الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فليالي العشر الأواخر من رمضان هي أفضله؛ لأن فيها ليلة القدر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)؛ متفق عليه.
ولأن العبادة فيها من خير العبادة في ألف شهر؛ ولكي تتحقق الاستفادة منها كانت هذه النصائح العشر لعلها تُعين بعد توفيق الله سبحانه على حُسن الاستفادة من ليالي العشر.
1- أخلِص لله تمامًا، واتِّبع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلن يُقبَل أيُّ عملٍ بدونهما، قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]؛ أي: المخلصين، وقال عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف فيها طلبًا لفضيلة ليلة القدر، فاقتدوا به صلى الله عليه وسلم، وأحيوا سُنة الاعتكاف؛ قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر، شدَّ مِئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهلَه؛ رواه البخاري.
2- ادعُ الله كثيرًا بالتوفيق والإعانة، فأنت ضعيف بدونها؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [هود: 88].
3- تذكُّرك للموت، وأنك قد لا تدركها مرة أخرى - يدفعك لزيادة الاجتهاد في العشر؛ قال سبحانه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26].
4- لا تُعجبك نفسُك بأي عمل وفَّقك الله له، وتذكَّر قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 60، 61].
وتذكَّر قوله صلى الله عليه وسلم فيها: ((هم الذين يصومون ويُصلون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألا يُقبل منهم))؛ رواه الترمذي.
5- لا تشغل نفسك ولا غيرك برُؤى ليلة القدر، واعلم أن من قام العشر كلها فقد قام ليلة القدر.
6- إيَّاك أن تنشغل في لياليها بالأسواق أو القنوات، أو أي شاغل عنها، فهذا تفريط وحرمان.
7- لا تحرِص على العبادة في ليلة سبع وعشرين ثم تُقصر في غيرها، فهذا عمل الكسالى.
8- تذكَّر أن الصحيح أن ليلة القدر متنقلة في ليالي العشر، وهي غير ثابتة في ليلة واحدة.
9- لا تُلزم نفسك بالعمرة في ليلة سبع وعشرين لثلاثة أسباب؛ هي:
أ- لأن ليلة القدر غير ثابتة فيها.
ب- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، وهذا يعم أيَّ يومٍ من الشهر.
ج- لأنه في هذه الليلة زحامًا شديدًا، لا يتحقق معه الخشوع، بل ينشغل المعتمر بمدافعة الناس عن نفسه وعمن معه.
10- اسأل ربَّك سبحانه القبولَ، واخشَ من المحبطات ومنقصات الأجر؛ مثل: الرياء والسمعة والإعجاب.
تأمَّل كثيرًا في عمل نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، فقد قاما بعمل عظيم جدًّا تتضاءل أمامه جميعُ الأعمال، فما هو؟
هو بناء الكعبة، ومع ذلك قالا بعد انتهائهما من بنائها بكل إخلاص وتواضع وخشية: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].
حفِظكم الله، وتقبَّل منَّا ومنكم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.