إن
تعليقات الآخرين على تصرفاتنا هي الطريقة التي نعرف عبرها انطباعهم عنا،
هذا إن قبلنا الاستماع إليها.
يشير الشاعر روبرت برنز Robert Burns في قصيدته (إلى قملة To a Louse)
إلى أننا لا نرى أنفسنا كما يرانا الآخرون، ويبدو أن هذه حقيقة مطلقة تقريبًا،
فنحن لا ندرك تأثير كلماتنا وتعبيرات وجوهنا وأفعالنا على
الآخرين غالبًا.
قد تكون نظرتنا عن أنفسنا وغاياتنا وتصرفاتنا مختلفة كليًّا عن نظرة
الآخرين لنا،
فمثلًا عندما يظن أحدنا أنه مضحك أو لطيف، قد يلاحظ أن
الآخرين لا يتقبلون
أفعاله أو كلامه بنفس الطريقة غالبًا.
تخبرنا الأبحاث النفسية أن أحد أهم أسباب الحياة السعيدة الراضية هو امتلاك
علاقات اجتماعية طيبة، وهو ما قد يشكل تحديًا عندما لا نرى أنفسنا بالطريقة
التي يرانا بها الآخرون، فقد لا ندرك طرق رفضنا للرفقة وإبعادنا للآخرين.
الأشخاص الذين يستمرون بالحديث عن أنفسهم، والذين يلومون الآخرين،
والذين لا يبتسمون، والذين يتذمرون مرارًا، والذين لا يتحملون مسؤولية أفعالهم،
قد لا يفهمون سبب صعوبة بناء روابط مع الآخرين، فهم لا يدركون تأثير أفعالهم
على المحيطين بهم.
إن الطريقة الطبيعية لمعرفة نقاط ضعفك هي ردود الأفعال، فالآخرون يعطونك
معلومات عن انطباعهم عنك، قد يكون ذلك تلميحًا، أو إخبارك بما يزعجهم،
وهذا يسمح لك بتغيير سلوكك وتقوية علاقاتك.
ردود الأفعال هذه قد يعبَّر عنها بطريقة لطيفة ولبقة أو غير ذلك، للأسف تأتي
أكثر
تعليقات الأشخاص على سلوك
الآخرين تجاههم في أوقات الإحباط، وحينها
تكون ردود الأفعال قاسية اللهجة وتتسم بالاتهام، لذلك يصعب تقبلها. ليس أمرًا
سارًّا عندما يخبرك أحدهم أنك تبدو غاضبًا طوال الوقت، حينئذ قد تحرمك استجابتك
من معرفة معلومات مهمة تتعلق بانطباع
الآخرين عن أسلوبك.
توجد طرق عديدة لرفض آراء
الآخرين عنك، منها مقاطعة الشخص أو صدّه،
وعدم أخذ شعوره بعين الاعتبار. أو قد تبالغ بإطلاق الأحكام القاسية على نفسك
مثل: «أنا شخص فاشل، أنا أكره نفسي، أنا أفسد الأمور دائمًا»، ما يدفع الآخر
إلى تهدئتك وعدم التعليق على سلوكك مجددًا لأنك لا تتقبل النقد.
قد تبالغ في الاعتذار، وقد تجادل وتنكر، أو ترد بالهجوم على تصرفات الآخر،
وكلها أمور قد تدفع الآخر إلى الانغلاق على نفسه، ومن ثم تفقد فرصتك
في تقوية العلاقة معه.
قد تتجاهل ردود أفعال
الآخرين وتعليقاتهم وتعدها غير مهمة، وقد ينتهي الأمر
بالآخر إلى إنهاء علاقته بك، في حين أنك لم تعلم بوجود مشكلة أساسًا وتتساءل
لماذا لم يخبرك بوجودها؟ وقد تنهي أنت علاقتك بالآخرين عندما يعبرون عن ردود
أفعالهم تجاه تصرفاتك، فتتجاهلهم أو تنسحب من العلاقة لأنك تراها معقدة
أكثر من اللازم، أو أن هذه العلاقة لن تنجح، أو ببساطة تعد الآخر شخصًا لئيمًا.
عندما يُبدي أحدهم رأيه في أحد تصرفاتك يجب أن تسأل نفسك: هل علاقتكما
مهمة بما يكفي لأن تأخذ رأيه بعين الاعتبار؟ وهل تظن حقًا أنه محق في رأيه؟
وهل تتطلب معالجة المشكلة تغييرًا لا يتعارض مع قيمك ومبادئك؟ وهل الأمر
متعلق بشخص واحد أم أنه صحيح في أكثر علاقاتك؟
يتطلب إنجاح أكثر العلاقات بعض المساومة والتأقلم، لكنك قد تفقد فرصتك
في زيادة الألفة مع
الآخرين عندما ترفض تعليقاتهم وردود أفعالهم على سلوكك.