أودي تقدم لغة تصميمية جديدة، وشخصية مميزة في قالب صغير متخم بالتكنوولوجيا الحديثة، تتجسد في تجربة أودي Q2 المميزة
بدأنا تجربة أودي Q2 الجديدة من حظيرة طائرات قديمة في مدينة زيورخ في سويسرا. مكان قد لا يبدو مناسبا لإطلاق سيارة “كروس أوفر” صغيرة. ولكن الحظيرة مزينة من الداخل برسومات فنون الرسم على الجدران في الشوارع العامة، أو ما يعرف “بالجرافيتي”، وهو فن منتشر في صفوف الشباب في أوروبا طبعا. هذه الحظيرة مزودة أيضا بشاشة كبيرة الحجم، تعرض لنا مواصفات السيارة ومقابلات مع مهندسي ومصممي السيارة. من هنا يبدو الأمر وكأنك في سينما السيارات من أحد أفلام هوليوود، ولكن الفارق أننا نستمع إلى الصوت، باللغة العربية، على نظام راديو السيارة. أمر قد يبدو بسيطا، ولكن التجهيزات التقنية المطلوبة لذلك معقدة جدا. إلا أن ذلك أيضا يلخص فعليا شخصية أودي Q2 الجديدة.
فسيارة أودي الجديدة كما يشير اسمها، هي أصغر سيارات الدفع الرباعي لدى الشركة الألمانية. ولكن، وعلى الرغم من حجمها الصغير وتصميمها الخارجي بأبعاده المدمجة، إلا أنها تخفي في داخلها تقنيات متطورة لا تتوفر في العديد من السيارات الأخرى، ليس فقط السيارات التي تنافسها من حيث الحجم والفئة، ولكن في فئات أكبر وأغلى ثمنا بكثير. ويبدو جليا أن أودي تستهدف جيل الشباب بهذه السيارة.
ولكن لنبدأ مع الشكل الخارجي، والذي تدخل معه أودي لغة تصميمة جديدة. إذ تتميز أودي Q2، وعلى عكس شقيقاتها الأكبر بخطوط مستقيمة وزوايا حادة، تنتج في كثير من من الأحيان أشكالا هندسية شبه منحرفة، تظهر في مناطق غير مألوفة مثل شفرات فتحة التهوية الأمامية، والتي تحصل على تصميم مختلف بما يشبه الشكل الثماني، والمنطقة الممتدة تحت النوافذ الجانبية على الأبواب، والتي تبدو كما لو أن أحدا قد قام “باستئصال” جزء من النموذج النهائي للسيارة بسكين حاد
النتيجة سيارة قوية التصميم، بأبعاد مدمجة فعلا (طولها بالكاد يتجاوز أربعة أمتار) ولكنها تبدو على الواقع أطول، وإن كانت أيضا تبدو ذات سقف منخفض، على الأقل مقارنة بسيارات الدفع الرباعي التقليدية. إلا أن هذا السقف يتصل بالجسم في المؤخرة بعمود خلفي (C-Pillar) بلون مختلف، يعطي السيارة شكلا فريدا. هل هذه هي لغة أودي التصميمية الجديدة في سيارات الدفع الرباعي؟ ربما، وبصراحة أتمنى ذلك. إذ أن مثل هذه الخطوط حين يتم وضعها في قالب أكبر مع فئات مثل Q5 أوQ7 ستكون حتما أقوى وأكثر هيبة حتى، مما سيجعلها تتميز أكثر فأكثر. ولكن لا شك في أن أودي Q2 تتمتع بتصميم مميز يلفت الأنظار، يدعمه في ذلك الألوان الشبابية المتوفرة للسيارة، من الأحمر والأصفر والأزرق، والتي تجعل منها سيارة مناسبة ربما لجيل “البوكيمون” الحالي!
