الخشوع هو الخضوع والانكسار والتذلل لله تبارك وتعالى، وحضور القلب حال العبادة، ويظهر
أثره في الجوارح في تعظيم حرمات الله؛ امتثالًا لأمره، وانقيادًا لحكمه؛ قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
"وأجمع العارفون على أن
الخشوع محله القلب، وثمرته على الجوارح، وهي تظهره"[1].
أهل
الخشوع هم أهل الفلاح، والفوز في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، فالخشوع من أسباب
دخول الجنة، كما جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ))، وذكر منهم
((وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ...))[2].
فكما يكون
الخشوع في الصلاة، فهو أيضًا - في سائر العبادات - استعانة بالله تعالى
وحضور للقلب فيها، وذل له جل جلاله.
من الفوائد والثمار التي يجنيها المسلم الخاشع الأمور التالية:
1- أنه نجاة من النار؛ ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ
مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ))[3]، فليكن لك منهذا الحديث نصيب وافر.
۲- يورث الخوف والرهبة من المولى جل جلاله ؛ مما يكون له الأثر على سلوك العبد.
٣-
الخشوع مظهر من مظاهر الإيمان العظيمة.
4-
الخشوع دليل وعلامة على صلاح العبد، واستقامته، وطهارة قلبه وسلامته.
5-
الخشوع من أسباب دفع العقوبة والعذاب الأليم.
6-
الخشوع في
الصلاة من أسباب قبولها وتعظيم أجرها.
إنَّ مِن أوْلى العبادات لحصول
الخشوع فيها الصلاةَ، فالخشوعُ فيها إنما يحصل لمن
فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما سواها، وآثرها على غيرها، وحينئذٍ تكون راحة له
و قرة عين، فيحصل له فيها من الفوز والفلاح ما تقر به عينه.
وهناك أسباب أخرى للخشوع في
الصلاة منها:
1- الاستعداد للصلاة والتهيُّؤ لها، ويحصل بالتبكير لها، وإحسان الوضوء، والذكر، والاعتناء بالسواك.
2- الطمأنينة في
الصلاة وعدم العجلة، سواء في أقوالها، أو أفعالها.
3- تدبُّر الآيات، وبقية أذكار
الصلاة من تسبيح، وقراءة، ودعاء.
4- النظر إلى موضع السجود.
5- التنويع في الآيات، والأذكار، والأدعية في الصلاة.
6- الدعاء بأن يرزقك الله
الخشوع في صلاتك.
وأسباب
الخشوع كثيرة، وهي مذكورة في عدد من الكتب.
[1] ينظر: مدارج السالكين 1/ 517.
[2] أخرجه البخاري في صحيحه برقم (660) 1/ 133، ومسلم في صحيحه برقم (1031) 2/ 751.
[3] أخرجه الترمذي في جامعه برقم (1639) 4/ 175، والبيهقي في الشعب برقم (775) 2/ 232
وقال عبدالقادر الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول: (وهو حديث صحيح بشواهده) برقم
(7190) 9/ 486، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (4113) 2/ 756.