هذه القاعدة ببساطة تخبرك بشيء هام جداً
وهو أنك وفي سنّ الثامنة عشر، تكون مهتماً للغاية برأي الناس
فيك، منتبهاً لما يقولونه عنك، قلق بخصوص ما يشعرون به تجاهك
وعندما تبلغ سن الأربعين تصبح غير مهتم البتة بما يقوله الناس عنك؛
غير آبِهٍ بآرائهم فيك، ولا يقلقك ثناؤهم أو نقدهم؛
بينما وأنت في الستين تدرك الحقيقة الغائبة،
وهي أنه لا أحد في الحياة كان مهتماً بك
بالدرجة التي كنت تظنّها طيلة حياتك!
إننا كثيراً ما نعطي لرأي الآخرين أكثر مما يستحق،
ونزن أفعالنا بانطباعاتهم، وأنّى للناس أن يعايشوا
ويتفهموا ما نحن بصدد المُضيّ فيه وتحقيقه؟
لو فتّشنا في قلوب الناس لوجدنا عجباً عجاباً؛
فمنهم من برئت نفسه من الأثَرة والأنانية؛
فأحبَّك وتمنى لك التوفيق، ومنهم من أغاظه نجاحك وتفوّقك
وينتظر لك السقطة كي يتشفى فيك، وهناك
من لا يرتاح لمرآك، وآخرون يُطربهم سماع صوتك؛
فهل سترهن حياتك على
ما يبنيه الناس عنك؛ سواء سلباً أو إيجاباً.
أبداً ليس هذا بالأمر الرشيد.
ولكن الخير أن تستمع لما يقال لك، تتأمل في كل نصح
أو نقد أو توجيه، تفكّر فيه جيداً، تُعمل فيه عقلك؛
فإذا عزمت فلا يثنيك كلام أحد، ولا ينال منك تثبيط القاعدين.
لو استمع النبي صلى الله عليه وسلم لمن اتهموه بالجنون،
لما انتشر الإسلام.. ولو قعد حزيناً لمن حمّلوه وِزْر مَن ترك
دينه وخاصم أهله، ما كنّا مسلمين..
ولو توقف الحبيب صلى الله عليه وسلم ليردّ على
من قال إنه شاعر ينْظِم الشعر ويوهم الجهلاء
بأنه كلام رب العالمين، لانتهت حياته صلى الله عليه وسلم وما فعل شيئاً.
لكنه علّمنا صلى الله عليه وسلم أن ننطلق متمسّكين
بثبات عقيدتنا، ورسوخ قِيَمنا ومبادئنا، ولا نستمع لقول من لا يعلم.
إن استقلاليتك العقلية، وتحررك من سيطرة الناس
أمر بالغ الأهمية في تحقيق أحلامك وأمانيك،
ولن يتأتّى هذا؛ إلا إذا كانت معتقداتك وأفكارك،
ومن ثَمّ أحلامك، مبنيّة على أُسس سليمة راسخة
متينة، تعطيك ترياقاً ضدّ حملات التشكيك والاستهزاء والنقد الآتي من الآخرين.
بقعة ضوء: السبيل للارتقاء هو أن تطوّر نفسك
بكلّ السبل الممكنة، ولا تشكو ممن يعمل على منعك
من هذا الارتقاء؛ فقط انظر للأمام.