في الداخل، ومنذ أن تغلق باب أودي Q2 بصوت “ثمين”، تدرك أنك ربما تجلس في سيارة كروس أوفر صغير الحجم، ولكنها تتمتع بكافة المميزات التي تتوقعها من سيارة تحمل شعار الحلقات الأربعة. أودي صنعت لنفسها اسما في مجال جودة تصنيع المقصورة، وتجربة أودي Q2 تؤكد أنها تسير على نفس خطى شقيقاتها الأكبر. تصميميا، تبدو لوحة القيادة مألوفة لمن جرب طراز أودي A3، بفتحات التهوية الدائرية. ولكنها لوحة مميزة بفضل جودتها، والتقنيات المميزة التي أدخلتها أودي. هناك لمسات شبابية واضحة، من المقاعد التي تتوفر بتطعيمات بألوان مشابهة للون السيارة الخارجي إلى لوحة القيادة والإنارة الداخلية التي يمكن التحكم بلونها ودرجتها، والتي تبدو فعلا… كوول!
هذه التقنيات هي ما يميز تجربة أودي Q2 عن غيرها من السيارات، في فئتها، أو حتى في الفئات الأكبر. فقد أضافت أودي، إلى جانب التقنيات المتقدمة المرتبطة بالسيارات الفاخرة مثل باب خلفي يعمل بالكهرباء وكاميرا الرؤية الخلفية، أنظمة مساعدة متطورة مثل نظام التحذير من حركة المشاة والمركبات وتشغيل المكابح، بل وحتى التوقف التام في السرعات البطيئة، نظام تثبيت السرعة المتكيف، نظام المساعدة على البقاء في المسار، نظام المساعدة على ركن السيارة، والذي يمكنه الدخول إلى مواقف السيارات المتوازية أو العمودية.
إلا أن روعة أودي Q2 تتجلى عند الانتقال إلى التجهيزات الإلكترونية فيها، وأعني فيها الشاشات التي زودت بها السيارة والأنظمة التي تتحكم فيها. من مقعد السائق، تبدو لوحة العدادات، والتي تطلق عليها أودي اسم “القمرة الافتراضية”، أو (Virtual Cockpit) كنت قد جربتها سابقا في طراز أودي A4 الجديد، ولا شك لدي في أنها من ضمن الأفضل حاليا في الأسواق. إذ أنها عبارة عن شاشة كبيرة، تعرض العدادات والمعلومات المختلفة للسيارة، ولكن يمكن للسائق أن يتحكم في ما يعرض عليها من معلومات، واختيار وضعية العرض التي تناسبه، سواء مع عدادات كبيرة أو تركيز مثلا على نظام الملاحة. نظام الملاحة هذا يعتمد على خرائط “جوجل”، وهو بلا أدنى شك النظام الأفضل الذي اختربته حتى الآن بسبب دقته ووضوحه وسهولة استخدامه. كما يمكن للسائق أن يجد المعلومات الضرورية على الزجاج الأمامي عبر نظام عرض المعلومات (HUD) عالي الوضوح والدقة.
طبعا من الممكن أن تشاهد معلومات الملاحة على الشاشة الوسطية في أعلى لوحة القيادة، ولكن هذا سيكون الاستخدام الأبسط لها. فعلي هذه الشاشة، توفر أودي حزمة من الابتكارات التكنولوجية الفريدة. فعبر الاتصال بشبكة الإنترنت (وأودي Q2 تتحول إلى نقطة Wi-Fi متنقلة طبعا) يمكن للسائق والركاب الاطلاع على مجموعة من المعلومات والخيارات الفريدة. فإلى جانب إمكانية تحديث المعلومات عبر الإنترنت، يمكن الاطلاع على رسائل الهاتف الخلوي، الولوج إلى حساب “تويتر”، الاطلاع على آخر الأخبار، حالة الطقس، حركة المرور، إيجاد مواقف السيارات وحتى إيجاد محطات الوقود مع الأسعار التي تبيع الوقود بها. بل ويمكن حتى الحصول على لائحة بالأحداث الفنية والاجتماعية في المنطقة، حركة الطيران في المطارات وجداول القطارات والباصات، بل وحتى متابعة مباريات اليوم ونتائجها!
