لماذا نرى الليلَ محرابَنا الأوحَد؟ الليل هو الفترة التي تكون ما بين غروب الشَّمس إلى طلوعها، وغالبًا ما يكون الليل مطلبًا لراحة الإنسان وهدوئه وتجديد طاقته ونفسيَّته، فدائمًا ما يُواجه الإنسان العديد من [[أنواع-ومظاهر- ضغوطات-الحياة/|الضغوطات]] في نهاره ولا يجد مُتنفَّسًا منها إلا في الليل حين يأوي إلى فراشه ويُداعب السماء بظراته، ولا يحلو حديثه إلا مع [[حقائق- عن-القمر/|القمر]] في حضور النجوم، وقد وجد العديد من الشعراء مُبتغاهم في السكون إلى الليل ووصفه والغياب بين طيَّاته وسكب الكلمات فيه كأنَّها نهرٌ لجيٌّ يتصارع ليُفضي ما في جعبته، وقد تنَّوع وصف الليل ما بين [[تعريف الشعر العربي القديم|الشعر القديم]] والحديث كلٌّ حسب كلماته وألفاظه والجمالية التي لمسها فيه؛ لذلك كان لا بدَّ من اختصاص مقالٍ يتحدَّث عن وصف الليل ويُذكر فيه باقات من الشعر عن الليل ما بين القديم والحديث، و سيكون ذلك فيما يأتي. الليل في الشعر القديم ما هي الأوصاف الكلاسيكيّة التي حفظها التّاريخ من الشعر القديم؟ لا يقتصر حبُّ الليل على زمنٍ من الأزمان، فكما الرجل الشرقيُّ يعشق الليل و سواده وبهاءه وأساراه ومكنوناته فإنَّ للغربي مثل ذلك، وكما الرَّجل القديم استقى كلماته من بين أحضان السماء والثريا، فعل الشاعر الحديث مثله في الابتغاء والاستقاء، فكلاهما في الحبِّ واحدٌ إلا أنَّ طرائق التعبير تختلف، ولا يكون ذلك الاختلاف إلا باختلاف البيئة والظروف والحياة ومتطلَّبات كلٍّ منهما، فالرَّجل الذي كان يرى الليل شبيهًا بخصلات شعر البدوية لم يعد يلمسه ذاك الحديث إذ إنَّه لا بدويَّة تأخذ ألبابه بشعرها، وستتحدث هذه الفقرة بالتحديد عن شعر عن الليل في العصر القديم، وسيكون ذلك فيما يأتي: من أجمل ما قيل في العصر الجاهلي عن وصف الليل قصيدة لامرئ القيس قال فيها: وليل كموج البحر أرخى سدولهُ عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه وأردَف أعجازًا وناءَ بكلْكلِ ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ كأن الثريا علِّقت في مصامها بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى أثرنَ غبارًا بالكديد المركلِ |
|