يحكى أنه كان بمدينة بخارى رجل سقّا يحمل الماء الى دار رجل صانع،
ومضى له على تلك الحال ثلاثون سنة. وكان لذلك الصانع زوجة في غاية الحسن والجمال والبهاء والكمال،
موصوفة بالديانة والحفظ والصيانة، فجاء السقّا على عادته يوما و صب الماء في الحباب،
وكانت هي واقفة في وسط الدار. فدنى منها
السقا وأخذ بيدها وفركها وعصرها، ثم مضى و تركها. ف
لما جاء زوجها من السوق قالت له: أني أريد أن تعرفني أي شيء صنعت هذا اليوم في السوق مما يغضب الله تعالى؟ فقال الرجل: ما صنعت شيئا يغضب الله تعالى. فقالت المرأة: بلى والله انك فعلت شيئا يغضب الله تعالى،
وان لم تحدثني بما صنعت وتصدقني في حديثك لا أقعد في بيتك ولا تراني ولا أراك.ـ
فقال:
أخبرك بما فعلته في يومي هذا على وجه الصدق، أتفق لي أنني
كنت جالسا في الدكان على عادتي، اذ جاءت امرأة الى دكاني وأمرتني أن أصوغ لها سوارا وانصرفت،
فصنعت لها سوارا من ذهب ورفعته، فلما حضرت أتيتها به، فأخرجت يدها ووضعت السوار
في ساعدها، فتحيرت من بياض يدها وحسن
زندها الذي يسبي الناظر، وتذكرت قول الشاعر:ـ
وسواعد تزهو بحسن أساور *** كالنار تضرم فوق ماء جار
فـكـأنـمـا والـتـبـر مـحـتـاط بـها *** ماء تمنطق معجبا بالنار
فأخذت يدها وعصرتها ولويتها. فقالت المرأة: الله أكبر لم فعلت هذا الجرم؟
ان ذلك الرجل
السقا الذي كان يدخل بيتنا منذ ثلاثين سنة ولم نر منه خيانة أخذ اليوم يدي وعصرها ولواها؟
فقال الرجل: نسأل الله الأمان أيتها المرأة اني تائب مما كان مني،
فاستغفري الله لي. فقالت المرأة: غفر الله لي ولك ورزقنا حسن العاقبة.ـ
فلما كان الغد جاء الرجل
السقا وألقى نفسه بين يدي المرأة وتمرغ على التراب واعتذر إليها،
وقال: يا سيدتي اجعليني في حل مم أغراني الشيطان حيث أضلني وأغواني.
فقالت المرأة: أمض الى حال سبيلك فإن ذلك الخطأ لم يكن منك
وإنما كان سببه من زوجي حيث فعل ما فعل في الدكان،
فاقتص منه في الدنيا وقيل أن الرجل الصانع لما أخبرته زوجته بما فعل
السقا معها
قال: دقّة بدقّة ... ولو زدت
لزاد السقّا!!!
و أصبح هذا الكلام مثل سائر بين الناس الى الآن.ـ