التطورات التقنية لم تقتصر على المقصورة طبعا. إذ تكشف تجربة أودي Q2 أن الشركة ركزت أيضا على الجوانب الميكانيكية للسيارة. فهناك ثلاث محركات تتوفر للسيارة عند إطلاقها. المحرك الأكبر الذي سيثير اهتمام الغالبية هو محرك 2.0 ليتر مع تيربو بقوة 190 حصانا، يعطي السيارة أداء ممتعا. ولكنه أيضا محرك اقتصادي بفضل استخدامه لتقنية إيقاف الاسطوانات عن العمل، إذ عند السير على سرعات معتدلة ودون الحاجة إلى القوة الكاملة، يقوم المحرك أوتوماتيكيا بإيقاف اسطوانتين من اسطواناته الأربعة عن العمل، لتعود فورا بمجرد الضغط على دواسة الوقود. هذا المحرك، شأنه للمحركين الآخرين، يتصل بعلبة تروس من سبع نسب مع كلتشين من فئة S-tronic، ولكنها علبة جديدة متطورة أحدث من تلك المتوفرة في المحركات الأصغر. كما تتوفر السيارة في هذه الفئة أيضا بنظام كواترو للدفع الرباعي، فيما الطرازات الأصغر تندفع بعجلاتها الأمامية.
لكن الطرازات الأصغر تلك تتميز بمحركات ذكية فعالة. المحرك الأوسط من فئة 1.4 ليتر مع تيربو أيضا، بقوة 150 حصان وعزم دوران يبلغ 250 نيوتن متر، تعطي السيارة أداء ممتازا في هذه الفئة مع تسارع إلى 100 كلم/س في 8.5 ثانية. إلا أن المحرك الذي أثار إعجابي فعلا هو المحرك الأصغر المتوفر للسيارة، وهو من فئة 1.0 ليتر فقط، من ثلاث اسطوانات مع تيربو. تبدو الأرقام متواضعة، ولكن المحرك نشيط جدا، عالي الفعالية، مع 200 نيوتن متر من عزم الدوران، ونظام إيقاف عمل الاسطوانات، لبيبلغ معدل استهلاكه للوقود 5.2 ليتر فقط من الوقود لكل 100 كيلومتر. وكلا المحركين يتوفر مع علبة التروس S Tronic المزودة بكلتشين من سبع نسب أوتوماتيكية.
على الطريق، تبدو تجربة أودي Q2 أشبه ما يكون بسيارة هاتشباك منها إلى سيارة دفع رباعي. صحيح أو وضعية الجلوس أعلى والرؤية ممتازة، إلا أن نظام المقود المتغير، بالإضافة إلى قاعدة السيارة الصلبة ونظام التعليق، تجعل من قيادتها أشبه بسيارة صغيرة. طبعا هذه ليست سيارة رياضية، وبالتالي هناك تمايل للجسم في المنعطفات، ولكن تجربة أودي Q2 كانت في أجواء سويسرية ماطرة جدا، وتماسك السيارة كان ممتازا حتى على السرعات العالية في المنعطفات. ولكن ما لفت نظري فعلا راحة الجلوس التي توفرها السيارة، والتي تنافس – إن لم تكن تتفوق – على سيارات أودي الزخرى الأكبر حجما. الأمر ربما يعود إلى خفة وزن السيارة، ولكن بلا شك هي سيارة مميزة للقيادة في شوارع المدينة لفترات طويلة.
هل هناك من منافس حقيقي لأودي Q2؟ يخطر في بالي سيارة مثل ميني كانتريمان ربما، ولكن أودي Q2 تبدو سيارة جادة أكثر، بتقنيات متطورة تعطيها مكانة مميزة. في أسواقنا مثل هذه السيارات تبدو موجهة لجيل الشباب أكثر، وأولئك الذين سيختارونها سيحصلون على سيارة مميزة، صغيرة الحجم، بشخصية كبيرة تستحق حمل اسم أودي. |
|
|
|