في السنوات الأولى من الحياة الزوجية تشتكي العديد من الزوجات أن حياتها خالية من الحب والمشاعر، ويزداد الأمر تعقيداً عند الملتزمات، فهي تؤمن بأنها ادخرت مشاعرها لزوجها لتكون في الحلال، لكن بعد الزواج لم تجد ما تتمناه، فأصبحت تعتقد أنه لا يوجد حب بينهما، أو أن زوجها اعتاد على وجودها في حياته فأصبح يقطر عليها المشاعر. في الخمس سنوات الأولى من الحياة الزوجية، لا يفهم الزوجين بعضهما البعض، فالمرأة تتعامل مع الرجل حسب ما تقيسه على نفسها، فتقيس حبه لها بمقياس ومفهوم الحب - عند المرأة - فتقرر أنه لا يحبها وفق هذه المقاييس، فتغضب، والرجل لا يتفهم طبيعة غضب المرأة في هذه الحالة، فهو يحبها وهي تداوم على نكران هذا الشعور بالحب، فييأس منها، ويتهرب من التواجد معها قدر الإمكان. جون جراي.. دراسة مفصلة المتخصص الاجتماعي جون جراي له كتاب رائع أنصح به كل فتاة مقبلة على الزواج، بعنوان " الرجال والنساء والعلاقات بينهما" وهو أفضل وأكثر دقة عن كتاب " الرجال من المريخ والنساء من الزهرة ". شرح الكاتب فيه بشكل دقيق الاختلافات الفسيولوجية والنفسية بين الرجل والمرأة، ووضع كيف يختلف كل منهما في التعبير عن الحب، وكيف يختلف كل منهما في مواجهة المشكلات، وكيف يستطيع كل منهما بتفهم الآخر أن يعيش في سعادة.* معظم الرجال لا يجيدون التعبير اللفظي عن الحب، لكنهم قد يجيدون التعبير الفعلي عن الحب، وعلى كل زوجة أن تفهم جيداً إن معظم الرجال اللذين يجيدون التعبير اللفظي، إما أنه ليس الرجل الشرقي المطحون في عمله طوال اليوم، ليعود ليشحن طاقته ليستكمل رحلة الكفاح، بمعنى أنه فارغ الذهن، مرتاح الجسد، لا يعمل، أو أن طبيعة عمله مريحة للغاية، أو أن ليس لديه مسئوليات، وبالتالي نجد أن الشاب في فترة عقد القرآن يجيد التعبير اللفظي عن الحب، لكن بعد الزواج يختفي هذا بعض الشيء، هذا لا يعني أنه لا يحب زوجته، بالعكس، فإن العشرة بينهما زادت أواصر المحبة، لكن تحول الحب من التعبير اللفظي، إلى التعبير الفعلي. الحب اللفظي والحب الفعلي فالرجل عندما يتعب لينفق على زوجته هو يصنع الحب، الرجل عندما ينام آخر اليوم في حضن زوجته هو يصنع الحب، الرجل عندما يقلك إلى السوق وينتظرك هو يصنع الحب، الرجل عندما يأخذك إلى أهلك هو يصنع الحب، وبالتالي تفهم طبيعة التعبير عن الحب سوف تريحك جداً، ولذلك فالرجل الذي يحب زوجته، عندما تخبره أنك لا تقولي لي أحبك، يقولها فترة، ثم ينسى، لأنه يعود لطبيعته كرجل التي تفعل الحب، وبالتالي يجب أن نسعى للتأقلم على طبيعة الطرف الآخر، لا أن نسعى لتغييرها فنفشل لأنها الفطرة، فنيأس ونغضب ونقول لا يحبني! إياكِ واقتحام الكهف! وقد تشكو الكثير من الزوجات أنها قد تجد زوجها مرحاً ضحاكاً مع الأصدقاء، يتناقش معهم في مشاغله وهمومه، لكنه في البيت صامت كسول، مع تفهم طبيعة سيكولوجية الرجل في التعامل معه - أي الزوج - لا نستطيع أن نضع مقارنة بين تصرفاته مع الأصدقاء، وتصرفاته مع الزوجة، فهو مكبل مهموم بمشاغل الحياة، والعمل، ومسئولية زوجة وأبناء، فأصغر مشكلة في عمل الرجل تجعله منغلق منطوي، وهذه طبيعة الرجل كما ذكرها جون جراي، ووصف هذا بأنه يدخل إلى الكهف الخاص به، ولا يريد لأي - امرأة أن تقتحم هذا الكهف - لكنه قد يدخل أقرانه الذكور لأنهم سيتفهمون حالته. المرأة تقيس الأمر بمقياسها، فهي عندما تكون في مشكلة ما تريد الرجل أن يسألها ما بك، وأن تفضفض له، وأن تتحدث وتثرثر، على عكس الرجل، الذي يدخل كهفه ويعالج أموره في صمت، ثم يخرج بعد أن ينتهي الأمر، وهنا فالمرأة قد تحاول دخول كهف الرجل عنوة فيطردها شر طرده، وتترجم بالاختلافات بينهما.