بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[ اليأس الأبدى لأعداء الإسلام ( بين الماضى والحاضر )]
الأولون من المسلمين هم : من آمنوا من الكفار والمشركين ومن اليهود والنصارى والمجوس والصابئين
رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين ..
آمنوا بوحدانية الله وصدقوا بالرسالة التى نزلت على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
كانوا أهلاً للولاية ونجوماً للهداية وقدوة للأنام وأسوة للإسلام ..
...
صانوا الأمانة التى كلفهم الله وأمرهم بأدائها فى الفروض والحدود والتعاليم والأحكام .
( من صلاة وزكاة وحج وصوم وجهاد فى سبيل الله ومن تحريم للفواحش ما ظهر منها وما بطن وتحريم للإثم والبغى والميسر والزنا والخمر
وأكل الميتة ولحم الخنزير ومن اتباع لحدود الله فى أحكام المواريث والجنايات والحدود والتعازير ومن عدم أكل أموال اليتامى ورمى المحصنات
إلى آخر ما أظهره الله فرضاً ونصاً فى كتابه وسنة رسوله ونبيه ) .
...
قاموا ببلاغ الرسالة إلى كافة البلاد والأمصار وتحملوا أعباءها وشَرَواْ أنفسهم وأموالهم مجاهدين فى سبيلها ..
قاتلوا وقتلوا فى سبيل الله وابتغاء مرضاته .. وبذلوا الأرواح وركبوا إلى الموت أجنحة الرياح وما وهنوا أو استكانوا .
كانوا صادقين فى إيمانهم نازلين على أمر ربّهم دعاة عمليين لدينهم تسبقهم شهرتهم وتتقدمهم فى الأمم هيبتهم وتتفتح القلوب لدعوتهم
قبل أن تتفتح الحصون والبلاد أمام قوتهم وبسالتهم ..
...
بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مثواه :
تولى سيدنا أبو بكر الصديق خلافة المسلمين . ومن بعده سيدنا عمر بن الخطاب . ثم سيدنا عثمان بن عفان . ثم سيدنا على بن أبى طالب .
ومن بعدهم تولى الخلافة : خلفاء من بنى أمية . وخلفاء من بنى العباس . وخلفاء من بنى عثمان .
كانوا نجوماً زاهرة وبحوراً زاخرة وأركاناً للملة ودعائم للشريعة حريصين على حفظ الدين ورد شبهات الزائغين .
كانوا أئمة خيار وفقهاء فى الأمصار دونوا الأخبار والآثار وضبطوا أصول العبادات والمعاملات وميزوا المحللات من المحرمات وأحكموا شرع الله فى الخراج والديات .
كانوا سادة أمجاد صبروا على الغزو والجهاد أعداء الله كانوا يفرون منهم رعباً وفزعاً وترتجف قلوبهم من هيبتهم ذعراً وهلعاً .
فى عهودهم أضفى الإسلام هيبته وجلاله وبسط نفوذه وألقى ربوعه على كافة أرجاء وأنحاء الكرة الأرضية .
...
فى غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه لم يجعل فى بلاد الجزيرة العربية وما حولها للكفر أثراً إلا طمسه ومحاه ولا شركاً من حوله
إلا أزاله ولاحجة باطلة إلا كشفها ودحضها ولا محجة كاذبة إلا حطها ووضعها .
وفى فتح مكة : كان نصر الله المبين والفتح العظيم دخل الناس فى دين الله أفواجاً وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالاً .. وفرح المؤمنون بنصر الله ..
وفى معركة اليرموك : فى خلافة سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه . وبقيادة أسامة بن زيد وأبو عبيدة الجراح وخالد بن الوليد انتصر المسلمون على الإمبراطورية الرومانية
وبسط الإسلام نفوذه وألقى ربوعه على بلاد الشام .. وفرح المؤمنون بنصر الله ..
وفى معركة القادسية : فى خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه . وبقيادة سعد بن أبى وقاص تم القضاء على الإمبراطورية الفارسية وتم فتح
مدائن فارس وبلاد إيران وبلاد العراق والكوفة والبصرة والنجف ونهاوند وجرجان وأذربيجان وغيرها من البلاد والبلدان .. وفرح المؤمنون بنصر الله ..
وفى موقعة ذات الصوارى : فى خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه . وبقيادة معاوية بن أبى سفيان وعبد الله بن سعد بن أبى سرح تم تدمير القوة البحرية للإمبراطورية
الرومانية وفرض المسلمون هيمنتهم وسيطرتهم على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وعلى كافة البحار والخلجان والأنهار وصارت جميعها تحت إمرة وسلطان المسلمين .
