لحظة خروج الروح وصعودها إلى السماء
الشيخ ندا أبو أحمد
مما لا شك فيه أن ساعة الموت ولحظة خروج الرُّوح من أخطر اللحظات في عمر الإنسان؛ وذلك للأسباب الآتية:
1- لأنها بداية الانتقال من عالم الشهادة المحسوس، الذي عرفه الإنسان وألِفه، إلى عالم كان غيبًا في الحياة الأولى، ويصير محسوسًا في الحياة الجديدة، التي تبدأ بالموت الجسدي، ليحدث للإنسان في عالم البرزخ - لأول مرة - عوالم تختلف كل الاختلاف عن عوالم الدنيا التي عايشها وائتلف أو تنافَر معها.
2- في هذه الساعة - ساعة الموت - يرى ملائكة الله، ويسمع منهم الكلمة الفاصلة النازلة إليه من عند الله تعالى، وهي التي فيها نعيمه الأبدي أو شقاؤه الأبدي.
3- إن ساعة الموت فاصلة بين عمرٍ - مهما طال في عصرنا - فلن يَزيد عن مائة وخمسين سنة، وهو يعتبر صفرًا إذا قيس بآلاف السنين في القبر، وخمسين ألف سنة في الموقف، ثم إلى ما لا نهاية في نعيم لا يُوصَف، أو في شقاء لا يُتصوَّر، ففي هذا العمر القصير جدًّا يُحدَّد المصير بالنسبة للمستقبل اللانهائي، وليس في عمر الدنيا كله يُحدد مصير المستقبل، بل في سنين محدودة منه، وقد تكون أيامًا، وقد تكون ساعة واحدة أو أقل، يتوب الإنسان فيها ويندَم على ذنوبه، ويتضرَّع إلى ربه، ويتخلَّص من مظالمه، فينال رضاء الله عند موته، ويطمئن على مستقبله، يا لها من سعادة في متناول الجميع، ومن مستقبل لانهائي يُحدِّد الإنسان مصيره في دقائق، وصدق الله القائل: ï´؟ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ï´¾ [الأعلى: 10 - 13]؛ (رحلة الخلود؛ لحسن أيوب ص 112 بتصرف).
أحبتي في الله، كل الناس متساوون في الدنيا ظاهريًّا، سواء المؤمن والكافر، والصالح والطالح، فهم يُرزقون ويسيرون ويذهبون ويَجيئون، والله - سبحانه وتعالى - يعطي فيها المؤمن والكافر، والعاصي والمطيع؛ لأنه - سبحانه - يعطيها لمَن يحب ولمن لا يحب، لكن عندما ينزل بهم الموت لا يستوي المؤمن والكافر، ولا المحسن والمسيء، ففي هذه اللحظة، لحظة خروج الرُّوح يظهر الفرقان، ويفترِق الطريقان، ويمتاز الفريقان، فعند خروج رُوح المؤمن يجتمع له الخير كله، ولا ينسى أبدًا هذه اللحظة حتى بعد دخوله الجنة، يقول بعض السلف: "إن العبد المؤمن وهو يتقلَّب في نعيم الجنة لا ينسى طعمَ وحلاوة بِشارة مَلَك الموت له عند خروج الرُّوح، ونقيض ذلك للعاصي والكافر.
وصدق الله - عز وجل - حيث قال: ï´؟ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ï´¾ [الجاثية: 21].
الالوكة الشرعية