فئة غالية علينا جميعًا، تعيش بيننا، وتقبع داخل منازلنا، ولا تجد أي اهتمام من المسؤولين الذين اهتموا كثيرًا بمن هم خارج المنازل، وأعطوهم الأهمية القصوى؛ لينعموا مع بقية أفراد المجتمع من خيرات هذا الوطن، بينما تلك الفئة لم تجد من يكافئها؛ لأنها لا تستطيع إيصال أصواتها.. إنهن أمهاتنا ربات البيوت اللاتي يعملن ليل نهار لخدمة أسرهن بكل تفانٍ وإخلاص؛ ليتفرغ الجميع لأعمالهم في خدمة الوطن على أكمل وجه، ودون الانشغال أو المشاركة في تحمُّل مسؤولية أعمال المنزل من تربية للأبناء، وإعداد للأطعمة، والمحافظة على النظافة.. فالطالب والموظف ورجل الأمن والتاجر وغيرهم، ممن يذهبون إلى أعمالهم، ويقضون فيها الساعات الطوال، يعودون إلى منازلهم، ويجدون سُفَر الطعام قد جُهزت بما لذَّ وطاب، وغرفهم قد نُظفت وبُخرت بأنواع مختلفة من البخور والعطور.. ربات البيوت (أمهاتنا) يعملن دون كل أو ملل طوال أيام الأسبوع، ودون تدخُّل أو توجيهات أو رقابة من أحد، وبعضهن قد تجاوزن الخمسين والستين من أعمارهن، ولم يتمتعن بإجازة طوال هذه الفترة، ولم يتذمرن أو يتنازلن عن أعمالهن الموكلة لهن إلا عندما ينهكهن المرض.
إن هذه الفئة الغالية علينا يتطلعن إلى أن يشملهن نظام المساعدات الذي تقدمه الدولة -رعاها الله- لأبناء وبنات هذا الوطن العاطلين عن العمل كحافز وبدل غلاء المعيشة الذي يصرف لجميع فئات المجتمع إلا هن، وغير ذلك من المساعدات؛ فهن أجدر بالاهتمام من غيرهن نظير ما قدَّمن من جهد ورعاية على حساب صحتهن وراحتهن؛ فلهن الفضل الأول بعد الله في تقديم الأجيال تلو الأجيال الذين انخرطوا في خدمة الدين ثم الملك والوطن.