أنها خيبت ظنه وجعلته يقتنع بعدم جدوى نشر مثل هذه الأعمال.
ولقد عاد مرة أخرى ينشر القصص المختلفة بعد أن صدرت مجلة «البيان» التي تصدرها (رابطة الأدباء في الكويت) تحت الحاح هذه الرابطة عليه.
ولاشك أن فرحانراشدالفرحان تصدق عليه كل الملاحظات التي توجه إلى الذين تحملوا بدايات هذا الفن وإذا كان فنه قد توقف عند حد معين، فإن ريادته ستنال حقها من التكريم، وأنه ليستحق كل اهتمام بعد أن تحمّل عناء البداية الصعبة.
٭٭٭
وقال عنه الدكتور «محمد حسن عبدالله» في كتابه «الحركة الأدبية والفكرية في الكويت»: رصد للفرحان كتابان، أولهما «آلام صديق» وقد نشر سنة 1950 وثانيهما «سخريات القدر» وقد نشر سنة 1972، على الرغم من أن غلاف الكتاب الأول قد بشّر بالكتاب الثاني الذي انتظر اثنين وعشرين عاما. وباستثناء «آلام صديق» التي ظهرت في كتاب مستقل، نذكر أن الفرحان كتب ست عشرة قصة هي كل نتاجه، الذي بدأ سنة 1950، وقد اشتمل كتابه «سخريات القدر» على اثنتي عشرة قصة، نشر منها تسع قصص في مجلة «البيان» قبل ضمها للكتاب (وقد نشرت بين أبريل 1966 وسبتمبر 1968) وأضاف إلى كتابه ثلاث قصص لم يسبق نشرها بالصحف هي: الليالي الحمراء- في سبيل الشرف- تحيا العدالة.
وأهمل أربع قصص مما نشر بالصحف فلم يشملها الكتاب وهي أول ما كتب، ونشير إلى أماكن وتواريخ نشرها:
-1 من الشارع (البعثة- يونيو 1950).
-2 مهازل الحياة (الكويت- اغسطس 1950).
-3 حياة عناء (البعثة- اكتوبر 1950).
-4 طول انتظار (الكويت- ديسمبر 1950).
٭٭٭
وبعد موته بأسبوع استضافت المذيعة «نداء النابلسي» الأستاذ «عبدالله خلف» في أمسية ثقافية وكان «الفرحان» أديبنا الراحل هو موضوع الأمسية أعدتها الكاتبة «ليلى محمد صالح».. وفيها أضاف الأستاذ «عبدالله خلف» بخصوص «الفرحان» أنه بجانب اهتماماته القصصية كتب القصيدة الغنائية وله في الإذاعة الكويتية تسجيلات لبعض قصائده الوطنية.
٭٭٭
ولكي أؤكد أن الريادة في القصة هي للراحل فرحانراشدالفرحان ادعو الباحث ليتعرف على قصة الطباعة في الكويت.. فسيجد أن أول مطبوع أدبي أخرجته مطابع الكويت هو «آلام صديق» لـ«فرحان راشد الفرحان» وهذا موثق لدى إدارة المعلومات والأبحاث بوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ففي صفحة 165 من عدد مجلتها الصادر في فبراير 1986 مكتوب: أما أول مطبوع أدبي طبع في مطبعة كويتية فكان «آلام صديق»، وأكدت ذلك مجلة «البعثة» التي أصدرها بيت الكويت في القاهرة تحت إشراف الأستاذ «عبدالعزيز حسين» في البداية ثم الأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري كرئيس للتحرير بعد ذلك في عددها لشهر فبراير عام 1950 عندما كتب «هذا أول كتاب تخرجه مطابع الكويت هو أقصوصة صغيرة كتبها الأديب فرحانراشد الفرحان».