حكم النقاش في المنتديات في مسائل الشرع ، والتصويت عليها
122964
السؤال
ينتشر في الآونة الأخيرة في كثير من المنتديات
قيام بعض المحسوبين على الالتزام الديني بمناقشة القضايا الشرعية
المختلفة ، مثل لون الحجاب ، وصفته ، وإغلاق المحلات أوقات الصلوات ،
بشكل مفتوح بين عوام الناس . ويبدأ كل واحد يدلي بدلوه بين
مؤيد ومعارض ومتحفظ ، وكأنها مسابقة مثلاً ، بل تصل أن بعضهم
يصف ارتداء أخت مسلمة في كندا للعباءة السوداء ، وتجمع أهل
البلد عليها مستغربين بالمنظر المقزز !! وعندما يرد عليهم
أحد يتهمونه بالتشدد ، والانغلاق ، وعدم تقبل الرأي الآخر ،
ورغم أن أصحاب هذه النقاشات محسوبون على أهل الدين :
غالباً ما تخلو هذه النقاشات من الأدلة الشرعية ،
أو الاستدلال برأي العلماء ، وعندما يناقَشون في الأمر يقولون :
إن هذه مجرد آراء شخصية ، لا علاقة لها بالفتوى ، وما شابه ،
وأصبحت هذه النقاشات مصدراً للتناحر ، والبغضاء بين الشباب الملتزم .
فما هو حكم مناقشة القضايا الشرعية في المجالس المفتوحة
بين الناس ؟ وماذا تقول للقائمين على هذه المنتديات
التي يتم بها مثل هذه الأمور ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
ما جاء في السؤال هو من القضايا المهمة التي ينبغي التنبيه عليها ،
ويمكن أن نقسِّم الأمر إلى مسائل :
المسألة الأولى : النقاش في مسائل شرعية ثابتة بالنص أو الإجماع .
المسألة الثانية : نقاش في مسائل اجتهادية ، أدلتها محتملة ، وفيها خلاف بين العلماء .
المسألة الثالثة : عرض شيء من قضايا الشرع على التصويت .
أما المسألة الأولى : فيجب أن يُعلم أن ما ثبت فيه نص من
القرآن ، أو صحَّ فيه دليل من السنَّة ، أو أجمع العلماء على القول به ،
سواء من مسائل الاعتقاد ، أو من الفقه : فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يشكك فيها ،
ولا أن يجعلها عرضة للنقاش ، لا بين العلماء وطلبة العلم ،
ولا - من باب أولى – بين عامة النّاس ، وإنما يُدعى الناس للعمل
بتلك المسائل ، وتبني ما فيها من اعتقاد .
وأما المسألة الثانية : فكثير من المسائل الشرعية وقع فيها خلاف
بين العلماء ، من حيث أدلتها ، أو الاستدلال بها ، ومثل هذه المسائل
لا بأس بعرضها في المنتديات ليتم النقاش فيها ،
والتحاور حولها ، على أن يكون ذلك وفق ضوابط ، وشروط ،
منها :
1. أن يكون النقاش والتحاور فيها مبنياً على الأدلة وأقوال العلماء ،
لا بمجرد الهوى أو الرأي الشخصي ، فإنه لا يجوز الكلام
في الشرع إلا إذا كان الكلام مبنياً على الأدلة الشرعية.
2. أن يكون الحوار والنقاش بأدب ، وأن يُبتعد عن فحش القول ، وعن التعصب.
3. أن لا تُعطى المسائل أكبر من حجمها ، وأن تعطى المسائل
المهمة الأولوية في البحث ، والنقاش .
وأما التصويت على شيء من مسائل الشرع – وهي المسألة الثالثة –
وفتح المجال لكل إنسان ليقول رأيه فيها : فهو أمر مرفوض ،
والناس فيهم المسلم والكافر ، والطائع والعاصي ،
والعالم والجاهل ، والكبير والصغير ، فكيف تُعرض
أحكام الله تعالى على هؤلاء جميعاً ليصوتوا على
ما يرونه مناسباً أن يكون هو شرع الله ؟!
والأحكام الشرعية لا تثبت بهذا الأسلوب ،
وليس بعدد الأصوات يُعرف الصواب من الخطأ ،
أو الراجح من المرجوح فيها ،
بل يُعرف ذلك بنقاش علمي حول الأدلة التي في المسألة ،
وكيفية الاستدلال بها للتوصل إلى معرفة حكم الله تعالى .
وقد قرأنا في بعض المنتديات : " شارك معنا بصوتك :
هل توافق على التعدد " ! ومثل : " ما رأيك بالنقاب ، وهل تؤيده " !
وإذا نظرنا إلى اختيارات المشاركين وآراءهم ، تبين لنا خطورة مثل هذا الأسلوب ،
فموضوع النقاب – مثلاً – كان من ضمن اختيارات المشاركين فيه :
" تخلف ورجعية " ! " إرهاب وتطرف " ! " استمرار لظلم المرأة " !
" أؤيده لأن النساء منحرفات " !
وهذا الكلام سب وتنقص لأحكام شرعية شرعها الله تعالى ،
وذلك أمر خطير على إيمان من فعل ذلك .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم
المصدر: الإسلام سؤال وجواب