* لذلك المرأة الحكيمة تترك زوجها في كهفه مع الرعاية البعيدة، كأن تظل واقفة أمام الكهف إن طلب شيء منها تكون مستعدة، بمعنى أنه يمر بمشكلة مالية مثلاً فيعود من العمل ليأكل في صمت، ثم يشاهد التلفاز بملل، ثم يجلس مع الأصدقاء ويقهقه، ثم يعود لصمته، وينام! هذا طبيعي* الزوجة الحكيمة تسأله كيف كان يومك وفقط، ولا تزيد في الأسئلة، تجلس بجانبه وهو يشاهد التلفاز بلا ثرثرة، تأخذه في حضنها أثناء النوم، وتقرأ له الرقية الشرعية مثلاُ، وإن تحدث هو معها لا تجادله، بل تستمع وتعطي نصائح خالية من النقد.* أما في الغالب نجد الزوجة فور أن يجلسا على الطعام تسأله ما بك، يقول لها لا شيء، ترد لكنك صامت وجهك شاحب، يقول لها لا شيء، تقول له لا تخفي عني هيا قل، فيغضب ويترك الطعام !! حاولت أن تقتحم الكهف! وهكذا لا تجعليه محور حياتك! ومع واقع الحياة في عالمنا العربي حاليا الرجل مرهق، وبالتالي لن يجد الوقت أو الذهن الكافي لهذه الرومانسيات المستمرة، وهنا يأتي التفكير العملي على المرأة بأن لا تجعل زوجها محور حياتها، يجب أن تنشغل بالعمل، وبممارسه الهوايات، وتكوين صداقات، بحيث تجد البديل لمن يهتم بها ويمدها بما تحتاجه من الحب والرعاية بجانب زوجها. وهذه من النقاط الخطيرة جداً عند معظم الزوجات، فقبل الزواج تستمد المرأة ثقتها وقوتها من عدة أعمدة، أسرتها، عملها، صديقاتها، زملاء الدراسة، الأقارب، لكن بعد الزواج، تحصر تركيزها لزوجها، توليه كل الرعاية والاهتمام، في حين أن الرجل لا يتغير بتاتاً في أعمدته، وبالتالي تشعر بالسخط عندما لا تجد الاهتمام المتبادل متساوي، وبالتالي حياتها أصبحت قائمة على عواميد أقل وأهمها عامود زوجها الذي لا يستطيع أن يلبي كل رغباتها المشاعرية والثرثارية، فيسقط هذا العمود وتهوي هي معه!* عدم جعل الزوج محور الحياة لا يعني التقليل من شأنه، نهائياً، لكن الانشغال عنه بعض الشيء يعطي الرجل مساحة من القدرة على التنفس! وبالتالي لا يهرب خارج البيت كثيراً بسبب زوجته، وعلى الرجل أيضاً أن يتفهم جيداً أن المرأة المسلمة الطاهرة التي لم تعطي مشاعرها لرجل قط قبل الزواج، يكون لديها سيل من المشاعر، يجب أن يكفيها إياه، لا أن يكون جزاء حفظها لقلبها، أن يهملها دون قصد. أيتها الزوجة كوني واثقة أن الرجل خاصة في بداية حياته الزوجية لا يكذب ويقول لزوجته أنه يحبها وهو لا يحبها، والأهم أن كثرة زن الزوجة في أذن زوجها بأنه لا يحبها، مع الوقت سيقتنع أنه فعلا لا يحبها وهذا أخطر ما في الأمر، الزوجة الحكيمة التي تردد على مسامع زوجها أنها فخورة أنها التي تملأ قلبه، وأنها تسعده وأنه يعشقها، حتى وإن كانت لا تشعر بذلك، لكن هذا سيرسخ في قلبه ويتحول قولها عنده إلى حقيقة.