الصدق:
تحدثنا عن صدق النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته وبعد بعثته في مقالاتٍ مضت، ويكفينا أن نذكر بما اتصف به قبل البعثة بين قومه: "الصادق الأمين"، ورأينا قول (قيصر) ملك الروم (لأبي سفيان): "أنه إذا كان يوصف بينكم بالصادق، فما كان ليصدق الناس، ويكذب على الله"، وننهي حديثنا عن تلك الصفة الملازمة له والتي شهد له بها الشرق والغرب بقوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا))[1].
الجود:
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جَوَادًا، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وذلك بشهادة من أصحابه؛ حيث قال ابن عباس: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجودُ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة"[2]، وقال أنس: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، وقال: جاء رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أسلموا؛ فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة"[3].
ولأنه صلى الله عليه وسلم جَوَاد؛ فكان دائمًا يتعوذ بالله من البخل، ويعلِّم ذلك أصحابه، فقال سعد بن أبي وقاص: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا هؤلاء الكلمات كما تعلم الكتابة: "اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن نرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر"[4]، وهكذا كان يحث أمته على الجود بالنفس والمال في كثير من أحاديثه.
[1] مسلم.
[2] البخاري.
[3] مسلم.
[4] البخاري. |
|