الحرية
شعر بجفافٍ شديد في حَلْقه، التفت يمينًا ويسارًا، فلم يرَ غيرَ وديانٍ جفَّت فيها المياه، سمِع من بعيدٍ صَفِيرَ صاحبه -
فهو يعلمه علْمَ اليقين - يُلوِّح له بالماء، تصارع العطشُ بداخله مع ذكرياتٍ ما زالت تَعْلَق مرارتُها في حلقه،
كم مرت به الأيام وحيدًا في قفصه، يرى الطيورَ تحوم في الفضاء من حوله، وهو حبيسُ جدرانٍ بلا أبواب!
والآن تنفس الصُّعَداء بعدما غفَل مالكُه عنه ولاذ بالفِرار، توقف العصفور عن التحليق بضعَ ثوانٍ، ثم أخذ القرار:
أن يواصل الفرار؛ فظمأُ الحلْق أهونُ عنده من ظمأِ الفؤاد.
كم تشابكت أسبابُ الخلاف بين الأزواج وزوجاتهم، فلا تستطيع أن تعرِف أيهما المخطئ، وأيهما المصيب،
وإليكم بعضًا من هذه الخلافات:
أزواج وزوجات
1) تزوَّجها وهو يعلم أنها تعمل ولم يعترضْ، بعد الزواج راوَدها على ترك عملها واعدًا إيَّاها منحَها راتبَها بالكامل.
صدَّقته فلم يَصْدُقْها.
2) تعرَّفا في العمل، أقسم لها أنه مُولَعٌ بها، تقدَّم لخِطبتها، فوجئت وهو يحاوِر أباها أنها مجردُ سلعة، يريد أن يحصل عليها
بأقل تكلفة.
3) حمل حقائبَه ورحل لغيرِها بعد زواجٍ دام ربعَ قرنٍ من الزمان، سألتْه عن السبب فردَّ قائلًا:
• هاجم الشَّيبُ زواجَنا، كما هاجم شَعَراتٍ من رأسِكِ.
4) تزوجتْه وهي تعلم عنه القسوةَ والحِدَّة، أعمتْها مزاياه المادية، ظنَّت أنها ستُغيِّر من طِباعه، بعد سنوات من الصراع
تغيَّرت هي، تعلَّمت منه القسوة.
5) تزوجت زواجًا تقليديًّا، كانت تشكو من حرمانِها من الإحساس بلَوْعةِ الحبِّ والاشتياق، بعد وفاته تمنَّت لو عاد الزمان إلى
الوراء للحظاتٍ؛ لتخبرَه كم تهيم به حبًّا، ولا تتحمَّل بدونه الحياة! ولكن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء.
6) اتَّهمها بالتقصير في حقه؛ ذكَّرتْه بأحداثٍ جَمَّةٍ وقفت فيها إلى جِوارِه بتفانٍ وإخلاص، لم يستطعْ أن ينكرَ ما قالته،
اتهمها بأنها تمُنُّ عليه.
7) شمرَت عن ساعدِها استعدادًا للصلاة، وقعت عيونُها على آثار حرقٍ قديم، تذكرتْه عندما أطفأ سيجارتَه في ذراعها؛
لأنها تأخرت في صُنع فنجان القهوة، تنهَّدت وابتلعت ريقَها، ثم حمِدت الله لأن زوجها مات. |
|
|