عندما نأتي لنتكلم عن سمات الشخصية النرجسية, فلا بد أن نذكر ان –الأنانية- تمثل السمة المحورية الأساسية التي تتمركز حولها وتنطلق بقية السمات.
فالنرجسي عاشق لنفسه متيم بها يرى أنه الأفضل والأحسن والأجمل والأذكى.. يرى الناس أقل وأدني وأبعد من أن يكونوا منافسين له في شيء ولذا فهم ليسوا جديرين بأي شيء فهو الأجدر والأحق وعليهم أن يخضعوا له وأن يتباروا في إرضائه وأن يتنافسوا في خدمته. أنه يستبيح لنفسه إستغلال الناس وتسخيرهم،ويعتبر ذلك تفضلاً منه عليهم أن يعطيهم الفرصة بيكونوا قريبين منه وفي خدمته، وينكر عليهم حقوقهم وما يستحقونه من أجر أو مجاملة فهم الذين يجب عليهم أن يجاملوه وأن يودوه وأن يهادوه.
والنرجسي ليس لديه مساحة حب للأخرين.. الحب كله موجه لذاته.. ولهذا فهو لا يعطي، وإذا أعطى-وهذا نادر- يطلب إسترداد أضعاف ما أعطاه..كل شيء محسوب لصالحه، فلا ينشغل بالتفكير في الأخرين وفي إحتياجاتهم ولا يأبه لمشاغلهم فهو مشغول بنفسه كل الوقت.
يهتم كثيراً بمظهره، حريص جدا على أناقته، يدقق في إختياره لملابسه، يعتب كيف يبدو في عيون الأخرين، كيف يثير إعجابهم، وكيف يجمعهم من حوله. ولهذا يستفزه التجاهل ولا يحب النقد ويرفض التوجيه ولا يريد أن يسمع إلا المديح وكلمات الإعجاب وكلمات التقرب ويصدق النفاق.
وهو حريص كل الحرص على صحته وبصورة مبالغ فيها، يأكل بحساب وينام بحساب ويمارس الرياضة البدنية لا يستمتع بها وإنما يحافظ أكثر على صحته وليعيش أطول..
ونكرر هو لا يعرف الحب ولا يستطيع أن يحب.. وإذا كان الأباء الطبيعين يتمنون أن يروا أولادهم في حال أفضل منهم، فإن النرجسي هو الوحيد الذي يغار من أبنائه ويدخل في منافسه معهم ليتفوق عليهم ليبدو شابا وأكثر جمالاً وجاذبية وليتمتع أكثر بالشهرة وإقبال الناس عليه.. فإحدى مشاكل النرجسي هي الشهرة.. فهو يريد أن يتطلع إليه كل الناس وأن يحاولوا التقرب منه ويجب أن يرى نظرة الإنبهار في عيون الأخرين وأن يروا في عينه نظرة التعالي.. فهو بالقطع مغرور ومتكبر.
ولذا فالتعامل مع هذا الإنسان مزعج ومؤلم.. وهو إنسان كريه رغم إعتقاده بإعجاب الناس به.. فالإنبها يكون بالقشرة ولكن الحقيقة أن في داخلهم جميعا نفورا منه ورغبة في تحاشيه والإبتعاد عنه وعدم رؤيته أو التعامل معه.
النرجسي مطلوب منك أن تنافقه وإلا..
مطلوب منك أن تترك له القيادة وإلا..
مطلوب منك أن تتفانى في خدمته وإلا..
مطلوب منك ألا تتوقع إمتنانا أو أجراً وإلا..
مطلوب منك أن تتحمل النقد الساخر وإلا..
مطلوب منك كل ذلك وإلا.. فالأفضل لك أن تبتعد.. إستمرارك معناه شيء واحد وهو أنك مازوخي النزعة تحب الإستعباد والتدني والقهر وسطوة وسيطرة الأخرين…
إبتعد ولا تقترب.. زامل ولا تصادق.. تفهم ولا تستفز.. عالج ولا تعاقب.. لا تنقده ولكن وجهه برفق، لا تتحد غروره ولكن حرك الجوانب الإنسانية في شخصيته.. لا تقلل من قدره ولكن إمتدح فقط مناطق القوة في شخصيته.. لا تسفه أراءه ولكن بادله الرأي بموضوعية.. لا تتوقع منه كثيراً حتى لا تحبط.. لا تنتظر حباً مقابل حب ولكن إجعله يثق بصدق مشاعرك نحوه ليستجيب لنصائحك.. كن حازماً إذا تخطى الحدود اللائقة في التعامل معك. لا تتفق مع الأخرين لتتحدوا ضده ولكن تعاونوا على دفعه إلى التعاون البناء بدلا من العزلة والتنافر
من كتاب “كيف تصبح عظيماً؟”
لـ د. عادل صادق