وفى موقعة النهروان : فى خلافة سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه . أعاد سيدنا على الأمن والطمأنينة إلى البلاد بعد مقتل سيدنا عثمان
وإيقاد نار الفتنة بين المسلمين وأرسى كيان الدولة وتوحيد الكلمة وقاتل الخوارج والبغاة لعدم احتكامهم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفى فتح القسطنطينية : فى خلافة السلطان العثمانى محمد مراد . قام السلطان محمد مراد ( محمد الفاتح ) بالقضاء على آخر معاقل الإمبراطورية الرومانية
بفتح مدينة القسطنطينية .. وفرح المؤمنون بنصر الله ..
...
{ .. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ .. وَمِن بَعْدُ .. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ .. }
...
تحقق وعد الله بإظهار دين الإسلام على كل ماسبقه من أديان .. وتحقق وعد الله ورسوله بفرحة المؤمنين بالفتوحات العظيمة والإنتصارات المبينة
وبالقضاء على أقوى وأعتى امبراطوريتين فى عالم البشرية واللتان كانتا يبسطان نفوذهما وسلطانهما على كافة أرجاء وأنحاء الكرة الأرضية ..
نحن بالإسلام صرنا خير معشر ... وحكمنا باسمه كسرى وقيصر
وزرعنا العدل فى الدنيا فأثمر ... ونشرنا بين الورى " الله أكبر "
نحن بالإيمان أحيينا القلوب ... نحن بالإسلام حررنا الشعوب
المسلمون الأوائل كانوا جديرين بنصر الله وتأييده .. وجديرين بوعد الله لهم بالفوز العظيم وجنة الخلد والنعيم .. وظل اليأس دائماً وأبداً لأعداء الدين ..
*****
وفى العصور الحاضرة تنازل المسلمون عن أسباب عزتهم وسيادتهم .. وعصوا الله ورسوله ..
فرطوا فى الأمانة التى كلفهم الله بها وأمرهم بأدائها فى الفروض والحدود والتعاليم والأحكام .
غرقوا وانغمسوا فى أحضان المادية وأقبلوا على الدنيا ومتاعها وآثروها على الله ورسوله وجهاد فى سبيله ..
هجروا القرآن وركنوا إلى ظلم البغاة والطغاة واتخذوا اليهود والنصارى أولياء لهم يبتغون العزة عندهم من دون الله ..
ابتغى الحكام شرعاً غير شرع الله واحتكموا إلى قوانين وضعية وسنّوا أحكاماً غير سماوية ولم يعدوا للأعداء ما استطاعوا من عتاد وقوة لملاقاتهم وإرهابهم ..
والغالب من دعاة المسلمين وعلمائهم باءوا بالكتمان وألِفوا الصمت عن بيان ما يخالف ما أنزله الله وشرعه فى كتابه وسنة نبيه فلا يدفعونها ولا يحركون ساكناً لها
حتى أصبح العلم إلى عفاء وعلى خفاء وصار عرضة لمن شاء مما أدى إلى خوض الملحدين فى أصول الدين وتشكيك أهل الضعف فى كل يقين .
وغالب المسلمين ( متعلمين وغير متعلمين ) قد تخاذلوا وتقاعسوا عن نصرة هذا الدين شغلتهم أموالهم
وفتنة أهلهم وأولادهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ( كل منا مكدودٌ فى صَنعته مصدودٌ عن نصرته ) ..
*****
دين الله قد أسلمه أهله وقلّ أنصاره واشتغل عنه أعوانه ..
فاستجرأ الأعداء واللئام ووطئوا ديار الإسلام وأفشوا الترف والإنحلال وخرقوا ومزقوا عن ذوات الخدور حجب الرشاد وهتكوها بالتبذل والتبرج ..
ونفث اليهود والصليبيون شرورهم وسمومهم وقاموا بإذكاء الصراع والإقتتال بين أبناء وشعوب الأمة الإسلامية ..
وقاموا باستقطاب العملاء والأفاقين والمنافقين لتنفيذ ما به يأملون ويتوهمون ..
...
عمّ التفكك والإنقسام بين الأمة .. وانتشر الخلل فى العقول وتفشى الزلل والخبول ..
ورغم التفريط فى الأمانة والتقاعس عن بلاغ الرسالة ورغم ما آلت إليه أحوال المسلمين وما أصابهم من ارتكاس وانتكاس لنصرة هذا الدين
فإن الله سوف يظل ناصر دينه وظاهره .. وسيظل اليأس دائماً وأبدياً لأعداء الدين .