من الصحابة
العرباض بن سارية
رضى الله تعالى عنه
من هو ؟
العرباض بن سارية السلمي صحابي جليل ، من أعيان أهل الصفة ، سكن حمص .
و هو أحد البكائين الذين نزل فيهم
قول الله تعالى
{ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ }
[التوبة: 92] .
مواقف العرباض بن سارية مع النبي :
يروي موسى بن سعد عن عرباض بن سارية قال :
كنت ألزم باب رسول الله في الحضر والسفر ، فرأينا ليلة ونحن بتبوك وذهبنا لحاجة
فرجعنا إلى منزل رسول الله وقد تعشى ومن عنده من أضيافه ورسول الله يريد أن يدخل في
قبة ومعه زوجه أم سلمة ،
فلما طلعت عليه قال :
( أين كنت منذ الليلة ؟ )
" فأخبرته ،
فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني فكنا ثلاثة كلنا جائع ، نعيش بباب النبي ،
فدخل رسول الله البيت فطلب شيئاً نأكله فلم يجده، فخرج إلينا
فنادى بلالاً :
( يا بلال ! هل من عشاء لهؤلاء النفر؟ )
" قال : لا , والذي بعثك بالحق لقد نفضنا جربنا وحميتنا !
قال صلى الله عليه وسلم :
( انظر عسى أن تجد شيئًا )
، فأخذ الجرب ينفضها جرابًا جرابًا فتقع التمرة والتمرتان حتى رأيت بين يديه سبع تمرات
ثم دعا بصحفة فوضع فيها التمر ، ثم وضع يده على التمرات وسمى الله
وقال صلى الله عليه وسلم :
( كلوا بسم الله ) ..
فأكلنا، فأحصيت أربعة وخمسين تمرة أكلتها ، أعدها ونواها في يدي الأخرى ،
وصاحباي يصنعان ما أصنع وشبعنا، وأكل كل واحد منهما خمسين تمرة ،
ورفعنا أيدينا فإذا التمرات السبع كما هي !
فقال صلى الله عليه وسلم :
( يا بلال ! ارفعها في جرابك فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل شبعًا )
فبتنا حول قبة رسول الله ، فكان يتهجد من الليل فقام تلك الليلة يصلي،
فلما طلع الفجر رجع ركعتي الفجر، فأذن بلال وأقام ، فصلى رسول الله بالناس ،
ثم انصرف إلى فناء قبة ، فجلس وجلسنا حوله فقراء من المؤمنين عشرة ،
فقال صلى الله عليه وسلم:
( هل لكم في الغداء ؟ )
قال عرباض : فجعلت أقول في نفسي أي غداء ؟ فدعا بلالاً بالتمرات
فوضع يده عليهن في الصحفة
ثم فقال صلى الله عليه وسلم:
( كلوا بسم الله ) ،
فأكلنا والذي بعثه بالحق حتى شبعنا وإنا لعشرة ثم رفعوا أيديهم منها شبعًا وإذا التمرات كما هي !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لولا أني أستحي من ربي لأكلنا من هذه التمرات حتى نرد المدينة من آخرنا )
، فطلع غليم من أهل البلد فأخذ رسول الله التمرات بيده ،
فدفعها إليه ، فولى الغلام يلوكهن .
أحاديث رواها العرباض بن سارية عن الرسول :
روت أم حبيبة بنت العرباض بن سارية عن أبيها أن رسول الله نهى يوم خيبر
عن لحوم كل ذي ناب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير وعن لحوم الحمر الأهلية
وعن المجثمة وعن الخليسة وأن توطأ الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن .
وعن جبير بن نفير عن العرباض بن سارية عن رسول الله
كان يصلي على الصف الأول ثلاثًا وعلى الثاني واحدة .
وروى أبو رهم عن العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله وهو يدعو إلى السحور
في شهر رمضان وقال :
( هلموا إلى الغداء المبارك ) .
وعن العرباض بن سارية
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون
فيقول الشهداء :
إخواننا قتلوا كما قتلنا ,
ويقول المتوفون على فرشهم :
إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا ,
فيقول ربنا :
انظروا إلى جراحهم , فإن أشبه جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم ,
فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم ) .
وفي الترمذي :
من حديث عرباض بن سارية أن النبي حرم وطء السبايا حتى يضعن ما في بطونهن .
أثر العرباض بن سارية في الآخرين :
في دعوته وتعليمه
روى أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر ،
قالا : أتينا العرباض بن سارية .
و هو ممن نزل فيه :
{ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ }
[التوبة: 92] ,
فسلمنا ، وقلن : أتيناك زائرين وعائدين و مقتبسين .
فقال : صلى بنا رسول الله الصبح ذات يوم ، ثم أقبل علينا ،
فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ،
فقيل : يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا ؟
قال الله صلى الله عليه:
( أوصيكم بتقوى الله ، و السمع والطاعة وإن عبْدًا حبشيًّا .
فإنه من يعِشْ منكم بعدي ، فسَيَرى اختلافًا كثير .
فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين ،
تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ .
و إياكم ومحدثات الأمور ; فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) .
و يروى عن أبي الفيض أنه قال : سمعت عمر أبا حفص الحمصي قال :
أعطى معاوية المقدام حمارًا من المغنم
فقال له العرباض بن سارية :
ما كان لك أن تأخذه وما كان له أن يعطيك كأني بك في النار تحمله على عنقك فرده .
بعض كلمات العرباض بن سارية :
كان العرباض بن سارية ، يحب أن يُقْبَضَ ، فكان يدعو :
" اللهم كبرت سني ، ووهن عظمي ، فاقبضني إليك " .
وفاة العرباض بن سارية :
قال محمد بن عوف : كان قديم الإسلام جدًّا ،
وقال خليفة : مات في فتنة ابن الزبير ،
و قال أبو مسهر : مات بعد ذلك سنة خمس و سبعين .