المتشائمون كيف يعيشون... بقلم الأستاذ
سعد بن جمهور السهيمي(*)
ليس كل إنسان يملك السعادة، وليس هناك من لا يسعى إلى تحقيقها، لكن طرق الوصول إليها مختلفة، ورؤية قاصديها تكون بحسب أهمية ما يسعون للوصول إليه، والسعادة لا يصل إليها المتشائمون لأنهم دائما يعيشون حياة نكدة، تجدهم حزينين في موضع السعادة، وتجدهم متشائمين في وقت هم بحاجة للتفاؤل، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من هذا التشاؤم لأنه أصبح سمة خاصة بهم، فإذا كنت متفائلا بتحقيق النجاح في خطوة عملية سواء كانت مشروعا تجاريا أو مشروعا دعواي فإن أكثر من يقف ضد تفاؤلك هم المتشائمون، لن تفرح وهم حولك، ولن تملك الشجاعة وهم يقفون أمامك، فهم على مر التاريخ مفلسون، وحياتهم كئيبة لا سرور فيها، وفي الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا عدوي ولا طيرة ويعجبني الفأل). والطيرة في اللغة هي التشاؤم، والحقيقة أن طابور المتشائمين أو المتطيرين في زماننا هذا كثر وربما بعضهم لا يعرف خطر هذا التشاؤم أو التطير وحياتهم كئيبة حزينة لا يعرفون للفرح طعما ولا للسعادة أملا، فبعضهم قد يتشاءم برؤية شخص حدث عند حضوره حدث سيئ فيربط كل سيئ بهذا الرجل، فيصبح متشائما منه لأبعد الحدود، وهذا لا ينبغي فما أصابه لم يكن ليخطئه، ولهذا كان علي بن أبي طالب يخوض المعارك وهو يقول:
أي يومي من الموت أفر؟
يوم لا يقدر أم يوم قدر؟
يوم لا يقدر لا أحذره
ومن المقدور لا ينجي الحذر
والإنسان المتشائم لابد أن يعرف أن أموره كلها مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، رزقه مقسوم، وأجله محدود، لا يستطيع أحد أن يحول بينه وبين ما قسم الله له من رزق، ولا أن ينتقص ما كتب الله له من أجل،
وللمتشائمين قصص خرافية فبعض المتشائمين في عصرنا هذا تجده يتأثر بكلمة تقال دون قصد فيجلس يفكر فيها دون أن يتخلص من توابعها، ويصبح متشائما من قائلها لا يريد رؤيته، وآخرون يتشاءمون حتى في كرة القدم بمن يلتقونه قبل المباراة وإذا حدثت الخسارة قال ذلك الشخص وجه شؤم، فيصبح يتضايق إذا رآه والتقى فيه، وبعضهم إذا عرف هذا الأمر يتعمد الذهاب إلى المتشائم ظنا منه أنه يكيده، وآخرون يتشاءمون في الأسهم عند البيع والخسارة بالأشخاص، ويبقى متطيرا منهم أبد السنين، ولا أبالغ إذا قلت إن البعض يتشاءم حتى من ابنه ولا يريد رؤية ابنه لأنه نقل له كم مرة اخبار محزنة فأصبح لا يرتاح لمشاهدته ويقول وجهك كله شر، أما التفاؤل فهو محمود لقوله صلى الله عليه وسلم تفاءلوا بالخير تجدوه). نسأل الله أن يجعلنا من المتفائلين بالخير البعدين عن الطيره والتشاؤم