ㅤ
أَعْمَالِ الْقُلُوبِ تُضاعف بِلَا حَدٍّ، وَأَعْمَالُ الْجَوَارِحِ تُضاعف إلَى حَدِّ مَعْلُومٌ
يَقُولُ الشَّيْخُ د.خَالِد السَّبْت: أَعْمَالِ الْقُلُوبِ تُضاعف بِلَا حَدٍّ، وَأَعْمَالُ الْجَوَارِحِ تُضاعف إلَى حَدِّ مَعْلُومٌ:وَذَلِكَ لِأَنَّ إعْمَالَ الْجَوَارِحِ مَهْمَا كَثُرَت وَعَظُمَت فَإِنَّ لَهَا وقتًا معلومًا، وحدًا محدودًا؛ الصَّلَاةِ لَهَا وَقْتٌ، وَالزَّكَاة لَهَا وَقْتٌ، وَالصِّيَام لَهُ وَقْتٌ، وَالْحَجّ لَهُ وَقْتٌ.
أَمَّا أَعْمَالِ الْقُلُوبِ: فَإِنَّهَا تَكُونُ حالًا مُلَازَمَة لِلْعَبْدِ فِي صَحْوِه وَنَوْمُه، وَصِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ، وَصَفَائِه وَكُدْرَةٌ، وَفِي جَمِيعِ أُمُورِهِ؛ وَلِهَذَا تُضاعف أضعافًا.
يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ « إنَّ أَعْمَالَ الْجَوَارِحِ تُضاعف إلَى حَدِّ مَعْلُومٌ مَحْسُوبٌ، وَأَمَّا أَعْمَالُ الْقَلْبِ فَلَا يَنْتَهِي تَضْعِيفِهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ إعْمَالَ الْجَوَارِحِ لَهَا حَدٌّ تَنْتَهِي إلَيْهِ، وَتَقِف عِنْدَه؛ فَيَكُون جزاؤها بِحَسَب حدِّها، وَأَمَّا أَعْمَالُ الْقُلُوبِ، فَهِي دَائِمَة مُتَّصِلَة؛ وَإِنْ تَوَارَى شُهُود الْعَبْدِ لَهَا ».
ولنأخذ مثالًا عَلَى ذَلِكَ: الْمَحَبَّة؛ فَمَحَبَّة اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقِرَّةٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ لَا تُفَارِقُهُ؛ قائمًا وقاعدًا، نائمًا ويقظان، مسافرًا ومقيمًا، مسرورًا ومغتمًا.
وَكَذَلِك التَّعْظِيم، وَالْإِخْلَاص، وَالشَّوْق إلَى لِقَاءِ اللَّهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَإِذَا تمكَّنتْ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ قَلْبٍ الْعَبْدِ، وَاسْتَحْكَمَت؛ فَإِنَّهَا تُلَازِمُه وَلَا تُفَارِقُهُ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سموِّ الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ عَلَى أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ.
[ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ لـ د.خَالِد السَّبْت ١ / ٥٤ ]